Saturday  21/05/2011/2011 Issue 14114

السبت 18 جمادى الآخرة 1432  العدد  14114

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تعتبر الإدارة العمود الفقري لأي نجاح أو فشل تنموي في مختلف بقاع الأرض، والإدارة الوجه الوظيفي الآخر لمصطلح البيروقراطية، التي بدأ استعمالها كنظرية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في ألمانيا، وهي تعني بصورة مباشرة السلطة الإدارية من خلال المكاتب الصغيرة، وذلك من أجل إدارة المصانع والمشاريع العملاقة أثناء بدايات النهضة الصناعية، وقد كان صغر المكتب رمزاً لبيئة وثقافة العمل، وذلك قبل أن يتحول إلى صالونات فارهة في عصر البيروقراطية العربية لاستقبال الضيوف وتوثيق أواصر العلاقات الخاصة..

يتصف النظام البيروقراطي بأنه نظام هرمي يتكون من قمة وقاعدة وبينهما سلسة من المكاتب المتخصصة في شؤون الإنتاج، وتطور ليصبح بمثابة وحدة للسلطة المركزية التي تحكمها قوانين ولوائح تنظيمية خاصة، لكنها في نفس الوقت تخضع للقوانين العامة، وتقوم المكاتب بإعداد الأهداف الإستراتيجية ومراقبة وتحسين الإنتاج كماً ونوعاً، وتظل العوائق البيئية ومنها الثقافة الاجتماعية والقدرة الإدارية في اختيار الشخصيات أحد أهم أسباب الفشل الإداري، والتي قد تهدم في سنوات ما تم إنجازه في عقود، إذا لا يمكن أن يتم صنع إنجاز في ظل وجود عنجهية إدارية، أو أن تغيب المصداقية تماماً في وعود المدير الإداري المتكررة، لذلك دائما ما تكون الصفات الشخصية كالنزاهة والمصداقية والشفافية والمهارات الإدارية شروط يلزم توافرها في أي شخصية إدارية ناجحة..

البيروقراطية لها وجهان فهي إما أن تكون مركزية في ظل نظام هرمي وهمي، وهي أن يقوم المدير العام بأداء مختلف الأدوار من خلال لجان وشخصيات تم اختيارها بعناية من أجل التحكم في المؤسسة وفي قراراتها ومهامها، وذلك سلاح ذو حدين ويعتمد كثيراً على القدرات الإدارية والصفات الشخصية للمدير العام، فإن كان من فئة المستبد العادل سيُكتب للمؤسسة النجاح في ظل تواجده على رأس الهرم، أو أن تكون البيروقراطية أو سلطة المكاتب لا مركزية تقوم على توزيع المهمات الإدارية على المكاتب في السلسلة الهرمية، وفي الحالتين تخضع معايير النجاح للمصداقية الإدارية والنزاهة..

ينجح النظام الهرمي الإداري في إدارات الخدمات والتسويق والمصانع التي تعتمد على الإنتاج الموحد، وذلك من أجل ضبط دائرة الإنتاج، والتي دائما ما تكون تعتمد على منتج أو منتجين، لكن ذلك دائما ما يكون نصيبه الفشل عندما يتم تطبيقه في الجامعات ومراكز الأبحاث والمستشفيات، إذ لا يمكن أن يُعامل علماء أبحاث علمية دقيقة في الجامعة أو أطباء في تخصص طبي نوعي مثل معاملة عمال خطوط إنتاج في مصنع للأسمنت، كذلك لا يمكن أن تخضع أقسام علمية أو طبية متطورة لسلسلة إدارية هرمية، وبالتالي تزداد فرص إعاقة العمل، سواء بسبب حسن أو سوء نية، والسبب هو بالتحديد أن هذه الأجواء تعتبر تنافسية بامتياز، وتكثر فيها المكائد والإدارة الخبيثة، وبالتالي يكون المتضرر هو المنتج العلمي أو الإنجاز..

في بيروقراطية طبقات الهرم الإداري في المراكز العلمية والطبية يتعطل العمل ويتأثر الإنتاج، وقد تصل الأمور إلى الشلل التام، وذلك لأن الطبقات الإدارية المتعددة الأدوار تشكل عوائق تحجب الرؤية عن رؤية الفساد الإداري في الطبقات الدنيا في المؤسسة، وذلك عندما تتحول سلطة المكاتب الصغيرة إلى غرف تُحاك من خلالها المصالح الخاصة واحتكار المنافع والميزات ضد الزملاء الآخرين، لذلك لا تُطبق المراكز العلمية المرموقة في العالم المتقدم سواء كانت مراكز أبحاث أو جامعات أو مستشفيات النظام الهرمي التقليدي، وتستبدله بوسيلة الإحصاء النوعي والكمي للإنجازات العملية والعلمية، وكذلك للتقليل من سوء استعمال السلطة بين الزملاء المتنافسين إما على إخفاء الفشل أو تحقيق الامتياز..

من أجل تميز الأداء في مراكز الأبحاث أو الجامعات أو المستشفيات يجب البعد قدر الإمكان محلياً عن النظام الهرمي الإداري وتقليل الرؤساء وسلطة الزملاء على بعضهم بعضاً، وتطبيق ضمان الإحصاء النوعي والكمي لأداء وإنتاج العلماء والأطباء، والذي أصبح ممكناً في ظل تطور الأنظمة الطبية في العالم، وكذلك عدم مساواة الذين يعملون بالذين لا يعملون، والبعد عن اختيار أشخاص غير منتجين وفاشلين في حياتهم العلمية عن تولي المناصب، وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه..

 

بين الكلمات
عائق التنظيم الإداري الهرمي في المراكز العلمية والطبية
عبد العزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة