Thursday  19/05/2011/2011 Issue 14112

الخميس 16 جمادى الآخرة 1432  العدد  14112

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

تعقيباً على مقال آل الشيخ
تولية القوي الأمين أولى من عزل الضعيف الفاسد

رجوع

 

اطلعت على ما كتبه الأخ سعود بن عبدالرحمن آل الشيخ تحت عنوان (الفساد المنظم) الخميس 24 جمادى الأولى 1432هـ العدد (14091) فأقول: لعل من أسباب الفساد إسناد المهام والأمانات لغير القادرين الأقوياء الذي معناه المشاركة في ضياع الأمانة، فإن الضعيف والعاجز أو البليد أو من لا خير فيه، أو لا يخاف الله لا يصلح إسناد عمل أو مسؤولية لأي واحد منهم، لأن فاقَد الشيء لا يعطيه.

وتأمل ما حصل لأبي ذر رضي الله عنه لما قال: قلت يا رسول الله، ألا تستعملني فقال: (يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامه، إلا من أخذها بحقها...) رواه مسلم.

ومن هنا نعرف معنى (الوقاية خير من العلاج). بمعنى أن عدم تولية غير المناسب خير من إبعاده أو فصله بعد ذلك، فإذا أُسند القضاء مثلاً أو الإفتاء أو الإرشاد، أو الاقتصاد لغير المؤهلين كان ذلك نواة وبداية ضياع الأمانة، وهذا ما أوضحه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الحوار بينه وبين رجل أعرابي، حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدّث القوم فجاء أعرابي فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه، حتى إذا قضى حديثه قال: (أين أراه السائل عن الساعة؟) قال: أنا يا رسول الله قال: (فإذا ضُيعْت الأمانةُ فانتظر الساعة) قال: كيف إضاعتها؟ قال: (إذا وسِدَ الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظر الساعة) رواه البخاري.

وهذا هو مكمن الخطأ الكبير، والخطر العظيم أن يسند الأمر إلى غير أهله وأن يستأمن غير الأمين، أو أن يخّون الأمين، وقد يكون المسؤول صالحاً في نفسه، ولكنّه يضعف عن حمل الأمانة أو يجبن أو غير ذلك من الأسباب، إن الأمانة خلق عظيم، ومسؤولية كبيرة قال تعالى {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} (الأحزاب: 72). ولماّ كانت الأمانة بهذا القدر العظيم، كانت سمة للأنبياء {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} (الشعراء: 107)، بل سبقهم جبريل الأمين عليه السلام {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} (التكوير: 21) {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (الشعراء: 193) كما اتصف بالأمانة عفريت سليمان عليه السلام {... وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} (النمل:39)، بل عُرِف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالأمانة قبل أن يكون نبياً أو داعياً إلى الله، فكانوا يسمونه الأمين قبل النبوة، فيقولون جاء الأمين، وذهب الأمين، لا لأنه يحفظ الأموال فحسب، وإنما اشتهر بذلك عليه الصلاة والسلام، لأنه كان الأمين على الأخبار والأسرار، والأمين في الحديث، الأمين على العورات، ولهذا ألمحت بنت الرجل الصالح عندما وصفت موسى عليه السلام لأبيها بقولها: {يَا أَبَتِ اسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ } (القصص:26).

فقال لها أبوها: فقوته عرفناها، فكيف عرفت أمانته، فقالت البنت: كان وهو يسايرني يغضُّ بصره عني، أو كما قالت: فلئن كانت الأموال أمانة فإنَّ النساء أمانة، والعرض أمانة وما يجري بين الزوجين أمانة ...إلخ.

ومن الخطأ الكبير، والذنب العظيم أن نقلل من هذه الأمانات، فإنَّ المرأة أنفس من المال، وحفظها أولى من حفظ الأموال، وضياعها أخطر من ضياع الأموال، والفتنة فيها عظيمة جداً حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (اتقوا الله في النساء، فإنَّكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)، وقال - عليه الصلاة والسلام - (اتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) وكلتاهما أمانتان عظيمتان الأموال والنساء، وفيهما هلك خلق كثيرون، ولعلّ من فوائد الأمانة التالي:

1- الأمانة من كمال الإيمان وحسن الإسلام.

2- يقوم عليها أمر السماوات والأرض.

3- محور الدين وامتحان ربَّ العالمين.

4- يحفظ بها الدين والأعراض، والأموال..

5- الأمين يحبه الله ويحبه الناس.

6- أعظم صفات المتقين {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَاناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (المؤمنون:8)

وغيرها كثير..

فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري - المدير العام المساعد لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة