Saturday  07/05/2011/2011 Issue 14100

السبت 04 جمادىالآخرة 1432  العدد  14100

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في ظني أن الكتابة الاحتجاجية التي شهدتها الصحافة السعودية في الأيام الماضية على التعديلات التي طرأت على نظام المطبوعات والنشر هي في ذاتها تعبِّر عن حرية صحافة تعيشها الصحافة السعودية.. ولأول مرة ربما يكون هناك حديث شفاف

بمثل هذه الطريقة للتعبير عن وجهات نظر لقائمين وكتاب صحافة حول قرار عام تم إعلانه.. وهنا نغبط وضعية الصحافة من ناحية حدود ومساحة الحريات التي تمتلكها..

وفي تحليل شخصي لردود الفعل تجاه مثل هذه التعديلات، لاحظنا أنها انقسمت بين أربع فئات على النحو التالي:

1 - الفئة الأولى هي تلك الفئة التي آثرت الانسحاب من الكتابة أو الصحافة، ورأت أن أفضل طريقة للتعامل مع وضعية الصحافة والنشر هو الانسحاب السلبي.. وهي ردة الفعل الأقوى على القرار.. فانسحابهم أشبه بأعضاء مجالس برلمانية آثروا ترك تلك المجالس والانسحاب منها وعدم الاستمرار في مناقشة الموضوع.. على الأقل علنياً.. وقد جاءت هذه الانسحابات على شكل تقديم استقالات للصحف او رسائل قصيرة لإحاطة معالي وزير الثقافة والإعلام بها.. ولا يعني انسحابهم توقفهم عن الكتابة، فقد وجد الكثير منهم أن فضاء الإنترنت سيكون أكثر رحابة صدر من الكتابة في الصحافة اليومية او الأسبوعية التي كانوا يكتبون فيها..

2 - الفئة الثانية هي تلك الفئة التي انسحبت من الموضوعات العامة والشئون العامة للدولة والمجتمع، وآثرت أن تتناول بالكتابة موضوعات أخرى، البعض منهم بدأ في تبني احتجاج غامض بتناول موضوعات فنية مثل بروفايلات عن فنانات مثل نانسي عجرم وأليسا والباقي في الطريق.. وهذا الانسحاب مبرره أن الحديث والكتابة في الشأن العام من شئون المجتمع سيؤدي إلى تكلفة باهظة على الكاتب والصحيفة.. وقد يضع الجميع في مرحلة خطر حقيقية تجاه تفسيرات النظام..

3 - الفئة الثالثة هي تلك الفئة التي آثرت الجهاد الكتابي والاستمرارية في الدفاع عن حقوق الكتابة والنشر ولكن من خلال الاستمرار في الحضور والتواجد الصحافي والإعلامي.. وقد رأت هذه الفئة أولاً أهمية في استمرار توضيح وجهات النظر بخصوص التعديلات على نظام الصحافة والنشر، وثانياً الاستمرار في الكتابة عن الشأن العام، مهما كانت التفسيرات لها، ومهما كانت التداعيات..

4 - الفئة الرابعة هي تلك التي رأت أن النظام وتعديلاته هي إيجابية بشكلها العام، ولا ترى أي تبرير منطقي على الاحتجاج على القرار، فمعظم التعديلات هي تحصيل حاصل، فهي أمور مدركة ومعاشة يومياً في التعامل مع الصحافة، وهي أمور تفرضها المجتمعات على وسائل إعلامها بحسب ظروف ومستجدات محلية أو إقليمية أو دولية. وهي فئة مؤيدة للقرار بشكله العام..

وهناك فئات أخرى، ولكنها ليست من الداخل الإعلامي، فهي إما صاحبة قرار او هي ذات علاقة بالقرار، او ربما من الأغلبية العامة «الصامتة» في المجتمع التي تنتظر تداعيات مثل هذا القرار على الشأن الصحافي والإعلامي.. ولكن نظل نحن في التقسيمات الأربعة للإعلاميين التي أشرنا إليها سابقاً.. ولربما يجب توضيح بعض الأمور في هذا الخصوص، ومنها:

- ما تعلمناه من مدرسة الإدارة السعودية أن كل شيء قابل للتفكير والدراسة وإعادة النظر.. وهذا ربما ما يراه البعض في رغبة عامة لدى منسوبي الصحافة والإعلام في إعادة النظر في التعديلات الأخيرة التي طرأت على نظام المطبوعات والنشر، والتي لاقت تساؤلات عديدة في الموضوع.. وقد عهدنا المؤسسة السياسية دائماً أنها تستشف ردود الفعل، وتعمل على إعادة النظر والتفكير في بعض الأمور، وخاصة ما يكون له تداعيات عامة.

- وضعية الصحافة لا تزال كما هي عليه قبل القرار، ولم يستجد شيء أو تستحدث تعليمات جديدة.. ولربما أن تفسير النظام هو المشكلة التي وقع فيه كثير من الإعلاميين، فقد رأوا أن أي تناول للشأن العام او لشخصية أو مؤسسة من شأنه أن يعرض الصحافة والكتاب إلى محاكمات محسومة، وخاصة إذا وجد بعض مسئولي الأجهزة التنفيذية بغيتهم في ذلك تحت طائلة بعض بنود هذه التعديلات..

- نحتاج توضيح أن وسائل الإعلام الرسمية في العالم العربي تعاني من أزمة مصداقية وعدم جاذبية لها، وتعاني من الهجرة الخارجية عنها.. وإذا تزامن في الهجرة كل من المتلقي وقادة الرأي العام فسنعيش مرحلة ارتداد خطيرة على مجريات تطور ومصداقية الإعلام الرسمي..

- تحتاج أن تدخل المؤسسات الأكاديمية الإعلامية مثل الجمعية السعودية للإعلام والاتصال وهيئة الصحافيين السعوديين وكليات وأقسام الإعلام وجمعيات ومؤسسات أخرى في صورة الدراسة العامة لأبعاد التعديلات، وبشكل عام في بناء وتطوير الأنظمة الإعلامية في المجتمع.. والعمل على بناء تصور تجديدي بمفاهيم عصرية ووفق ثوابت وطنية واضحة..

رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، -المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية بجامعة الملك سعود

alkarni@ksu.edu.sa
 

نظام النشر بين رباعية الانسحاب والاستمرار
د. علي بن شويل القرني(*)

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة