Thursday  12/05/2011/2011 Issue 14105

الخميس 09 جمادىالآخرة 1432  العدد  14105

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

مكافحة الفساد كمكافحة المرض
بهجت صادق المفتي

رجوع

 

هذه الجملة الرائعة والمكونة من حرف تأكيد وأربع كلمات فقط...!!! جاءت على لسان صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني وزير الداخلية حفظه الله في مناسبة صدور الأمر الملكي الكريم سابقا بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

هذه الكلمات القليلة الواسعة الدلالات والمضامين والمعاني والتي يمكن لنا أن نعتبرها كحكمة دالة رائدة أو مثل يقال ويروى لمثل هكذا وصف لهكذا حالات مهما تبدلت الأزمان وتعاقبت الأجيال وتعددت البلدان.

وهذه الكلمات تشكل دقًّا على ناقوس الخطر لتشبيهها الرائع بالمرض...!!! كيف لا ونحن نتذكر كيف تعلن الدول والحكومات حالات الطوارئ وتجنيد الكوادر والتحفظ على الحدود كلما تعرضت البلدان للتهديد بانتشار وباء ما، كتلك التي مرت بها البلدان مثل أنفلونزا الطيور وبعدها أنفلونزا الخنازير وغيرها من الأوبئة واسعة الانتشار...!!!

رأينا وسمعنا كيف كان الوضع والاستعداد حتى على مستوى المنظمات والهيئات الدولية وليس أجهزة الحكومات المتعلقة بهذا الشأن.

ومن هنا علينا في مملكتنا الحبيبة أن نأخذ كلمات سموّه على محمل الجد وكل الجد من أجل الاستمرار باتخاذ الإجراءات المناسبة على الصعيد الحكومي والشعبي من أجل القيام بالواجب لتلبية نداء سموه في تشخيص حالات الفساد بأنها كالأمراض متعددة الألوان والأشكال والأسباب وحتى الأعراض تكون مختلفة وذلك من أجل إيجاد الوصفة العلاجية المناسبة لكل حالة وحتى نستطيع عندها أن نقول وبكل جدارة واقتدار إن حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين وسمو النائب الأول والنائب الثاني واصلوا خطواتهم الثابتة المدروسة والحقيقية في طريق مكافحة الفساد بأشكاله تماماً كما نستعد لنكافح الأمراض بأنواعها لاشتراكهما في نفس الأضرار للبشرية جمعاء ولما لهما من انعكاسات سيئة على صحة الأوطان واستقرارها كما هي صحة الأبدان وأهميتها للمواطنين.

فسمو الأمير رجل حكيم وخبير ويتحمل مسئولية كبيرة، فعندما تصدر عنه تصريحات أو أقوال أو كلمات تتعلق بالشأن العام فهذا يعني أن الأمر في غاية الجدية وعلى درجة عالية من الأهمية، فما بالك إن كانت هذه الكلمات والتصريحات أقل ما يمكننا وصفها بأنها تستحق عن جدارة أن نقول بأنها حكمة وبمثابة القول المأثور والذي سيبقى يتردد على السنة الناس في كل المناسبات المشابهة وستبقى كحِكمة تتناقلها الأجيال وتضرب بها الأمثال على مدار الأزمان.

ولكي نفهم المقاربة في معاني كلمات سموه الكريم وتشبيهاتها نقول:

إن الفساد وتشبيهه بالمرض حيث كلاهما يتسبب بالألم والمعاناة التي تتحملها الشعوب في العالم فالفساد يحتاج لمكافحة كما هو الحال والإقرار بحاجة الوباء أو المرض للمكافحة أيضاً فمكافحة الأمراض نسعى من خلالها ونتائجها بالوصول لجسم سليم يتأتى عنه عقل سليم بالضرورة للمواطن وفي هذه الحالة يصبح الإنسان لبنة صالحة ومهذبة وسليمة وتكون وحدة متجانسة ومتينة ومنتظمة لبناء مجتمع سليم ودولة متقدمة متحضرة تحض باحترام نفسها وتفرض احترام الغير لها عن جدارة واقتدار.

كما يمكننا القول بمقاربة أخرى إن من أوجه التشابه الأخرى بين الفساد والمرض أن كلاهما يفسد حياة الإنسان وسعادته وكلاهما يهدد صحته ورفاهيته وبالتالي وجوده وتفشيه يعطي إحساساً بالإحباط مما يؤدي إلى عدم الاطمئنان لدى أفراد المجتمع فيصبح المناخ العام أمراً مشجعاً على الانحراف وانتشار الرذيلة والظواهر الاجتماعية غير المحببة والبعيدة عن أخلاقنا وديننا ويشكل عاملاً من عوامل انهيار أو تخلخل البنية العامة للأخلاق في المجتمع كالمخدرات والعنف والإرهاب والتطرف، مما يهدد الأسر والأفراد وبالتالي يكون عاملاً من عوامل هدم المجتمعات ويقف حائلاً دون بناء الوطن المحصن من الفساد والأوبئة وكلها أخطار.

وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

(إنما الأمم الأخلاق ما بقيت

فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)

وفي الختام أقول إن الحكمة التي نطق بها سمو الأمير نايف النائب الثاني ووزير الداخلية حفظه الله هي حكمة تسترعي الانتباه والتوقف والتمحيص ونقطة نظام وانتباه وعلى الجميع مسئولين وأفرادا بالمجتمع أن يتلقفوها بالعناية وسرعة التدبّر.

فالفساد تكون وحدة الانتشار منه إنسان قبل على نفسه السير بطريق الفساد ليعدي ويغري ربما بعض الأنفس على أن السير بمنواله وهكذا ينتشر بالمجتمع كانتشار النار بالهشيم ويصبح حينها ظاهرة بالغة التعقيد والضرر وتحتاج زمناً طويلا لاستئصالها، وهكذا هو حال المرض يبدأ بمهاجمة وإتلاف خلية بجسم الإنسان ومن ثم ينتشر لباقي الجسم إن لم يتم تدارك الموقف ووصف العلاج بالزمن المناسب وإلا ربما احتاج الطبيب استئصال عضو مهم من ذلك الجسد وبكلتا الحالتين يحصل الضرر.

إذاً هما وجهان لعملة واحدة إن لم يتم محاصرة أي منهما في الوقت المناسب وعلاجه فإن أي منهما كفيل بتأثيره أن يقوض استقرار المجتمعات بكل تفاصيل حياتها، وهذا أمر يفرض على الجميع تحمل مسئولياته بدون تأجيل أو تأخير.

وصدق من قال «إن مكافحة الفساد كمكافحة المرض».

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة