Thursday  26/05/2011/2011 Issue 14119

الخميس 23 جمادى الآخرة 1432  العدد  14119

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

تأخرت في الكتابة عن الفقيد الراحل الشيخ عبدالله بن خميس، حتى ظن الظانون في أنفسهم شيئاً.. و ما كان لي أن أظن في نفسي كهذا!

أما: لماذا تأخرت في رثاء المرحوم ؟ فهو، بعكس تلك الظنون، أني كنت أريد أن أكتب رثاءً شعرياً (قصيدة) تليق برثاء شاعر كبير كابن خميس -رحمه الله-، لكن لما استعصى عليّ القلم الذي يبدو أنه شاخ كثيراً وربما جفت عروقه، أردت أن أتدارك شيئا مما بقي فيه من روح كي أكتب هذه الكلمة البسيطة في رثاء رجل كبير.

لم يكن عبدالله بن خميس شاعراً فحسب كما عرفه محبو الشعر، ولا مؤرخاً فحسب كما ظنه المؤرخون.. بل هو أكثر من هذا وذاك.

كان ابن خميس شاعراً جزل الألفاظ مسبوك العبارة، وفوق هذه المتانة الشعرية التي اتصفت بها قصائده، فقد كان يضفي بإلقائه الجهوري الصحراوي مزيداً من الرونق والجاذبية لشعره المتين. وسأقولها بكل وضوح الآن، فقد كان وجودي معه في ساحة الشعر تنافسياً في عدد من المناسبات الوطنية السعيدة والحزينة (الرثاء) خلال عقود ماضية، حافزاً وثّاباً لي لحَبْك قصيدتي التي لا أريدها أن تكون أقل شأناً وشأواً من قصيدة ابن خميس.

لكن، لأن ابن خميس ليس شاعراً فحسب، فقد أتاحت لي حظوظي أن يكون لي تنافس آخر مع العملاق ابن خميس، في ساحة الإعلام. فهو مؤسس ورائد من رواد الصحافة في بلادنا، وحين أنشأت ورأست تحرير صحيفة « الدعوة «، التي أسسها شيخي سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، لم يكن أمام ناظري في تلك الأعوام كشاب يخوض تلك المجازفة الصحفية، سوى « يمامة « حمد الجاسر» و» جزيرة « عبدالله بن خميس، رحمهما الله.

وهاهي « جزيرة « ابن خميس الآن تكبر وتتمدد حتى غدت غير مهددة بالغرق بإذن الله تعالى، مثلما حلقت « يمامة « الجاسر (الرياض) عالياً في سماء الإعلام.

ولأن الأديب الكبير عبدالله بن خميس مثقف شمولي؛ فقد استطاع أن يتمدد بأجنحته إلى مواطن أخرى أتقنها وأثراها بفكره النيّر وعطائه الثري، فكتب وألّف في شؤون تاريخ الجزيرة العربية، وفي علم الأنساب وفي الشعر النبطي ما لا يمكن للدارسين في هذه المجالات الاستغناء عنه.

كان عبدالله بن خميس واحداً من رموز المثقفين الكلاسيكيين والمستنيرين في آن، وهو النوع من المثقفين الذين كانت تزخر بهم بلادنا في العقود الماضية، وربما شحّ وجودهم في الساحة الثقافية الآن.

وبعد.. فإني أحمد الله أن الذي كان بيني وبين الفقيد ابن خميس من توتر في العلاقة في زمن مضى، قد طمسناه في السنين الأخيرة الماضية، وقد التقينا متوادين في أكثر من مناسبة، من أبرزها في ذاكرتي حين ذهبت إليه في بيته قبل قرابة عشر سنوات لتعزيته في أحد أقاربه، فلما أن رآني داخلاً مجلسه المكتظ بالمعزين أصر -رحمه الله- رغم بداية توعكه وثقله وتحيته المعزين جالساً، أن يستقبلني واقفاً بمساندة أحد أبنائه، إكباراً لمجيئي. فغلب -رحمه الله- مجيئي كله بوقفته فقط! وقد كان الصديق الدكتور عبدالرحمن الشبيلي موجوداً ومحتفلاً بذلك الموقف لنبله المعهود، وبصحبته نخبة من المثقفين الفضلاء.

سامح الله ابن خميس وسامحني الله على ما كان بيننا، وأثابه عما قدم لوطنه وأمته خير الجزاء، وجعل الجنة مثوانا جميعاً.

 

عن الراحل ابن خميس
جئته فوقف.. فزال ما بيننا
عبدالله بن إدريس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة