Sunday  29/05/2011/2011 Issue 14122

الأحد 26 جمادى الآخرة 1432  العدد  14122

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

نشأة الملك عبد العزيز
الطالب: بندر بن سلطان بن عبد العزيز

رجوع

 

ضيوفنا الأعزاء، أصحاب السمو الأمراء، أصحاب المعالي الوزراء، أساتذتي الكرام، إخواني الطلبة:

ولد الملك عبد العزيز في قصر آل سعود بالرياض في شهر ذي الحجة عام 1297هـ. وفي السنة السادسة من عمره بدأ يتلقى ما يحتاج إليه في تربيته وإعداده للمستقبل الذي ينتظره كأمير مسؤول سيضطلع بأعباء جسام.. فأخذ دروسا في القرآن وأصول اللغة والشعر والتاريخ.. ليهذب روحه ويثقف علمه كما تدرب على ركوب الخيل واستعمال السيف وإطلاق النار وكل ما من شأنه أن يجعل منه فارسا.. واستمر على هذا المنهج حتى بلغ الثانية عشرة من عمره.. في هذه السن المبكرة فتحت عيناه على أشياء كان لها في نفسه أثر كبير فقد رأى أعمامه يتنازعون على الحكم ويتحاربون بينما العدو لهم بالمرصاد يتحين الفرصة التي يحتل فيها الرياض ويستولي على نجد كلها ويحدث فعلا ما كان يخشاه ويفكر فيه المخلصون.. فإن ابن الرشيد قام بمحاولة للاستيلاء على نجد فتصدى له الإمام عبد الرحمن ولم يجد الفتى الناشئ بدا من الاشتراك في هذه الحرب على حداثة سنه ولكن المعركة تنتهي بهزيمة شديدة للأمير عبد الرحمن ومن معه.. فيتراجع إلى العاصمة ويتحصن بحصونها ويأتي ابن الرشيد ويحاصر الرياض ولا يجد الإمام عبد الرحمن أمام ذلك إلا الرحيل على وجه السرعة من الرياض هو وأفراد عائلته ويهيم على وجهه في الصحراء إلى وجهة غير معلومة بعد أن أحس من كل قبيلة نزل بها أنها لا ترحب بنزوله لديها.. وأخيرا حط رحاله لدى (آل مرة) المقيمين بالربع الخالي وعاش عبد العزيز مع والده بين قبائل آل مرة مدة من الزمن مارس فيها ألوانا قاسية من التقشف وخشونة العيش تعب منها أول الأمر كثيراً ولكن هذه الحياة كان لها أكبر الأثر في تنشئته وتكوين شخصيته وتوجيه حياته فيما بعده.

وبعد مدة من الزمن رحل عبد الرحمن ومعه أبناؤه وأسرته إلى الكويت للإقامة فيها وهناك أخلد إلى الراحة وإلى العبادة وصار أمله ضعيفا في استعادة مجد آبائه.. أما عبد العزيز فقد وطد صلته بالحاكم الجديد للكويت مبارك الصباح الذي قتل أخاه واستولى على الحكم منه.. وكان سياسيا بارعا فاستفاد عبد العزيز من صحبته كثيراً واستطاع أن يلفت الأنظار إليه وأصبح شخصية لامعة في الكويت يعرفه الجميع ويقدرون مواهبه.. وفي مجالسه كثيراً ما كان يتحدث بفخر واعتزاز عن أيامه التي قضاها مع قبائل آل مرة التي يعرف الجميع بأسها وشدتها وقسوة حياتها التي طبعتهم بطابع الخشونة والصلابة لأنه كان يعرف الفوائد الجمة التي جناها من حياته مع هذه القبائل.. كان عبد العزيز يتردد على مجلس حاكم الكويت كل يوم ويراه وهو يدير الأمور ويفصل في المشاكل ويختلط بمن يجلس معه في مجلسه من الأفراد والعلماء والوجهاء كما كان يجتمع أحيانا بمبارك الصباح على انفراد في مجالسه الخاصة مع مندوبي الدول.. فأفاد من ذلك كله خبرة كبيرة.

وحين ننظر في حياة عبد العزيز الأولى نظرة تأمل نجد أن نشأته مرت في ثلاثة أدوار:-

1- كانت مدرسته الأولى في الرياض وقد هيأ له أبوه فيها برنامجا يهدف إلى تثقيفه وتهذيبه وذلك بدراسة القرآن والشعر والتاريخ وبرنامجا آخر يهدف إلى تعليمه الفروسية عن طريق ركوب الخيل ومخالطة الناس واستعمال السلاح واستمرت هذه المدرسة حتى الثانية عشرة من عمره.

2- وكانت المدرسة الثانية مع قبائل آل مرة حيث عاش حوالي العامين وهذه المدرسة على قصر مدتها ربما كان لها أكبر الأثر في تكوين شخصية عبد العزيز لقد تلقى فيها أفضل ما يمكن أن يتلقاه أمير مشرد يفكر في الكفاح من أجل استعادة مجد آبائه وأجداده لقد هيأته هذه المدرسة لدوره الكبير في الحياة وأحسنت تهيئته.. فقد درس فيها كل ما يحتاج إليه في حرب الصحراء.. وعرف كيف يجمع بين السرعة والدهاء وتعلم فنون مباغتة العدو.. والتحايل عليه والظهور فجأة في أماكن لا يتوقع أحد ظهوره فيها.. كما تعلم كيف يطمس آثاره من بعده بحيث لا يعرف أحد اتجاهه وكيف يتوارى عن الأعين بين الأخاديد وخلف الأحجار كما صار صاحب معرفة كبيرة بالآثار يعتمد عليها كثيراً في حركاته وتنقلاته معتمدا على ما يستنبطه منها من معلومات. لقد كونت هذه المدرسة عبد العزيز المحارب وجعلت شخصيته العسكرية محل تفكير القبائل.. ومدار حديثهم..

3- المدرسة الثالثة كانت في حياته بالكويت.. في مجلس الحاكم العام وفي مجالسه الخاصة التي كان يتدبر فيها.. وفي معاشرته للأمراء والوجهاء والعلماء استفاد من ذلك كله في تكوين شخصيته السياسية في الدرجة الأولى...

إخواني: هذه نشأة الملك البطل الذي بدأ حياته أميرا مشردا في مجاهل الصحراء ثم استطاع بعد ذلك أن يستعيد مجدا ضائعا ويؤسس مملكة حديثة ويوحد جزيرة شاسعة الأطراف تحت سلطانه.. تحمل اسمه واسم أسرته إلى اليوم.

هذه نشأة الملك البطل الذي عرفه فيما بعد تشرشل في بريطانيا وروزفلت في أمريكا وعرفوا فيه الرجل الذي حول مجرى التاريخ في أمته.

حقا إنه البطل عبد العزيز الذي سيبقى ذكره خالدا على مر الزمن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الوراق: نشكر الأخ بندر عثمان الصالح الذي زوّدنا بهذا المقال من أرشيف والده - رحمه الله - وكان الأمير بندر قد كتبه لمجلة معهد العاصمة النموذجي حين كان طالباً يدرس فيه.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة