Thursday  19/05/2011/2011 Issue 14112

الخميس 16 جمادى الآخرة 1432  العدد  14112

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

إذا ذكر بناة النهضة الثقافية في المملكة تذكرنا الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس، فقد برز في العلوم الشرعية، والأدبية، والتاريخية، لقد رأى النور منذ ما يزيد على تسعين عاماً في قرية من قرى الدرعية بمنطقة الرياض، فتعلم بها مبادئ القراءة والكتابة، ومع أنه عاش الفلاحة وجمالها مع والده، إلا أنه كرس نفسه للاطلاع على كتب التاريخ والأدب، لكن الشريعة كانت الأساس الذي أنطلق منه في رحلته العلمية، أما قراءاته في الأدب فقد أرهف مشاعره واستدعاه إلى نظم القصيد، فبدأ بأول قصيدة ولمَّا يتجاوز الخامسة عشرة من عمره.

وفي العام التالي شد الرحال إلى مدينة الطائف التي تقع غرب المملكة بحثاً عن العلم والأدب، فالتحق بمدرسة دار التوحيد، لكنه وجد نفسه في الفنون، فشارك فيها، ومع ذلك فقد أصبح رئيساً للنادي الأدبي بدار التوحيد مدة دراسته.

ما أن تخرج منها حتى سارع إلى مكة المكرمة، فالتحق بكلية الشريعة واللغة، ومن يومها أخذ يصافح عيون القراء على صفحات الصحف والمجلات من خلال شعره ونثره، وبدأ اسمه يحتل مكانته في وسائل الإعلام.

كان محظوظاً عندما أنعم الله عليه بعلماء أجلاء تتلمذ عليهم، جمعوا بين الدين والأدب، أمثال الشيخ عبدالله الخليفي، وعبدالله المسعري، ومناع القطان، ومحمد متولي شعراوي، مما أصّل فيه الروح الشرعية والأدبية.

تقلب في الوظائف التعليمية والشرعية والإدارية في أرجاء المملكة العربية السعودية، فكان مديراً لمعهد الأحساء العلمي، ومديراً لكليتي الشريعة واللغة بالرياض، وفي العاصمة السياسية وجد نفسه مديراً عاماً لرئاسة القضاء بالمملكة، ثم وكيلاً لوزارة المواصلات، فساهم في تطوير هذه المؤسسات، أما آخر عهده بالوظائف الحكومية، فكان بمصلحة مياه الرياض عندما كان رئيساً لها.

لم يستسلم - رحمه الله - للدعة عند التقاعد عن العمل، بل جعل من التقاعد سنوات للحصاد، فتفرغ للبحث والتأليف مستثمراً تجربته العلمية والعملية، فنال عضوية لمجمعات اللغة العربية، في كل من دمشق، والقاهرة، وبغداد، وبمشاركته أيضاً بعضوية مجلس الإعلام الأعلى، ودارة الملك عبدالعزيز، والمجلة العربية، ومؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، وجمعية البر بالرياض وقد استطاع التأثير في الإعلام السعودي.

لقد كان للشيخ عبدالله بن خميس - رحمه الله - الشرف في تأسيس النادي الأدبي بالرياض، كما كان له الفضل في إصدار مجلة الجزيرة التي تحولت فيما بعد إلى جريدة يومية، فأصبحت اليوم تحتل الصدارة بين الصحف اليومية في المملكة العربية السعودية، ووفاء للشيخ - رحمه الله - فقد أصدرت هذه الصحيفة كتاباً تذكارياً عنه بمناسبة مرور خمسين عاماً على صدور أول عدد لهذه الصحيفة، لهذا اعتبر بن خميس شيخاً من شيوخ الصحافة السعودية والعربية.

لقد اعتادت المملكة العربية السعودية على تكريم أبنائها المبرزين، فمنحته جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1403هـ كما قلدته المملكة وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، ثم بوأته ليكون الشخصية الثقافية بمكة كما منحته الجنادرية ليكون الشخصية الثقافية للمهرجان السابع عشر عام 1422هـ، أما مجلس التعاون فمنحه وسام التكريم في مسقط عام 1410هـ، ومن منظمة التحرير الفلسطينية منح وسام فتح وميدالية منظمة التحرير الفلسطينية، خصوصاً وأنه متزوج من أسرة فلسطينية معروفة هي أسرة السرحي، أما عربياً فقد قلده الرئيس الحبيب بورقيبة وسام الثقافة التونسي، كما كرمه أمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة عندما منحه شهادة تكريم بمناسبة الاحتفاء برواد العمل الاجتماعي من دول الخليج عام 1407هـ، أما من الأوسمة والجوائز العالمية فقد قلده الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران وسام الشرف الفرنسي من درجة فارس.

لا نجد مكتبة في الجزيرة العربية عامة أو خاصة إلا وللشيخ عبدالله بن خميس - رحمه الله - كتاب فيها، فقد ألف العديد من الكتب والموسوعات في التاريخ، كما كتب في الأدب والثقافة والدين بالشعر الفصيح والنبطي، فبسط الفسيح، وفصح الشعر الشعبي.

نظر إلى منطقة نجد فوجد التاريخ عنها شحيحاً فأثراه، وركز دراساته التاريخية والجغرافية والأدبية عليها، فحبر في ذلك سبعة أجزاء من تاريخ اليمامة، كما ألف أربعة أجزاء كمعجم لليمامة، وجزأين عن معجم جبال الجزيرة، وخمسة أجزاء عن معجم أودية الجزيرة، وجزأين عن معجم رمال الجزيرة.

يعتبر الشيخ بن خميس من أبرز أدباء الرحلات، فقد اعتاد على الترحال داخل المملكة وخارجها، ففي الداخل فإن رحلاته داخل المملكة العربية السعودية، فما ترك جبلاً إلا وصعد إلى أعلاه، ولا وادياً إلا نزل إلى أدناه حتى قيل إنه لا يوجد شبر واحد في الجزيرة العربية لم تطأه قدماه.

أما الرحلات الخارجية فقد طاف بالبلاد من المحيط إلى الخليج، كما قام بزيارة لبعض البلدان في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، فكتب عنها عدداً من الكتب كان من أبرزها جولة في غرب أمريكا، كما كتب أشهر القضاة في دمشق.

لقد كان - رحمه الله - واحدا من أهم المصابيح التي أضاءت بالعلم والأدب والثقافة في عصرنا الحاضر، وساهم في البناء الفكري للمجتمع السعودي.

 

تتلمذه على يد العلماء أصّل فيه الروح الشرعية والأدبية
د. أنور بن ماجد عشقي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة