Tuesday  10/05/2011/2011 Issue 14103

الثلاثاء 07 جمادىالآخرة 1432  العدد  14103

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

في الوقت الذي بلغت فيه كُلفة عملية تدمير برجي التجارة العالمية 400 ألف دولار فقط، اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية لدفع ملياري دولار في حربها ضد الإرهاب.

بعض التقارير الصحفية صنفت عملية مطاردة بن لادن على أنها «الأكثر كلفة في تاريخ البشرية»؛ كيف لا وقد حَمَّلَت دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من تريليوني دولار. صحيفة ناشيونال جورنال الأمريكية، أشارت إلى أن التكلفة الاقتصادية للقبض على بن لادن بلغت 3 تريليونات دولار خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.

«مؤسسة خدمة بحوث الكونغرس» أشارت إلى أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011 «ما كانت لتقع دون بن لادن، وأن الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق لم تكن لتقع لولا الهجمات المذكورة» وبذلك فإنها تعتقد أن زعيم تنظيم القاعدة «قد كلف دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من تريليوني دولار بصفة مباشرة، بخلاف الكلفة غير المباشرة».

الأكيد أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أشعلت فتيل الحرب في أفغانستان، والعراق أيضًا، ومهما قيل عن كُلفة الحرب، فإن العوائد الإستراتيجية الأمريكية ربما بررت تلك التكلفة الباهظة؛ فالاستخبارات الأمريكية كانت قادرة على اصطياد من تريد من الإرهابيين، وردعهم، دون الدخول في حروب مدمرة، إلا أن ذلك الأسلوب لم يكن ليسمح لها بتحقيق أهدافها الإستراتيجية بعيدة المدى.

يُشير «جوزيف ستيغليتز» استاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا الأمريكية إلى أن «الحرب على العراق أضرت بالناتج المحلي الأمريكي، حيث دفعت أسعار النفط للارتفاع ونتج عنها خسائر مالية كبيرة». ما لم يقله السيد ستيغليتز أن السيطرة على منابع النفط ربما كان السبب الرئيس لتلك الحرب المدمرة، وأن ارتفاع أسعار النفط كان هدفًا من أهداف ملاك شركات النفط الفاعلين في السياسة الأمريكية!! أما ما يتعلق بأفغانستان فالمعادن المطمورة والثروات الطبيعية والموقع الإستراتيجي يجعل من تكلفة الحرب فيها أمرًا هينا؛ ومن هنا نعتقد أن قياس الكلفة الحقيقية للحرب على الإرهاب مقارنة بالعوائد الضخمة، والأهداف الإستراتيجية المحققة قد تختلف باختلاف المواقع والمصالح.

«بن لادن» لم يكن يستحق، من الناحية العسكرية، أن تتحمل الإدارة الأمريكية أكثر من تريليوني دولار، وأن تُحَمِل العالم ضعف تلك التكلفة لتصفيته!؛ وخصوصًا أن مشاهد مَخّبَأه لا تتناسب والهالة الإعلامية، والاستخباراتية التي ألصقت به!، ولم تشر أبدًا إلى ذلك الزعيم (الخارق) الذي يتمتع بحماية أمنية، تقنية وبشرية، استثنائية تحول دون تصفيته أو إلقاء القبض عليه!.

المشهد الأخير في حياة بن لادن يؤكد أن الحرب على الإرهاب؛ برغم أهميتها، حماية للشعوب والأمم؛ لم تكن نزيهة كما حاول أن يسوق لها الغرب؛ وتؤكد أيضًا بأن ما تعرضت له الدول العربية والإسلامية من أضرار مباشرة وغير مباشرة جراء الحرب على الإرهاب لا يعدو أن يكون هدفًا من أهداف «الإستراتيجية الغربية» التي استغلت حماقة تنظيم القاعدة، جهل زعمائه وأعضائه، وغرورهم، لتحقيق غايات الغرب المشؤومة في المنطقة. تنظيم القاعدة تسبب في تدمير دول إسلامية وعربية، وإضعاف مراكز القوى، وسمح للمارد الإيراني بالتمدد في الدول الإسلامية قاطبة، وهو الخطر المتوقع استغلاله في المرحلة القادمة!.

كان من المتوقع أن يُمَثِّل مقتل «بن لادن» المشهد الأخير في مسرحية «الحرب على الإرهاب» التي أضرت كثيرًا بالمصالح العربية والإسلامية، في الوقت الذي لم تحقق لها الحماية المنشودة؛ إلا أن الأحداث اللاحقة قد تمهد لكتابة الجزء الثاني من المسرحية المبكية، اعتمادًا على (محور) تتبع «شبكة دعم بن لادن» التي أشار لها الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم أمس الأول.

الجزء الثاني من المسرحية التراجيدية ربما كان أكثر إيلاما وشمولية مما يتوقع البعض، وخصوصًا أن الربط بين «بن لادن» وأطراف كثيرة في المنطقة بات أمرًا هينا طالما أن الشاهد الرئيس قد قتل تاركا خلفه 5 كمبيوترات و10 أقراص صلبة، وأرقام حسابات قيل إنها «سرية»؛ ولا يعلم بمضمونها ومحتوياتها غير الاستخبارات الأمريكية!.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
تريليونا دولار كُلفة قتل «بن لادن»!!
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة