Saturday  28/05/2011/2011 Issue 14121

السبت 25 جمادى الآخرة 1432  العدد  14121

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

ركزت المحطات الفضائية في ثورة التغيير (2011) م في اليمن على مطالبة المرأة رئيسها علي عبد الله صالح بالرحيل, فالمحطات التلفزيونية تظهر المرأة اليمنية بكل أطيافها الثقافية والاجتماعية ومناطقيتها: المدنية والريفية والساحلية والجبلية وهي تطالبه الرحيل...تراها مرة بالنقاب ومرة أخرى باللثام وثالثة بالوجه اليمني الطلق الحاسر تفاصيله مثل القصائد العربية التي تأتي من جبال اليمن مسترسلة كما في قصائد الشاعر الكندي امرؤ القيس وهو يصف المرأة العربية في: قصيدة تعلق قلبي. ويجمع شتات الجمال العربي عبر أقاليم وقبائل الجزيرة العربية في زمن الشاعر... المحطات العالمية عربية وغيرها رسمت صورة إيجابية وحقيقية عن المرأة اليمنية الواعية والمثقفة والحقوقية وهي تطالب بالتغيير السلمي في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء وتعز والحديدة وجنوب البلاد في حضرموت وعدن. طبعوا لها صورة أكثر حضارية وهي كذلك واعية تنتمي لجيل التعليم والجامعات والمختبرات وقاعات الدراسة العليا, ثبتوا صورتها على هيئة معلمة وطالبة وأستاذة جامعة وحقوقية ومهندسة وسيدة أعمال وربة بيت مخضبة أطراف يدها بلون راية اليمن ووسط راحة الكف والمعصم كتبت رمزية الثورة بأربعة أحرف: (إرحل) وبالكف الأخرى رفعت أصابع النصر شاهرة يدها المشبعة بالحناء وخطوط الوطن وهي تنشد أناشيد اليمن السعيد أهازيج المدن والريف والقرى الزراعية وحكايات الحصاد ومواسم البذور والبيادر ورائحة أشجار العنب الأسود والرمان الزاهر والزبيب المعتق والمانجو الفواح والتين المجفف والبن والقهوة المرة وذائقة العسل الشهد وبهارات أودية نهايات جزيرة العرب قبل أن تصب في بحر العرب ومياه بحرنا الأحمر وقبل أن تغوص في رمال ربعنا الخالي... تذكرت تلك الأغنيات العربية الثائرة في سماء العرب أيام المواجهة العسكرية والسياسية مع إسرائيل حين كان شاعر فلسطين محمود درويش يكتب بكل حميمية الزيتون والزعتر لفلسطين الأرض وللمرأة الصابرة على حدود النكسة في الضفة الغربية, أو ساعة الغروب وهي تخطو خطواتها المتثاقلة على رمل وزبد بحر غزة, أو وهي تعبر طروقات شوارع القدس العتيقة, وحتى في الجنوب اللبناني وهي تتلقى القنابل، وهناك في مخيمات اللاجئين في العواصم العربية, قصيدة المرأة اليمنية في ساحات التغيير: (في البال أغنية -يا أخت - عن بلدي - نامي- لأكتبها- رأيت جسمك- محمولاً على الزرد- وكان يرشح ألواناً- فقلت لهم:جسمي هناك- فسدوا ساحة البلد- في البال أغنية -يا أخت - عن بلدي -نامي لأحفرها وشماً على جسدي).

فالمرأة اليمنية كتبت وشماً غائراً عميقاً في جسد الوطن العربي وأشهدت العالم أنها امرأة يمنية متجذرة في أرضها وتنتمي لحضارة عريقة وتراكم من الوعي الوطني, وأنها جاءت لساحة التغيير من قاعات الدراسة الجامعية, وطاولة الوظائف, ومن المنازل الحجرية, والبيوت التي ترشح بالطوب، وأعود سنابل القمح اليابسة, ومن المساكن ذات (العروش) الخشبية لأشجار السدر والعرعر... إذن هذه هي المرأة اليمنية التي تصفها المصادر الإخبارية والقراءات السريعة مجافية للواقع حيث وصفتها إجمالا بأنها امرأة (متخلفة) ثقافيا وتسبح في بحر من الأمية والجهل ولا تدرك حقوقها وأهمية دورها الوطني.

 

مدائن
المرأة في ساحة تغيير اليمن
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة