Monday  09/05/2011/2011 Issue 14102

الأثنين 06 جمادىالآخرة 1432  العدد  14102

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

علاقتنا مع بعضنا البعض تحكمها الكثير من القيم والآداب والأعراف الاجتماعية الرائعة والتعاليم الدينية السمحة قبل هذا كله، فنحن نتعايش معها ونلتزم بها رغم أن هناك من بيننا من يحاول جاهداً التمرد عليها إلا أننا في النهاية متفقون على خط عام نسلكه ولا نحيد عنه تتشكل به ثقافة تميزنا عن سوانا. أحد أساتذتي المصريين في الجامعة سابقاً كان يقول لي ولرفاقي: أنا عشت بينكم نحو عشر سنوات لم أعرف من هو «الرجال» المقصود في أحاديثكم أيها السعوديين إلا بعد مرور ثلاث سنوات.

فكنت أصاب بالدهشة عندما أسمع من يقول «خلصت الرجال» أو «وش أخبار الرجال»، بل إني صدمت بعد قولكم «الرجال في الشنطة» أو في «الدرج «أو «في الثلاجة»!! بل بات «الرجال يباع ويشترى» في حوارات البعض منكم!! إلى غير ذلك مما يجعل المستمع في دوامة البحث لاكتشاف «من هو الرجال»؟! والذي لم يكن سوى كناية عن شيء لا تودون أن يعرفه الآخرون فقد يكون «الرجال» «رخصة قيادة أو سيارة أو معاملة تحتاج لإنجاز» فهذه ثقافتكم وأنتم أعلم بها من غيركم. إلا أن صدمة صديقي «كومار» وهو «cameraman» جاء من دبي لمساعدتي في تصوير سلسة قصص تلفزيونية في المنطقة الشرقية كانت أكبر بكثير من دهشة أستاذي الجامعي. فقد لفت انتباهه سراً من أسرار ثقافتنا حين قمنا بتصوير أول «أكاديمية سعودية لتعليم الطبخ للفتيات»، الفكرة الرائعة حيث تُشرف الأستاذة القديرة «نورة المقيطيب» على مطبخ نسائي سعودي 100% تمويل «صندوق الأمير سلطان لدعم مشاريع السيدات» الذي يدرب السعوديات «المقبلات على الزواج» على الطبخ بأنواعه.. وكيفية إدارة وتدبير شؤون المطبخ.. بالإضافة إلى الاستفادة من الطعام عبر تلبية الطلبات الخارجية «للزبائن من الرجال» من خلال شخص واحد في قسم الطلبات يقوم باستقبال وتسجيل هذه الطلبات وتمريرها للفتيات عبر «بوابه خشبية صغيرة» مطلة على المطبخ من ناحية الجدار وبعد إعداد الطلب تقوم الفتيات بوضعه في «الشباك الخشبي الساتر» ومن ثم طرقه «طق.. طق» كناية أن الطلب بات جاهزاً لاستلامه «بنفس تلك الطريقة القديمة في معظم بيوتنا» حين كانت المرأة تطرق الباب الفاصل بين المجلس والمطبخ قبل «انتشار السنترال» أو «لمبة المطبخ» ليسمع «طرقاتها» الرجل ويقوم بإحضار وتقديم واجب الضيافة على اعتبار أن صوت المرأة «عورة» لا يجب أن يسمعه «الرجال الغرباء»، إلا أن الفتيات في هذا المطعم ذهبن إلى أبعد من ذلك بوضع شفرة لهن.. فطرقة واحدة من موظف الطلبات لهن تعني «توصية خاصة بالطلب»!!.. وطرقتان «طق طق» من الفتيات تعني أن «الطعام المطلوب نفذ» ولا يوجد المزيد منه!! ليغير ويكتب طلب جديد بنفس الطريقة، وهكذا يتم التواصل بين موظف الطلبات و»الطباخات» بطرقات معينة على الساتر الخشبي لها دلالات محددة مما جعل «الحاج كومار» يبحلق بعيونه وينظف أذنيه من هول ما رأى وسمع!!

فهو الخبير الذي جاب معظم دول العالم وتعرف على عدة ثقافات مع الكثير من زملائي الإعلاميين ولكن قال لي أول مرة: أجد ناساً يتحدثون بطرقات على الخشب ويتفاهمون بها إنها طريقة فريدة!! اعتقاد منه أننا نحن السعوديون لدينا ملكة لا يجيدها غيرنا!! عبر صوت طرقات الخشب.

ويبدو أن «كومار» لم يفهم السر في «الطقطقة» وأنا أشرح له على مدى 400 كم في طريق العودة للرياض فأخذه النعاس وبدأت في سماع شخيره وهو مستلقٍ قي المقعد!! وعند مرورنا بنقطة تفتيش في منتصف الطريق حاولت إيقاظه ولكنه لم يسمع.. صوتي فضربته على رأسه برفق «طق طق» ليستيقظ.. فنهض وربط حزام الأمان استعدادا للوقوف عند النقطة دون أن أنطق له ببنت شفه.. وحينها ابتسمت وفهمت أنه استوعب الدرس جيدا وصار واحدا منا..

وعلى دروب الخير نلتقي

fahd.jleid@mbc.net
 

حبر الشاشة
«طق طق.. يا ولد»!!
فهد بن جليد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة