Sunday  22/05/2011/2011 Issue 14115

الأحد 19 جمادى الآخرة 1432  العدد  14115

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كنتُ أتحفَّظ على تصرفات بعض شبابنا، وأنعت بعضهم بالميوعة واللامبالاة؛ بسبب الكسل وتنصلهم من المسؤولية، وعدم تمتعهم بروح المبادرة، إلا أنني تحوّلت من نظرتي السلبية بسبب حصول موقفَيْن لمجموعة من الشباب، عايشت أحدهما، وسمعت الآخر من إحدى زميلاتي. أما الأول فقد حدث في أحد الأسواق الكبرى المبادرة بتوظيف الشباب والمتحمسة له (وهي أسواق بندة).

والموقف الذي واجهته بعد تسوُّقي ووصولي لمنزلي هو فقدان أحد الأغراض المهمة، ولم يكن سعره مرتفعاً وإنما كنت بحاجة إليه. ومن حسن الحظ أنني مررت بعد أيام عدة قريباً من السوق فدخلته وقابلت المشرف، وذكرت له نسياني الغرض بعد المحاسبة، وأخرجت له الفاتورة فاطلع عليها، وأعادها، وطلب مني الانتظار. وأثناء ذلك دخلت للتسوق مرة أخرى كعادة السيدات! وعند وصولي لطاولة المحاسبة وجدت المشرف أمامها وقد وضع عليها الغرض مع اعتذار لطيف ينمُّ عن خُلُق شباب متطلع لغد مشرق..

وبعد أن دفعتُ حساب مشترياتي وهممت بالانصراف سألته بتعجب: كيف صدّقـت ادعائي نسيان الغرض وأنت لا تعرفني ولا دليل أو قرينة على ذلك ولا شهود؟! قال بكل دماثة خلق: وما الداعي للكذب أو الادعاء؟ وأنت سيدة أكن لها احتراماً وتقديراً ككل سيدات وطني ورجاله، كما أن المبلغ ضئيل ولا يستحق عودتك مرة أخرى للسوق ذاته! إضافة إلى أن تجاربنا مكنتنا من إدراك المحتال من الصادق.

غادرتُ السوق بعد أن أمطرته بالدعاء والإعجاب بتصرفه وبحُسْن ثقته بمواطنيه ونُبْل خُلُقه وشدة همته وتميزه بمواطنته عمن سواه؛ لأنني على ثقة بأن الموقف لو حصل مع وافد ما كنت لأفكر بالعودة للسوق؛ فقد أستنفد معه جميع محاولاتي بالإقناع، ولن أخرج بهذه السهولة وذلك الانطباع المريح باطمئناني على أبنائنا الشباب وسيرهم بالطريق المستقيم، المتسمين بالذكاء والقدرة على التسويق لذاتهم وللمنشأة التي يعملون فيها من خلال جذب الزبون، ليس بالعروض والتخفيضات، وإنما بسمو الأخلاق والبراعة في التعامل.

أما الموقف الثاني فقد حصل مع زميلتي منيرة التي كانت عائدة لمنزلها ليلاً أثناء انقطاع الكهرباء عن بعض أحياء مدينة الرياض؛ حيث شاهدت مجموعة من الشباب وقد استلموا تنظيم السير في تقاطع شارعَيْ (الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف) في حي السلام بعد أن تسبب انقطاع الكهرباء في تعطل إشارة المرور، فما كان من هؤلاء الشباب إلا الوقوف في وسط الطريق وتنظيم حركة السير بكل اقتدار واندفاع وشعور بالمسؤولية، ودونما توجيه من أحد، إلا من أنفسهم الأمَّارة بالخير.

الجميل هو التزام جميع المارين بسياراتهم لتوجيهات هؤلاء الشباب الذين رفعوا أطراف ثيابهم، وربطوها، وشمروا عن سواعدهم الفتية. وقد بادر المارون بتحيتهم وتشجيعهم والدعاء لهم. ولو كنت معهم لصفقت لهم بقلبي، ولكني لم أملك إلا دمعة طفرت من عيني وأنا أستمع لرواية زميلتي لهذا الموقف وهي الآن تعاودني أثناء كتابة هذا المقال. فليس أجمل من شباب يشعر بالمسؤولية الاجتماعية، وينفذها بوقتها. وإنه ليطربني سماع هذه المواقف ومشاهدتها والإشادة بها؛ ليزيدنا طمأنينة على شبابنا بأنهم عُدَّة الوطن وعتاده ورأس المال وأرباحه، وهم ذخرنا وأحباؤنا.

وتحية لكل شاب يؤصِّل في نفسه المُثُل والمبادئ الإسلامية، والشهامة والمراجل الوطنية، مع مسايرته للتغيير الاجتماعي، حينها يشكِّل نموذجاً وطنياً راقياً نفتخر به.

rogaia143@hotmail.com
www.rogaia.net
 

المنشود
البركة في شبابنا!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة