Monday  09/05/2011/2011 Issue 14102

الأثنين 06 جمادىالآخرة 1432  العدد  14102

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

أستاذ النقاد في ذمة الله (1919 - 2011).. مثقفون وإعلاميون في تأبينه :
عبدالله عبد الجبار اختار العزلة .. ولم يعتزل

 

 

 

 

 

 

 

 

رجوع

 

جدة - صالح الخزمري

عبَّر عدد من الأدباء والشعراء والنقاد عن حزنهم العميق لرحيل الأستاذ عبد الله عبد الجبار، الأديب والناقد الكبير، الذي فقدت الساحة الأدبية بموته أحد أعمدتها، الرجل الذي أدى دوره على أكمل وجه، والذي كانت له آراؤه التنويرية في زمن مبكر.

- بداية عبَّر د. عبد الله باشراحيل، الشاعر والأديب المعروف عن حزنه لفَقْد الراحل قائلاً:

لا شك أن الأستاذ عبد الله عبد الجبار من جيل الرواد العمالقة الذين نبغوا في وقت مبكر.

لقد قدم رحمه الله للوطن الكثير من عصارة فكره، ومَنْ منا لا يعرف كتابه الشهير «التيارات الأدبية»، وغيره من الإبداعات التي ستظل شواهد حية على ما قدّم - رحمه الله - ولا شك أننا نحفظها في قلوبنا وفاء لهذا الرمز من رموز الوطن. لقد كُرِّم - رحمه الله - في مهرجان الجنادرية في عام سابق، وهذا دليل على تقدير قيادة المملكة لدور هذا الرجل وما قدم للوطن.

إننا ونحن نودع عبد الله عبد الجبار من دار الفناء إلى دار البقاء لا يسعنا إلا أن ندعو الله له بالرحمة والمغفرة، وأن يجزيه على ما قدَّم لوطنه خير الجزاء، وأن يسكنه الجنة مع الشهداء والأبرار.

الأستاذ محمد سعيد طيب

قد أكون من أحد القلائل من تلاميذ ومحبي الأستاذ الكبير عبد الله عبد الجبار - رحمه الله - الذين سعدوا بالدخول إلى عالم عزلته المجيدة، والقفز من على أسوار صمته الموجع.

كانت وما زالت ضالتي ومبتغاي غير ما يرتجيه ويبتغيه الآخرون.. يتملكني توق دائم في أن أكسر ذلك الجدار، وأقترب وأدنو من عقله وقلبه وعالمه الخاص.. عالم القيم الأخلاقية النبيلة، وموطن الرأي المستنير الذي يأتي بعد دراسة وتمحيص، وعن إرادة صابرة على إطالة النظر، والتنزه عن التعصب والهوى.. عالم الإباء الصارم في سعة إدراك، وحسن طويَّة، وسمو مقصد، وإصرار على المبدأ.. الإباء المدين والرافض لأي إغراء، والنابذ لكل إغواء في تعال لا يشوبه الكبر، وصراحة لا يخالطها الرياء.

إن الأستاذ الكبير يمثل أول ومضة ضوء ساطعة في ساحتنا الفكرية والثقافية.. تناثرت في إشعاع ينير ولا يعشي، وكان ذلك في بدايات النصف الثاني من هذا القرن.. وتمثلت تلك البقعة في باكورة إنتاجه الفكري (التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية) في جزئه الأول عن الشعر، وجزئه الثاني عن النثر، و(قصة الأدب في الحجاز في العصر الجاهلي)، و(الغزو الفكري في العالم العربي) التي اعتبرها الدارسون والنقاد من أهم الدراسات وأشملها في مجالها، حيث جاءت متفردة في نسيج أدبي رائع مزج الجغرافيا بالتاريخ، والحضارة بالثقافة، والأدب بالسياسة والاجتماع بأسلوب تسجيلي تحليلي موضوعي تنضح حروفه بعشق متجذر للوطن.. إضافة إلى مقالاته ومحاضراته ومقدماته للعديد من المؤلفات التي انتهج فيها أسلوباً متفرداً في الطرح والتناول، جعلها بمنزلة إضافات متعمقة شافية.

وطالما توقفت كثيراً أمام منهج وأسلوب ورؤى وأفكار الأستاذ التي عمد فيها إلى أن يرسخ قيم تأثير الأدب في الحياة؛ حيث لا يتوقف عند حدود إثارة الأحاسيس، بل يمتد بعيداً ليعيد صياغة الحياة نفسها، سمواً بأحاسيس وفكر وسلوك المتلقي والارتقاء به إلى آفاق أرحب وأكرم..

إباء مثقف يدعو إلى مواجهة الحياة.. والتصدي للقبح والتخلف والظلم، بجماليات شفافية التوجُّه إلى رحاب الجمال ومبادئ الحق والخير والعدالة.

إباء مؤمن موقن بأن الحوار تلاقح للأفكار وتفاعل معها، يبدأ من قبول الرأي الآخر ونبذ التعصب وادعاء امتلاك الحقيقة.

إباء واعٍ شمولي النظرة لقضايا الوطن من منطلق مصالحه العليا ومصلحة مواطنه حاضراً ومستقبلاً.

وأكاد أجزم بأننا لم نأخذ من كنزنا عبد الله عبد الجبار - رحمه الله - المسكون بحب هذا الوطن إلا أقل القليل.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

سعود الشيخي

لقد أنابني معالي وزير الثقافة والإعلام د. عبد العزيز بن محيي الدين خوجة في نقل تعازيه وتعازي الوسط الأدبي والثقافي لذوي الراحل عبد الله عبد الجبار رحمه الله.

ولا شك أن الوطن بفَقْده فَقَد أديباً كبيراً وقمة شامخة بقد الراحل عبد الله عبد الجبار، لقد افتقدنا أحد الأعمدة.

بالأمس القريب افتقدنا الأستاذ محمد صادق دياب، ونحن اليوم نفتقد عبد الله عبد الجبار، وهذه سُنّة الحياة، ولا شك أننا متأثرون بفقد الراحل، ومما لا شك أن كتبه هي أبناؤه التي ستحمل اسمه من بعده؛ فهي من العمق بمكان في النقد والأدب، وستظل علامة بارزة في مشهدنا الثقافي. رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.

عبد الله خياط

يُعتبر الأستاذ عبد الله عبد الجبار أستاذ أجيال وصانع أجيال، وله مؤلَّفات منذ وقت مبكر، وقد التقيته في لندن كثيراً حين استوطنها، وكنت أرى الشيخ إبراهيم العنقري وزير الإعلام الأسبق - رحمه الله - يزوره.

الرجل أدى دوره، وألّف وصنع جيل، وكتابه «التيارات الأدبية» من أجمل ما قدم للأدب والنقد.

ولا شك أننا بفقده نكون قد فقدنا رائداً وعَلَماً بارزاً، كانت بصماته واضحة، وقدّم الكثير والكثير لوطنه، ويُعدّ أحد الرواد في الحركة الأدبية في المملكة، وقد تتلمذ على يديه عدد من البارزين.

د. صالح زيّاد

وفاة الأستاذ عبد الله عبد الجبار - يرحمه الله - تعيد إلى الكثير منا ذاكرة مشرقة بهذا الاسم المضيء الذي آثر منذ نحو ثلث قرن الانسحاب والعزلة، وعاش حياة القناعة والزهد صامتاً متفكراً! عبد الله عبد الجبار اسم ثقافي كبير، لا يجهله كل مثقف يُقدِّر صدق الكلمة وسموها، ويحتفل بالعقل والمنهجية. ظهر كتابه «التيارات الأدبية في قلب الجزيرة العربية» (1959م) في وقت لم تأخذ فيه الحركة الأدبية في المملكة وهجها، ولم تتفتق طاقاتها الشابة، وقبل هذا الكتاب رادَ عبد الله عبد الجبار الكتابة السعودية في الميدان المسرحي والسردي من خلال مسرحية (الشياطين الخرس) (1954م)، و(العم سحتوت)، وهي تمثيلية إذاعية عصرية (1954م). وأعتقد أن تكريم مهرجان الجنادرية قبل سنوات لهذا الرائد كان وساماً حقيقياً للمهرجان ودلالة مشعة على إرادة التثمين لأصحاب العقل والضمير من أمثال عبد الجبار. لقد كتبت مرة متألماً على صمت هذا الرائد وعزلته، فمثْلُه قيمة علم ومنهج وتجربة وإبداع، وقيمة تاريخ، وكان حرياً أن نفيد منه وأن نبوِّئه مكان الأسْتَذَة الذي يليق به.

رحم الله فقيدنا الكبير عبد الله عبد الجبار، وألهم أهله وتلاميذه وأهل الثقافة جميعاً الصبر والسلوان، وخلفنا فيه خيراً.

د. أميرة كشغري

لقد اتسمت الثقافة الشعبية السائدة كما رآها الأستاذ عبدالله عبدالجبار في تلك الفترة الزمنية (خمسينيات القرن العشرين) بالجمود والانغلاق اللذين فرضتهما الظروف الموضوعية في الجزيرة العربية، وما ينتقيه الأستاذ عبدالله عبدالجبار من مواضيع حول الثقافة والأدب، والجدل حول العلاقة بينهما يشي بمحاولاته تلمس سبل الخروج بالثقافة من مأزق الجمود والركود إلى أفق أكثر انفتاحاً وتفاعلاً مع ما يستجد في المجتمع، وفي هذا الاختيار تكمن في نظري شرارة التنوير التي يمكن أن تضيء الجوانب المعتمة من جسد الثقافة السائدة وتأخذ بها إلى رحاب التنوير والتغيير حتى وإن جاء الطرح العام للأستاذ عبدالله عبدالجبار يحمل قسمات أيديولوجية محددة، لم تكن على أي حال منفصلة عن الروح السائدة في ذلك الوقت.

جاء في الكتاب توطئة للموضوع الرئيسي، هذا الجانب هو المتعلق بالعوامل التي يرى الأستاذ عبدالله عبدالجبار أنها (المؤثرة في الأدب)، وهي الصحافة والإذاعة والطباعة والتعليم والمكتبات، ثم الرقابة والمنتديات.

بالنسبة للصحافة وأثرها في الأدب يستعرض عبدالجبار في جدول زمني تطور الصحافة، ويُعدّد الصحف في العهد العثماني، ثم العهد الهاشمي إلى العهد السعودي، وكيف أن هذه الصحف جميعها تعكس واقعاً يقول عنه عبدالجبار إنه عجيب بين صحافة العالم؛ فهي ليست صحافة خبر، وهي ليست كذلك صحافة رأي، فالخبر يمنعه الرقيب الصغير، والرأي يقتله الرقيب الكبير.. أما الأخبار الداخلية فقليلة جداً، كأن بيئتنا جامدة ساكنة لا تضطرب بأحداث الحياة، كما تضطرب أي بقعة في العالم بأحداث الحياة.

ثم يستعرض دور الصحافة العربية في التأثير على الأدب، ويستشهد بالأثر البارز للصحافة المصرية في أدباء الجزيرة، الذي تجلى في تفاعل الأدباء في قلب الجزيرة مع ما كان يطرحه الأدباء والمفكرون المصريون المؤثرون فيه.

وإذا انتقلنا إلى مجال التعليم والمكتبات نجد أن أهم ما أضافه فكر الأستاذ عبدالله عبدالجبار هو حديثه حول ما دار من تعنت ومعوقات وممانعة تصل إلى حد التكفير والعقوبة لفكرة تعليم البنات، إلا أنه بالرغم من كل تلك العراقيل نجح العديد من قادة الحياة الفكرية والاجتماعية في الحجاز في تعليم بناتهم، بل نجحوا أيضاً في افتتاح مدارس خاصة لتعليم البنات في مكة والمدينة وجدة، وواصل آخرون المسيرة بإرسال بناتهم إلى المدارس المصرية حتى يتمكنّ من إكمال تعليمهن.

أما بالنسبة لتعليم البنين فإن مدرسة تحضير البعثات كان لها أثر كبير في الحياة التعليمية في الجزيرة؛ إذ إنها أتاحت الفرصة لإعداد أفواج من المتعلمين أكملت تعليمها الجامعي في مصر والدول الأوروبية، وكانت نواة لإدارة الجهاز الحكومي.

المكتبات هي العنصر الرابع من عناصر تقييم الحركة الأدبية في نظر الأستاذ عبدالله عبدالجبار، وفي هذا المجال يسرد تاريخ المكتبات في الحجاز بدءاً من أول مكتبة استطاع رصدها وهي مكتبة قايتباي التي أُنشئت في مكة عام 882هـ. ومن الأمثلة التي أوردها الأستاذ عبدالله عبدالجبار المكتبات العامة التي أُنشئت في مكة في القرن الثالث عشر الهجري مثل مكتبة الشيخ عبدالستار دهلوي ومكتبة الشيخ حسين الشكور أحد مشايخ الجاوة ومكتبة الماجدية ومكتبة الشيخ عبدالله غازي، وأمثلة أخرى عديدة، وكأن الأستاذ عبدالله عبدالجبار يحاول أن يعقد مقاربة بين الأمس واليوم، ويحفز على الاهتمام بالمكتبات وإحياء ذلك التراث العريق.

ولعلنا عندما ننطلق إلى دور الرقيب الذي تحدث عنه الأستاذ عبدالله عبدالجبار فإننا نلامس حقيقة الداء الذي اكتوت به المجتمعات العربية من ممارسة الحجر على الإنتاج الثقافي والأدبي الذي ما برحت المجتمعات العربية قاطبة تعيش في ظله.

لعل اختيار العوامل المؤثرة في الأدب كما رآها الأستاذ عبدالجبار تؤكد شرارة التنوير الكامنة في فكر الكاتب؛ إذ إنه في كل محور من هذه المحاور يدفعنا دفعاً إلى التأمل في ظرفنا الراهن، ويحاول أن يستحثنا إلى الارتقاء على كل محور من هذه المحاور، ولئن بدا أن جُلّ ما قدمه الأستاذ عبدالجبار عبارة عن سرد لوقائع وأحداث تاريخية فإن قيمة الكتاب تكمن في كونه مصدراً مهماً من مصادر التاريخ الثقافي والاجتماعي في بلادنا.

رحم الله فقيدنا، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر وحُسْن العزاء.

فاروق باسلامة

رحم الله الأديب عبد الله عبد الجبار الذي قدّم للأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية خير ما يُقدِّم الكاتب والناقد والمثقف، وقد أحزنني نعيه؛ حيث كان - رحمه الله - من النقاد البارزين الذين أسهموا في كتابة النقد الأدبي للإنتاج الأدبي الشعري والنثري في بلاده.

كلنا يعرف هذه الميزة التي التصقت به وبقلمه ناقداً أو كاتباً أو باحثاً، وكان لذلك أصداء واسعة في الداخل والخارج.

والأستاذ عبد الله عبد الجبار رجل أدرك أن الأدب له رسالة في الحياة الإنسانية والاجتماعية، وهذا ما جعله في مقدمة الريادة النقدية للأعمال الأدبية، وسبق أن ألّف كتباً تُعدّ قمة في النقد الأدبي وروعة في الكتابة البحثية؛ لأنه كان رجل قلم ورجل ثقافة ورجل نقد،

ومن هنا عرفنا التيارات الأدبية التي قدّمها وما فيها من البحوث والدراسات المقالات التي دبجها عبد الله عبد الجبار بفكره وقلمه.

عبد الله الشريف

الحقيقة أننا اليوم بفقد عبد الله عبد الجبار نكون قد خسرنا رجلاً من أبرز رجالات الوطن، الرجل الذي كان له باع في العلم والأدب، ونعرفه من خلال ما كتبه عن النقد، وكتابه يُعَدّ مرجعاً للنقاد حتى اليوم؛ ففيه من الإبداع الشيء الكثير.

رجل خدم بلاده، ونقل أدبها من الداخل إلى الخارج عبر محاضراته في معهد الدراسات في الجامعة العربية، وأسَّس لأدبنا المحلي التواصل مع الآخرين.

وهو أول مَنْ كتب مسرحية وقصة في هذا الوطن، وحاول أن يجعلها مثلاً، وهو الرجل التربوي المعلم الذي عندما كان في التعليم كان متميزاً في أدبه وعلمه، وتلاميذه لم ينقطعوا عنه منذ تدريسه لهم في معهد تحضير البعثات، ومنهم شخصيات مرموقة الآن، منهم د. عبد العزيز الخويطر والشيخ أحمد زكي يماني وغيرهما كثير من الرعيل الأول الذين تتلمذوا عليه، وقد كان بفطرته يجذب الناس إليه.

وقد كان مجلسه حافلاً بالوجوه من الوزراء والشخصيات البارزة في المجتمع ممن تتلمذوا عليه.

أمضيت معه سنوات طويلة، وكان رجلاً تأخذ منه، ولا يبخل بعلم، وكان سلوكه رائعاً، ويسامح، وزاهد في الدنيا، ولا يهتم بها، والمال بالنسبة له إنما يقضي به حاجاته وحاجات قليلة؛ لهذا كان لا يقبل من أحد مالاً مهما عظم، وكان نظيف اليد عفيف اللسان سخي العاطفة، ولم يؤذِ أحداً قط. هذا عبد الله عبد الجبار الذي أعرفه، رحمه الله رحمة واسعة.

حمزة فودة

كلنا نتعزى في الراحل عبد الله عبد الجبار؛ فلقد أساءنا خبر رحيله، الرجل الذي يُعتبر مؤسس النقد الأدبي في المملكة، وكتابه عن التيارات الأدبية من المراجع المهمة في جوانب تاريخية ونقدية وأدبية عدة، جوانب مهمة بالنسبة لتاريخ الأدب السعودي.

ولكن هذا الرجل لم يأخذ حقه من التكريم، غير أن تكريم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله له في الجنادرية كان له وقعه؛ فقد أوفى ووفى.

أما أبرز تلاميذه فهم عدد من الرواد، منهم د. محمد عبده يماني وأسامة السباعي ومحمد سعيد طيب الذين كانوا يترددون عليه.

عاش - رحمه الله - فترة في مصر، وفي تلك الفترة كنت أنا هناك من أجل الدراسة، وكنت أتردد عليه وعلى ندوته. ومع كبر سنه إلا أنه حتى أيامه الأخيرة كانت ذاكرته جيدة، رحمه الله رحمة واسعة.

حسين الغريبي

فقدت ساحتنا الأدبية عَلَماً بارزاً من أعلام الأدب العربي السعودي، ومن كبار الرواد الذين تميزوا بالفكر الثاقب والرأي النقدي النزيه.

رحل أستاذنا الكبير بعد أن ترك إرثاً أدبياً سيظل خالداً في ذاكرة الأجيال، وهل ينسى أحد دراساته الأدبية والنقدية، التي من أبرزها كتابه: التيارات الأدبية في الجزيرة العربية؟

لقد تميز أديبنا الراحل بشخصية المثقف المدرك لدوره التنويري في المجتمع، ومارس هذا الدور منذ أن كان مربياً إلى أن أصبح من مشاهير النقاد والأدباء في العالم العربي. وقد عُرِف بوطنيته الصادقة ووفائه لبلاده وخدمته بإخلاص في سبيل رفعته ورقي أمته؛ الأمر الذي استحق به تقدير ولاة الأمر في بلادنا، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - حيث تم اختياره الشخصية الثقافية في الجنادرية.

رحمه الله، وجزاه عنا خير الجزاء.

محمد إسماعيل جوهرجي

قلوبنا ودموعنا كلها تعزي في هذا الفقيد الكبير الذي من الصعب تعويضه؛ فهو أديب عالٍ وناقد بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، وقد كان له دور في نشر الأدب السعودي للخارج، وكان همزة وصل عندما كان يدرس في المعهد العالي في مصر.

وقد قدّم أعمالاً جليلة جداً، وما كتابه الشهير (التيارات الأدبية)، الذي طُبع مع أعماله مؤخراً إلا شاهد على هذا الإبداع؛ حيث استفاد منها كثير من الشباب.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عما قدّم، وإنني بفقده أعزي الساحة الأدبية كلها، السعودية والعربية، في فقد هذه القمة التي نرجو الرحمة والمغفرة لها.

الشاعر فاروق بنجر

أفتتح بهذين البيتين:

أبكيه هاتف فجر كان طالعه

شمسا محلقة في الفكر والأدب

أب يكلل بالتحنان آلفه

ويصطفيه - حفي البدر - بالكتب

الأستاذ عبد الله عبد الجبار رائد تنويري أديب ومفكِّر وتربوي من جيل العمالقة ومن رواد النهضة، تتلمذ على يده الكثير من الوزراء والسفراء من بناة الدولة الحديثة، وله أدوار رائدة في التربية والتعليم والنقد والأدب حتى أنه لُقّب بشيخ النقاد؛ لأنه كان صاحب البادرة في كتابه (التيارات الأدبية الحديثة) بجزءَيْه الشعر والنثر، الذي صدر عام 1959م، وصدر بعده بقليل كتابه (قصة الأدب في الحجاز)، الذي يؤرخ للفن والأدب في الحجاز منذ العصر الجاهلي إلى العصور الأخرى، وقد أبدع في القصة القصيرة في وقت مبكر في الخمسينيات الميلادية؛ فكتب قصة (ساعي البريد)، وكتب في فن المسرح وفي الرواية (أمي)، إضافة إلى مقالات أدبية وتاريخية وتاريخ الأشخاص وأعلام الفكر والأدب من المراحل المتقدمة، وكتب مقالات كثيرة جُمعت في مجموعته الكاملة.

كان - رحمه الله - رائداً في التعليم، عُيِّن مديراً للمعهد العلمي السعودي في سنة 1366هـ، ثم ذهب للقاهرة في أواخر العام 1368هـ، وعُيِّن هناك مديراً للبعثات وأشرف عليها حتى تخرج أكثرهم، ثم انتقل للندن وطُلب منه تأسيس مدرسة لتعليم أبناء العرب والمسلمين في أوائل الستينيات الميلادية، وكانت هي النواة الأولى للأكاديمية.

كان رائداً في النقد الأدبي، وله أولويات، وله تلاميذه الذين أسسوا أقسام اللغة العربية في عدد من الجامعات. رحمه الله رحمة واسعة.

د. أسامة فيلالي

يُعتبر الأستاذ عبد الله عبد الجبار من رواد الأدب السعودي والعربي والإسلامي؛ فبداية الرعيل في المملكة كان منهم عبد الله عبد الجبار، وله كتابه الشهير (التيارات الأدبية) وقصة (أمي) و(العم سحتوت)، وألّف كتاب المرصاد، وهو بلا شك رائد من الرواد، وكثير من الأدباء خرجوا من تحت عباءته.

كان مدير إدارة البعثات بمكة ثم مدير البعثات بالقاهرة، ومن تلاميذه الوزراء والسفراء والعلماء، من أبرزهم: أحمد زكي يماني ود. الخويطر ود. حسن نصيف وغيرهم كثير من الذين وُلُّوا مناصب في الدولة.

وقد عُيِّن - رحمه الله - عضواً في رابطة الأدب الحديث ومستشاراً لجامعة الملك عبد العزيز ومستشاراً لشركة تهامة أثناء رئاسة محمد سعيد طيب لها.

أقام فترة في مصر ثم في لندن، وأنشأ مدرسة كانت نواة لأكاديمية الملك فهد، وله أنشطة كثيرة.

ويُعدّ أول مَنْ أشار إلى الغزو الفكري، وله كتيب في ذلك، وله بصمات واضحة على الأدب والعلم والفكر في المملكة والعالم العربي عموماً، وقد كانت نظرته إسلامية عربية شاملة، وكان لا يغيب عن نبضه المملكة والعالم العربي والإسلامي.

د. زهير كتبي

لقد فقدت بلادنا هرماً ثابتاً شامخاً متيناً بعقيدته، وهو قامة فكرية وثقافية، خدم اسم بلادنا في وضع أسس وقواعد ومبادئ الكتابة الثورية الفلسفية التي تبني هيكل الثقافة الإصلاحية التنويرية؛ فهو من أوائل مفكري بلادنا ومثقفيها الذين شاركوا وناقشوا ونافحوا من جيل الكبار والعمالقة في الجمهورية العربية المتحدة، وأعني بها مصر العزيزة.

ويُعدّ هذا الرجل من الكبار في الوطن، وقُدّر لي أن أجلس معه لأول مرة في حياتي في صالون الشيخ الأديب والمفكر إبراهيم أمين فودة - غفر الله له - في مصر في عوامة الشيخ الفودة، وأذكر يومها أنه قليل الكلام كثير النظرات.

والحقيقة أن فكر وثقافة عبد الله عبد الجبار لم يُدرسا ولم يُفحصا في أروقة جامعاتنا السعودية ومؤسساتنا الثقافية التي غفلت عنه وعن كل منتجه الفكري والثقافي والسياسي.

هذا الرجل استطاع أن يحجز له اسماً ومكاناً مبرزاً وذا قيمة في قوائم المفكرين والمثقفين العرب، غير أن إعلامنا لم يعطه حقه من الحفاوة والاهتمام والتقدير، ولم يعمل على تسليط الأضواء عليه وعلى كل ما أنتجه ونقله إلى العالم العربي ليعرف أن لدينا رجالاً في قامات الكبار، ولو ذكر عشرة مثقفين في المملكة لجزمت بأن عبد الله عبد الجبار سيحظى بأحد هذه الأرقام، خاصة الخمسة الأوائل.

سيظل هذا المفكر المتنور والمثقف المستنير علامة مميزة في الساحة الأدبية والثقافية في وطني.

رحم الله عبد الله عبد الجبار رحمة الأبرار، وأسكنه الجنة مع الشهداء.

د. رضا عبيد

أعتقد أننا بفقد عبد الله عبد الجبار نكون قد فقدنا رجلاً يُعتبر واجهة مشرّفة للمملكة، وقامة في علمه وما قدم لأمته؛ فجزاه الله خير الجزاء على ما قدم.

لقد ترك تلاميذ يذكرونه بالخير، وقد درسوا واستفادوا من علمه، وترك كتباً تُعدّ مراجع للباحثين في الأدب والنقد.

ومثل هذا الرجل لن يُنسى اسمه من ذاكرتنا؛ لأنه عَلَم، وقدّم الكثير لوطنه، ولم يبخل بعلمه، وكان له مؤلفات في زمن مبكر. نسأل الله له الرحمة والمغفرة.

د. حمزة الشريف

الأستاذ الأديب الناقد عبد الله عبد الجبار قامة أدبية رفيعة المكانة؛ فهو من أوائل رجالات هذا الوطن المعطاء. وقد كُرّم - رحمه الله - في مهرجان الجنادرية عام 1427هـ لجهوده في الأدب والنقد وخدمة طلاب العلم، ولما قدم للمكتبة العربية من فكره (التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية)، الذي أصدره عام 1959م، وما كتبه عن الأم «أمي» وما أهداه إلى الإذاعة «العم سحتوت».

هكذا هي أعمار الأدباء، شموع تحترق ليستضيء الآخرون، وزهور تهدي العبق وتبقى آثارهم خالدة بعد فراق الدنيا.

رحم الله أستاذنا عبد الجبار رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح جناته.

د. عبدالرحمن بن حسن المحسني

ذات ليلة دافئة دفء جدة، وأنا طالب لما أزل أخطو خطواتي الأولى في دراسة الماجستير، كنت بصحبة الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين باتجاه زيارة القامة الكبيرة عبدالله عبداالجبار، كنت أرسم في ذهني صورة كبيرة بحجم كتابه (التيارات الأدبية في قلب الجزيرة)، ولم أكد أصل إلى منزله في مخطط الأمير فواز حتى التقانا قبل عتبة منزله بتواضع العلماء، ووصلنا إلى مجلسه الذي كان مجلس علم تحيط به الكتب من كل مكان. انتظرناه حتى فرغ من صلاة العشاء ثم أقبل علينا.

رجل أخذ منه الزمن فما أبقى، كان الكلام يتفلت من فكره، ونلتقط فكرة من هنا وأخرى من هناك، لكنه كان رحباً ومحباً بكل ما تعنيه الرحابة والحب، يلاطف ويُكرم.. ولن أنسى ما مَنّ به علينا في ليلتنا من رحابة صدر واستماع وضيافة بقي صداها في نفس الطالب الناشئ كبيراً. أخذنا من علمه وأدبه وتواضعه ما أفدت منه وذكرته في رسالتي عن أثر جماعة الديوان في شعراء الحجاز، كما أعطانا من إهداء كتبه، ولم يتركنا إلا عند باب سيارتنا، ولسان حاله يقول:

أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله

ويخصب عندي والمكان جديب

أقدّم هذا الكلام اعترافاً وامتنانا لما يجب أن تُكرم به قامة كعبدالله عبد الجبار، ونقلاً للجانب الآخر لهذه الشخصية الثقافية التي رسمت بدايات الفعل الثقافي في المملكة العربية السعودية.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة