Tuesday  17/05/2011/2011 Issue 14110

الثلاثاء 14 جمادىالآخرة 1432  العدد  14110

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

يرى المراقبون القريبون والبعيدون أن المرأة السعودية اليوم تجني ثمار التعليم والانفتاح على الإعلام العولمي. وأن الفئات المتعلمة تطالب بحقوقها بصورة منظمة كمجموعة ذات أهلية وحقوق مواطنة. وأن المرأة كفرد أضافت المطالبة بحقوقها المشروعة في تفاعلات المجتمع إلى المطالبة بحقوقها الشرعية في تفاعلات الأسرة وكلها الآن مختزلة بسبب تأطيرها بكونها أنثى. فهي اليوم تطالب بحق الترشيح والانتخاب للمجالس البلدية وعضوية المجلس العليا في الدولة وتطالب بحق حرية الحركة وقيادة السيارة وتطالب بحق الحضور والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة.

المؤسف أن بعضنا رجالا ونساء لا يستطيعون تقبل مجرد التفكير في مثل هذه المستجدات التي ستعطي المرأة حق الخروج من الخباء بمشيئتها دون أخذ رأي ولي الأمر الذكر. ويتعدى البعض الرفض المتخوف لأسباب وضعية فردية وربما أسرية وعائلية، إلى تأطير هذا التفكير بصورة تجريمية أكثر شمولية ونتائج سلبية حين يرون فيه مؤامرة تغريبية مضمرة. وبتجريم التفكير في تغيير الأوضاع إلى ما يناسب أحوال اليوم ويواكب قفزات المعرفة العلمية وأوضاع العولمة والتواصل البشري, يصبح معقولا بل ومشروعا أن يطالب البعض ليس فقط بعدم التغيير بل وبالرجوع بالخطى زمنيا إلى الوراء. وبذلك تبقى المرأة رهينة زمن يختار فرضياته وتفسيراتها كل من نجح في إقناع المجموع أن مواطنة المرأة غير مواطنة الرجل، وأن المطالبة بتغيير الوضع وردم هوة الفروقات هي جريمة وخيانة عظمى ونقص في الولاء!

ليس في مطالبة المرأة بالحضور الفاعل في المجتمع مؤامرة تغريبية بقدر ما هو - حين يذكر الآخرون أوضاعنا بحيادية أو تحيز أو حتى تعاطف مع المرأة - تسجيل لما يرون من ظواهر المجتمع التي يختلف فيها عن غيره من المجتمعات البشرية بكل مستويات تقدمها سواء هي مجتمعات غربية أو شرقية أو إفريقية. وبيننا من ما زالوا يصرون أنها مكرمة معززة ولكنها في واقع المنازل والشوارع لا ترى التعزيز ولا التكريم بل الخوف منها كفتنة مغوية سواء قصدت أن تفتن أم لا.. ولا يحتاج لإثبات فتنتها إلا تحرك الشعور بالجاذبية في جسد رجل حين يرى أو حتى يفكر في طيفها كأنثى.

ولا شك أن تكريم المرأة لا يتماشى مع الحجر على فكرة مشاركتها بصورة كاملة.

و بعضهم يضعونها بين خيارين حين يسألون برغبة تعجيزية: أين تجد المرأة نفسها, في المنزل أم في المشاركة في عملية الإصلاح والتنمية؟ يجعلون من أحد الموقعين مناقضا نافيا للموقع الآخر. ثم؛ من قال إن مشاركتها في عملية الإصلاح والتنمية تعني فشلها في دورها في المنزل؟. ولماذا دور رعاية المنزل ينظر إليه على أنه دور يكرمها ولكن يرى الرجل نفسه مهانا لو قام بشيء منه؟ لم لا يشارك فيه أخوها وزوجها حتى وهو لا يعمل ولا يبحث عن عمل أو يعيش على الضمان الاجتماعي؟

وأعود إلى الجانب الأهم من السؤال التعجيزي.

لنتفق أولاً عن أي امرأة نتكلم؟ وعن أي رجل؟ فليس كل امرأة تعشق دورها المنزلي ولا كل امرأة تطالب بحق المشاركة. ولا كل امرأة تطالب مؤهلة لحمل هذه المسؤولية أو تلك. المرأة المؤهلة الواعية لكل قدراتها والراغبة في حمل المسؤولية ترى نفسها قادرة على العطاء والإسهام في المنزل وفي الحياة العامة. وهناك من لا ترغب في أي مسؤولية داخل الجدران وخارجها وتفضل أن ترتاح وهناك من يقوم بكل ما تحتاج كما تطلب.

والرجل أيضاً ليس بالضرورة أنه يختار دور المسؤولية أو يستحق الإعجاب والشكر على حسن القيام بفرضيات دور القوامة. هناك من لا يرغب في تحمل أي مسؤولية بما في ذلك مسؤولية الأبوة عن أبنائه أو القوامة على زوجته. وكل ما يهمه إرضاء متطلبات دور الذكورة ولذلك فهو يفضل المرأة في المنزل مسياراً وفي العمل تصرف على نفسها. وهؤلاء ليسوا شواذ ندرة بل فتح لهم الباب على مصراعيه فدخلوا.

 

حوار حضاري
مجتمع يحلق بجناحين!!
د. ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة