Thursday  12/05/2011/2011 Issue 14105

الخميس 09 جمادىالآخرة 1432  العدد  14105

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تعتبر قصة هابيل وقابيل ابني آدم - عليه السلام - حين قدما القرابين لله عز وجل، من شياه وزرع من أكثر القصص التاريخية الموثقة في تاريخ البشرية وأشدها تأثيراً في الصراع الإنساني، والتنافس كمبدأ مشروع منذ بدء خلافة البشر في الأرض. المغزى من هذه المقدمة وجود بعض المغالطات التاريخية فيما يخص المهن القديمة، وما يحمل منها من إهانة لمكانة المرأة دون تمعن في بعض الجمل، وتم تمريرها منذ قرون سابقة في الثقافة العالمية، ومرت علينا حتى صارت مُسلمات رغم ما تحمله من مغالطات، لم يقف ضدها لا دعاة الانغلاق ولا المنفتحين، رغم ما يحمله ديننا الحنيف من تكريم وتبجيل للمرأة.

مجرد البحث في قوقل، أو توجيه سؤال لأي شخص مهما كانت خلفيته الثقافية، عن أقدم مهنة في التاريخ؟ سيقول: «البغاء»، وتتكرر المغالطة، ولم أجد كاتبا أو مفكرا يتوقف عند هذه المصيبة بحق المرأة الأم والزوجة والأخت، المصيبة التي تطعن في صميم رجولة الأب والزوج والأخ عندما يقال إن أقدم مهنة هي البغاء. في وقت كانت فطرة ذاك الزمان سليمة والعنصر البشري قليل. عندما تُهان المرأة بهذه الثقافة التاريخية المغلوطة، وتُربط إنسانيتها بهذه المهنة فهي تتجاوز بكثير تحقير المرأة والنظرة الدونية، إلى أهداف قديمة مريضة لازالت تُمارس ذات الأدوار على مر العصور، وهي تفسر مع مرور الزمن تلاعب المجتمعات الذكورية بالتاريخ على حساب المرأة، من عقليات مريضة استهدفت المرأة في شرفها وأخلاقياتها وعقليتها. واختزالها ككيان في مشروع جنسي خلق للمتعة والشهوانية القذرة!

ماذا يعني أن يقال إن أقدم مهنة في العالم هي البغاء، مع أن أقدم مهنتين هما: الرعي والزراعة. ومقدمة هذا المقال للتأكيد على هذه الجزئية، والسؤال: من التي كانت تمارس البغاء ولم يكن في ذلك الزمن سوى أمُّ البشر حواء وبناتها؟ ولو كان هذا يتردد في مجتمعات أخرى لكان أهون! ولكن المصيبة أن هذا يتردد في الإعلام والمنتديات العربية، دون تمحيص في بعض المعاني التي تصيب المرأة في أدق خصوصياتها وأسمى معاني خلق المرأة، وتكرار تحقيرها وتقزيمها وعدم قدرتها على مجاراة الرجل في ثقافته وعلمه.

حين يتم الحديث عن حرية المرأة وتحررها في المجتمعات الغربية فهذا برأيي نوع من التضليل والضحك على المرأة، وإن كانت في بعض المجتمعات قد أخذت كثير من حقوقها إلا أنها لازالت تقع تحت ظلم ومحاربة شرسة! أما ما يمارس ضدها في المجتمعات العربية فهو تكريس لثقافة «أقدم مهنة» ومعاقبتها على ما لم ترتكب من جرم، وتتعرض لكل أنواع التسلط حتى عند أهم الأجهزة. وما ينضوي عليه من ضياع لحقوقها في الوصاية والإرث والشهادة والتي شرعها الدين الإسلامي. وحتى وإن اختلفت المشارب والثقافات الدينية والفكرية تظل النظرة للمرأة مستمرة كجهاز للمتعة يمارس دوره الطبيعي منذ آلاف السنين في عمله بأقدم مهن التاريخ.

لا أخفيكم، سنوات طويلة وأنا في رحلة بحث أرفع حجراً عن كل ما يمكن أن يقلل من مكانة المرأة، هذه المكانة التي ينبغي أن تكون حقيقية ملموسة لا كلاما إنشائياً يزين صدور المجالس أو عناوين الصحف. وضع المرأة بحاجة إلى تطهير تاريخي ينفض عنه الترسبات السلبية لحال ماضٍ أو واقع معاش، أو مستقبلنا ومستقبل بناتنا.

www.salmogren.net
 

مطر الكلمات
«البغاء».. تاريخ من الظلم الذكوري للمرأة
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة