Thursday  19/05/2011/2011 Issue 14112

الخميس 16 جمادى الآخرة 1432  العدد  14112

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

تقول الحكاية إن المواطن سين المغلوب على أمره، ينتظر منحة أرض لمدة تصل عشرين عامًا، وحينما تحدث المعجزة، يكتشف أن المنحة الأرضية الجوّية تبعد عن المدينة مسافة أربعين إلى ستين كيلومترًا، وبعد أن يجتاز الصدمة المؤقتة، ويقرر أن يذهب إلى أرضه الخلاء كي يتوسّد صخرة وينام قرير العين دون أن يطرق باب منزله المؤجر صاحب الملك، أو أن يفصل الكهرباء ليجعله وأطفاله كعصافير في فرن القيظ، إلى أن يسدد الإيجار أو أن يرحل غير مأسوف عليه!

هذا المواطن سين يقرر أن يستدين أو يقطف قرضًا بنكيًا يسيل له اللعاب، كي يبني دورًا أرضيًا فحسب، في أرض لا تصل إليها الطيور، لكنه يصطدم بعقبة أو صخرة البلدية، التي تقول له لا يمكن منحك فسح بناء في أرض ليس فيها خدمات، ولا نتوقع أن تصلها الخدمات!. فيسأل بحسرة: طيب ليه عطيتوني أرض لا فيها خدمات ولا لها فسح بناء؟!. والإجابة حتى لو لم يقلها الموظف: «احمد ربك، غيرك ما لقى منحة أصلاً!.

طبعًا لا يمكن استخراج فسح بناء، لأنك أيها المواطن المزعج سين، ستؤذينا وتلاحقنا أينما كنّا، ستلاحق شركة الكهرباء بحثًا عن الحلم بعداد رمادي يبل الكبد، وستدوخ شركة الماء بحثًا عن قطرة تبل فيها حلقك، ثم ستتفرغ لوزارات الصحة والتعليم و...و... بحثًا عن مدارس لأولادك، ومركزًا صحيًا لزوجتك التي يثقلها حملها كل عام، وأطفالك الذين يعانون من الربو نتيجة إفطارهم الغبار والتراب كل صباح، فما العمل معك يا سيد سين؟!.

يقول المواطن الصالح السيد سين، لا شيء، لا أريد منكم شيئًا، فقط سقف يحمي أطفالي من الشمس الجحيمية، وباب يقفل عليهم ويحميهم من مدمني سرقة أسطوانات الغاز، ذلك الباب الذي لن يجرؤ أن يطرقه المؤجر ليلاً ونهارًا، هل هذا صعب يا سادة؟.

طبعًا ليس صعبًا مع الإرادة والتخطيط والنظام، ليس صعبًا أن تكون منحة الأرض للمواطن داخل النطاق العمراني مكتمل الخدمات، على أن يهمّش على الصك جملة «منحة غير قابلة للبيع»، كي نحميها من تجّار أراضي المنح والمضاربين فيها، ليس صعبًا أن يجبر صاحب المنحة بالبناء عليها في مدة لا تزيد عن خمس سنوات مثلاً، أو أكثر أو أقل، وإلا فإن المنحة يتم تدويرها لمواطن آخر يقوم بالبناء عليها، ولكن هل سيتوقف اللعب والالتفاف على النظام لو تم ذلك؟ طبعًا لا، لأن هناك من سيبني لهؤلاء المساكين مشترطًا عليهم شراء المساكن حينما تكتمل، وستتحول المضاربات من الأراضي إلى المساكن، ولكن لابد من حلول، كأن يشترط ألا يباع المسكن، ولا تنتقل ملكيته من صاحب المنحة الأصلي إلى غيره إلا بعد عدد من السنوات مثلاً... وهل ستتوقف الحيلة بعد ذلك؟.

لا أظن، فالمحتالون أكثر دهاءً من القانون...

فليس القانون الذي لا يحمي المغفلين، بل أحيانًا المحتالون لا يضمنون عدم اختراق فقرات أي نظام أو قانون، ولكن العمل على تجديد الأنظمة من واقع ما يحدث، هو ما سيوصلنا إلى نظام صارم يحقق هدف الأراضي الممنوحة للمواطنين المستحقين، أمثال السيد سين غفر الله له، ولي، ولكم جميعًا!

 

نزهات
منحة لا تصلها الطيور!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة