Thursday  19/05/2011/2011 Issue 14112

الخميس 16 جمادى الآخرة 1432  العدد  14112

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قد ينسى الإنسان ليالي وأيام كثيرة في حياته، ولكن ثلاث ليالٍ تبقى محفورة في الذاكرة غالباً، وربما احتفظ بكل ما يذكره بها من صور وهدايا وتسجيلات ، وهذه الليالي هي:

) ليلة الزواج التي تنقل الإنسان رجلاً كان أو امرأة من حياة العزوبية إلى عش الزوجية.

) وليلة ميلاد المولود الأول الذي يغير معه الزوجين اسمهما في نطاقهما الاجتماعي من فاطمة وخالد مثلاً إلى أبي فهد وأم فهد.

) وقبل هذا وذاك ليلة الاحتفال بالتخرج من الجامعة، واستلام وثيقة الحصول على درجة البكالوريوس التي ينتقل معها الطالب من مرحلة التحصيل والدراسة إلى الوظيفة والحياة العملية بجميع معانيها ومميزاتها وتبعاتها ومسئولياتها.

ولكن الشيء المجزوم به والذي يدلل عليه الواقع ويبرهن على صدقه المنطوق والمكتوب أن ما بعد هذه الليالي الثلاث ليس بالضرورة أسعد من سالف الليالي والأيام في حياة الإنسان، فالمتزوج قد تحن نفسه العودة إلى حياة العزوبية، والوالد ربما تمنى والعياذ بالله أنه لم يرزق تلك الليلة بولد، والثالثة أن الخريج قد يصطدم بواقعه المر فيتمنى أنه ما زال على مقاعد الدراسة، على الأقل يتسلم 1000 ريال في آخر الشهر تكفيه ذلّ السؤال وضعف الحيلة وقلة ذات اليد.

إنني أقلب ناظري في وجوه الخريجين هذه الأيام وأرى البسمة والفرحة تعلو وجوههم عبر شاشة التلفاز، أفكر بحالهم وأتساءل في نفسي.. ولكن ماذا بعد؟؟ ترى هل سيحمدون لجامعاتهم ما قدمته لهم، أم أنهم لا سمح الله سيعّرضون بها وبأساتذتهم لأنهم لم يكونوا عوناً لهم في طريق حياتهم الطويل، ولم يرشدوهم إلى المنبع الصحيح ليكون معهم زاداً يتزودون به وصولاً لآمالهم وتحقيقاً لطموحهم الذي يرنون بلوغه يوماً ما؟.

إن الطالب عندما يلتحق بالجامعة ويمضي أربع سنوات على الأقل فيها يريد في خاتمة المطاف أن يحصل على وظيفة، ولذا عندما لم يتحقق له ذلك الهدف فكأن ما مضى من عمره كله هدر، والمحدد الأساس والركيزة الأهم في نيل هذا الأمر هو التخصص المطلوب في سوق العمل، فهل هناك توافق بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق التنمية المحلي والعالمي، وهل صنعة جامعاتنا مستقبلاً وظيفياً متميزاً للخريج ليكون ما بعد هذه الليلة أسعد من أيام الدراسة والتحصيل؟، هذا هو المهم في نظري، وهذا هو ما يتمناه الطالب وولي الأمر وكذا الأستاذ.

إنني في هذا المقام ونحن نعيش فرحة تخرج أبنائنا وبناتنا في جميع جامعاتنا السعودية أبارك للخريجين هذا الإنجاز الذي كان خلفه سهر وتعب وإجهاد واجتهاد، وأثمن لهم حسن سيرتهم ودماثة خلقهم وتميزهم سلوكياً وعلمياً طوال سنوات دراستهم في رحاب جامعتهم التي تفاخر وتفتخر بهم، وأشد على أيديهم وأهيب بهم أن يكونوا كما نأمل وننتظر عنواناً جديداً من عناوين البذل والعطاء والتميز والنقاء في مستقبل وضّاء، أذكركم أيها الخريجون بأن الوطن يحتاج في مساره التنموي إلى الأمناء الصادقين المخلصين الأوفياء الأقوياء سواء أطباء أو مهندسين أو إداريين أو مفكرين أو تربويين وأدباء،كما أن عالمكم الجديد يحتاج منكم إلى عدم الانقطاع عن التزود بالمعرفة والتسلح بالعلم واكتساب المهارات وتنمية القدرات فالتخرج ليس برزخاً بين عالم وآخر بل هو بوابة إلى عالم مليء بالتحديات محفوفاً بالمحفزات والمشجعات وكذا المثبطات والمعوقات، والناجح من يستطيع أن يعزز فرص النجاح في الحياة وفي المقابل يكون مؤهلاً لتجاوز السلبيات والإخفاقات ولن يكون لا هذا ولا ذاك إذ لم يكن الإنسان مؤمناً بالقضاء والقدر متسلحاً بالعلم والمعرفة متميزاً بتقبل الصدمات والمفاجآت «يعقل ثم يتوكل».

شكراً أصحاب السمو... على رعاية وتشريف هذه المناسبات العزيزة والقريبة إلى قلوب الآباء والأمهات والأساتذة والقياديين فضلاً عن الطلبة والطالبات.

شكراً أولياء الأمور على سهركم وتعبكم وحرصكم وهذا ليس بكثير على فلاذات أكبادكم، مسك الختام الدعاء من القلب للخريجين والخريجات بالتوفيق في حياتهم العلمية والعملية الخاصة والعامة ولقادة مسيرة التنموية العلمية والعملية بدوام العز واستمرار المجد ودمت سالماً يا وطني وإلى لقاء في عام جامعي جديد والسلام.

 

الحبر الأخضر
من أجل مستقبل أفضل للخريج
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة