Saturday  21/05/2011/2011 Issue 14114

السبت 18 جمادى الآخرة 1432  العدد  14114

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

منــذ العــام (1400هـ- 1980م)مرّ أكثر من ربع قرن من الزمان، تغير فيه وجه الحياة بالكامل. إنسان ذلك الزمن البسيط بأسلوب معيشته والقنوع بمطالبه واحتياجاته لم يعد له وجود حالياً إلا ما ندر. إنسان العصر الحالي لا يرضى بالخدمات البسيطة والمتواضعة عندما يسافر بمفرده أو مع عائلته في رحلة سياحية داخلية كانت أم خارجية؛ لأنه يدفع أموالاً كثيرة، ويريد أن يحصل مقابلها على خدمات توازي ما ينفقه من مال بالسكن في مكان مريح يوفر كل التسهيلات التي لا يُستغنى عنها.

تجربة السائح السعودي في الأسفار المتكررة لبلدان كثيرة طورت من فكره السياحي، وصارت رؤيته عالية، وهي رؤية تختلف عن رؤية الجيل الماضي يوم كانت سيارة «العراوي» الوسيلة المثلى لنقل أفراد العائلة لعروس المصايف، والخيمة مأوى العائلات والعزاب، أما البحث عن المكان الذي تنصب فيه فلم يمثل عائقاً يوماً من الأيام؛ فالأودية والشعاب أو رؤوس الجبال مفتوحة أمام الجميع، والمواقد وبراميل المندي تضرم نيرانها من الحطب، وكل تكاليف المعيشة من المتيسر.

الفكر المتطور للسائح السعودي لم يقابَل بتطوير صناعة السياحة السعودية لتقابل متطلباته المستجدة من سكن فخم ووسائل نقل جوية وبرية عالية المستوى وخدمات متاحة في كل منطقة ومدينة وقرية سياحية، وهي الخدمات التي يجدها في معظم الدول التي يقصدها خارجياً، وليس لديه استعداد للتنازل عنها؛ فقد تعوّد على السكن في فنادق وشقق خمس نجوم، وفي أسوأ الأحوال أربع نجوم، وعلى توافر الخدمات المساندة التي يجدها أينما اتجه: مطاعم راقية ومقاه فاخرة وملاعب للأطفال في كل زاوية ومدن ترفيهية تقضي فيها العائلة يوماً كاملاً دون أن تحس بالملل وبرامج ترفيهية على مدار الساعة.. فهل قدمت الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها هيئة السياحة، سياحة وطنية مصنوعة بفكر عال؟

لا أرغب في الإجابة عن السؤال، لكني سأورد بعض الوقائع؛ فقبل أكثر من عام كنتُ مع عائلتي في فصل الصيف في مدينة أبها، ووقت العشاء توجَّهنا إلى أحد المطاعم الجيدة والقليلة في تلك المدينة السياحية. لحظة وصولنا إلى المطعم واجهنا حالات اكتظاظ شديدة عند المدخل الوحيد، عبرنا الجموع البشرية إلى داخل المطعم، ومكثنا في الطابور الطويل مدة تقارب الساعة ونصف الساعة انتظاراً لدورنا للفوز بطاولة صغيرة تكفينا لنتناول عليها وجبة العشاء. كنت أردد لحظتها «مكره أخاك لا بطل»؛ كوني وقتها لا أملك أية حلول أخرى!

وفي أبها ذاتها تسلك الطريق المزدحم إلى السودة، وعندما تصل لا تجد مكاناً ولا موقعاً خالياً؛ فكل شجرة تحت ظلها أكثر من عائلة. أحد الزملاء اضطر للعودة مرة أخرى إلى أبها؛ لأنه لم يجد مكاناً في السودة بعد أن استغرق في اللف والدوران وقتاً طويلاً، مطلبه الوحيد العثور على مكان متواضع في العراء.

في الأماكن التي يطلق عليها تجاوزاً متنزهات لا تجد أي خدمات جيدة، لو بحثتم - أعزكم الله - عن دورة مياه فلن تجدوا، ولو عثرتم عليها بعد بحث طويل فستجدونها بوضع مُزرٍ ولا تصلح للاستخدام الآدمي. أما المطاعم والبوفيهات فلا وجود لها، وإن وُجدت فهي سيئة، والاعتماد عند الحاجة للوجبات في الغالب على الباعة المتجولين!!

صناعة بفكر قديم عفا عليها الزمن لن تنتج سياحة جيدة فقط لا غير على أقل تقدير.

shlash2010@hotmail.com
 

مسارات
الفكر القديم وصناعة السياحة
د. عبد الرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة