Thursday  12/05/2011/2011 Issue 14105

الخميس 09 جمادىالآخرة 1432  العدد  14105

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إن طبيعــة الحياة البشرية تقتضي عليهم تبادل الثقة فيما بينهم من خلال الوعود والمواثيق الأدبية والمكتوبة، وهذه الثقة هي عماد العلاقات الإنسانية وشعور الفرد بالأمن والطمأنينة. يقول تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا} والعهد هو الوعد والميثاق الذي لا ينفك إلا بالوفاء، فإن تم دخَل المرء في عداد الصادقين، وإن أخلف فلا يبتئس عندما يكون في زمرة الكاذبين، بل المنافقين. وأساس الوفاء بالوعد هو الصدق والإخلاص وهما من الأمور ذات القيم العليا في حياة الناس. فلا يكون الإنسان ذا قيمة كبيرة في مجتمعه إلا حين يكون صادقا مع الآخرين ومخلصا في تعامله معهم وفياً في تعاملاته حتى يكسب ثقتهم وينال ثناءهم. أما المنافق فهو فاقد الأهلية من الثقة، ومن يفقدها يحاط بالعزلة ويمنى بالازدراء.

وصفة إخلاف الوعد تنبض بها النفوس البخيلة التي لا تقدِّر الإنسانية ولا تقيم لها وزنا فتتسبب في ضياع الاحترام الإنساني. وبرغم أنها صفة بغيضة في نفوس أولي الفطر السليمة، إلا أن بعض الناس المتنفذين والمقتدرين الأقوياء يستخدمون أسلوب المماطلة والتأجيل مع الضعفاء ليستمتعوا بمرأى ضعف الطالبين وخضوعهم وتوسلهم، وذلك أشد أنواع اللؤم، لتأثيره السلبي على النفوس وما يحدثه من كسرة فيها وما يثمره من خيبة الأمل وزعزعة الثقة بين الناس. وما يؤدي تكراره من اضطراب في العلاقات وقطعها وفقدان الثقة مطلقا في المجتمع. فهذا الخلق الدميم ينخر فيه ليصبح مجتمع التوجس والخوف. وهو عملية تبادلية مشروطة حتى مع الله سبحانه وتعالى مصداقا لقوله جل وعلا: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}. ومع هذا فإن الملاحظ تهاون بعض الناس بإخلاف الوعد حتى أصبح من اليسير عليهم تسكين انتظار الناس وتلهفهم وترقبهم بالمماطلة والتسويف.ولو شعر المسوف بمدى ألم المنتظر وتقلبه على جمر الأمل لكان حريا به أن يفي بوعده.

ولكني امرُؤٌ إن نال يوماً

على يدك المقاصدَ فهْو شاكر

وإن تـُظهِرْ له عذراً ليسعى

ويلقَى غيرَ وجهك فهْو عاذر

إن من يمارس إخلاف الوعد في حياته العامة أو الخاصة لن يجني سوى الخذلان وقلة راحة البال والنقص في الصحة وتبدد الوقت ومحق بركة المال، حيث إن دعوة الموعود أو صاحب الحاجة ستصله وعقوبته ستلحقه، وصمته سيحرقه، وقد ينسى كلاهما الأمر إلا أن الزمن لن ينسى أبدا، فقد يجد مخلف الوعد من يسقيه نفس الكأس ويجرعه ذات المرارة أو أشد، ولكن بعد فوات الأوان! بعكس من يسعى في حاجة الناس ويقضيها بوقتها أو يعتذر في حينه عن إنجازها فستكون صفاته صفات الكرام وأصحاب المروءة، وصورته مشرقة وذكراه باقية وأموره سالكة. وسيبارك الله في صحته ووقته وماله، ويمكـِّن الله له في الدنيا ليحقق نجاحات كثيرة وإنجازات وفيرة وسعادة غامرة حينما يتجاوز نفعه إلى الآخرين. قال الأصمعي: (وصف أعرابي قوماً، فقال: أولئك قوم أدبتهم الحكمة، وأحكمتهم التجارب،ولم تغررهم السلامة المنطوية على الهلكة، ورحل عنهم التسويف الذي قطع الناس به مسافة آجالهم، فقالت ألسنتهم بالوعد، وانبسطت أيديهم بالإنجاز، فأحسنوا المقال، وشفعوه بالفعال).

وليس أجمل من الوفاء والأمانة، ولا أروع من صدق النية والعمل. قال أبو بكر: (آفة المروءة خلف الوعد). ويرى السخاوي أن التماس السعد بالوفاء بالوعد.

rogaia143@hotmail.com
www.rogaia.net
 

المنشود
أرجــوك ، لا تماطل !!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة