Wednesday  25/05/2011/2011 Issue 14118

الاربعاء 22 جمادى الآخرة 1432  العدد  14118

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

حينما قرأت خبراً يتعلق بندوة علمية عن استخدام الإنترنت في مكافحة المخدرات في بعض الصحف التي تمكّنت من تصفحها في الطائرة بتاريخ 10-5-2011م، شعرت بأهمية هذه الندوة، وعزمت على متابعة أخبارها، ومعرفة نتائجها، خاصة وأن مشاركين متخصصين من 60 دولة قد أعدوا لها بحوثاً وأوراق عمل تضع أمام الدول العربية الوسائل المثلى للاستفادة من هذه الوسيلة المهمة التي يستغلها مروّجو المخدرات لترويج وبائهم الخطير.

أما كون «جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية» هي التي احتضنت هذه الندوة فإن ذلك يعطيها قيمة خاصة تستحق أن تقدّر وتنال الاهتمام.

وحينما تابعت ما كتب في هذا الموضوع فاجأني ذلك العمل الكبير المتقن الذي يقوم به مروّجو المخدرات في العالم من خلال مواقع الإنترنت، وهالني سبقهم الواضح لاستخدام هذه الوسيلة المهمة، سبقاً جعل مهمة جهات مكافحة المخدرات في العالم مهمة صعبة معقدة فيما يتعلق بالشبكة العنكبوتية، فالمروّجون المخرّبون يستخدمون الإنترنت بأساليب شديدة الإتقان، والسرية، سواء في الترويج والدعاية، أم في أساليب التواصل بين المروجين في العالم من خلال مواقع الإنترنت، وأساليب التتبع الدقيق لجميع الخطط الأمنية التي تضمها أجهزة مكافحة المخدرات في الدول التي تعاني من هذا الداء العُضال.

أما ما قرأت عن وقائع تلك الندوة فهو يدل على عزْمٍ أكيد لمواجهة هذه الحرب الشعواء، وعلى معرفة بأساليب ترويج المخدرات «إنترنتيّاً» وعلى التصميم على وضع خُطط «ناجعةٍ» للوصول إلى الهدف المراد، ولهذا شعرت بالاطمئنان إلى حدٍ ما، مع العلم بخطورة العمل وبقدرة مروّجي المخدرات وتجارها على تجديد وسائلهم، وتغيير جلودهم بما تستدعيه المعركة التي يخوضونها.

تناولت الندوة موضوعات مهمة منها: «الرابطة بين المخدرات والإنترنت وكيف يجنّد الإرهابيون الأعضاء الجُدد» و»الوقاية من جرائم المخدرات» و»إسهام الإنترنت في تشكيل العلاقة المكانية بين مناطق زراعة المخدرات ومناطق استهلاكها» و»مراكز المخدرات ذات التهديد العالمي» و»توظيف شبكات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت في مكافحة المخدرات» وغيرها من الموضوعات المتعلقة بهذا الموضوع الخطير.

وأقول: إنها معركة كبرى يخوضها العالم مع مروّجي المخدرات، تتميز كغيرها من المعارك باستمرارها، واتساع ميدانها حتى أصبح كل موقع على وجه الأرض يعيش فيه البشر ميداناً مستهدفاً لمشعلي هذه المعركة الخطيرة، ولهذا أصبحت مسؤولية الجهات الأمنية في دول العالم مطالبة بجهود مكثفة مستمرة لمواكبة هذه المعركة العنيفة في ميدانها المكشوف الذي يُعدّ برغم صعوبته أسهل من الميدان الخفيّ، وهو الأخطر والأولى بالالتفات إليه لاجتثاث المشكلة من جذورها.

ماذا نقصد بالميدان الخفيّ؟

لعل ما أورده هنا من حديث رجل نيوزيلندي كان من كبار مروجي المخدرات في العالم ما يقرب لنا صورة ذلك الميدان الخفي.

إنه الطالب محمد الذي منّ الله عليه بالتوبة من العمل في مجال المخدرات ودخول الإسلام على يد داعية باكستاني في قصة طويلة ليس هذا المقام مقام سردها، لأنني سأقتصر على جزء من حديثه صوّر لي فيه مباشرة حقيقة ميادين ترويج المخدرات الخفية، يقول: كنت في رحلة من إحدى الدول الأوروبية، إلى إحدى دول العالم الثالث وهي من رحلات الترويج الكبرى التي تشكل خطورة كبيرة على حياة المروّج ومن يتعامل معه مباشرة، وحينما وصلت إلى البلد المقصود فوجئت بالجهات الأمنية في ذلك البلد تقبض عليّ، وتودعني السجن وتصادر تلك الكمية الثمينة جداً من المخدرات، وكنت أنفّذ التعليمات التي أقسمنا على تنفيذها مع رؤسائنا الذين لم أستطع أن أتعرف على الشخصية الحقيقية لأي واحد منهم على مدى عشرين عاماً هي مدة عملي في هذا العالم المخيف. التعليمات تقول: أنت أيها المروّج حينما يقبض عليك لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم، وتنتظر حتى يأتي الأمر بالإفراج عنك.

قال: فما لبثت في السجن إلا أياماً قلائل، غادرته بعدها بكل سلاسة واحترام، وأكملت أداء مهمتي تلك، وعدت إلى نيوزيلندا بما حصلت من مكافأة مالية كبيرة سرعان ما بدّدتها في وقت قصير كما هي العادة في المال الذي يأتي من هذا الطريق.

هنا - في نظري - تكمن المعركة الحقيقية مع مروّجي المخدرات، معركة الميادين الخفية التي تطعن في الظهر، وتقوّض في أحيانٍ كثيرة جهود الجهات الأمنية في العالم، ولعل هذا هو الذي جعل بعض الباحثين يرون أن بعض الدول ضالعة في الترويج وحماية المروّجين من وراء الكواليس.

إني إذ أحيي جامعة نايف ممثلة في معالي مديرها د. عبدالعزيز بن صقر الغامدي، ونائبه سعادة الدكتور جمعان بن رقوش، لأطلب منهم متابعة تفعيل توصيات هذه الندوة ونظائرها وتنفيذها على أرض الواقع لكي لا يقع عليها ما يقع على توصيات الندوات والمؤتمرات من إهمال في عالمنا العربي والإسلامي.

إشارة:

أوصي نفسي والجميع بألا ننسى الدعاء فهو سلاح عظيم في مواجهة الأعداء المتخفِّين.

 

دفق قلم
الإنترنت ومكافحة المخدرات
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة