Tuesday  31/05/2011/2011 Issue 14124

الثلاثاء 28 جمادى الآخرة 1432  العدد  14124

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

للتغير ثمنٌ باهظ تدفعه الحكومات و الشعوب، وتتضرر منه الأوطان. «الحكمة يمانية»، إلا أنني أستبعد علاقتها بالعرب أصلا!، وليس اليمن فحسب!؛ ما يحدث في اليمن لا علاقة له بالحكمة، ولا الإنسانية، ولا المصلحة العامة التي يفترض أن تُقدم على كل شيء.

بلدٌ مُنهك، وشعب جائع، وفقير يُقحَمُ في دوامة الحرب الأهلية دون التمعن بمآلات الأمور!.

سبق السيف العذل، فاليمن دخل في طريق اللا عودة، واقتحم بإرادة رئيسه وشعبه عالم المجهول.

وزير الصناعة والتجارة اليمني، هشام شرف عبد الله، ذكر أن «اقتصاد بلاده تكبد قرابة خمسة مليارات دولار بسبب الأزمة السياسية التي تعصف باليمن»؛ وحذر من «أن الانهيار مُحيط بالبلاد إذا لم تقدم لها مساعدات عاجلة»؛ المساعدة تأتي من الداخل، والإنهيار قادم لا محالة مع تدهور الاقتصاد، وتفشي العنف، وبروز مؤشرات التقسيم؛ والإصرار على رفض تسوية الأشقاء الخليجيين.

أزمة اليمن أحدثت تداعيات اقتصادية حادة لا يمكن التعايش معها، أو مواجهتها بمعزل عن المساعدات الدولية؛ فالإيرادات النفطية التي تمثل أكثر من 70 في المائة من العائدات الحكومية، تراجعت بشكل كبير ما أدى إلى تفاقم عجز الموازنة العامة، وإذا ما أضفنا إلى ذلك توقف حركة الاقتصاد، تعطل السياحة، هروب الاستثمارات الأجنبية، وتعطل المشروعات التنموية، والاستثمارية المشتركة، فالكارثة تصبح أكبر ولا شك.

سعر الريال اليمني بدأ بالتدهور منذ اليوم الأول للأزمة ما أدى إلى بلوغ نسبة التضخم مستويات عالية وهو ما دفع اليمنيين إلى تخزين السلع خشية النفاد، وارتفاع الأسعار؛ وزير الصناعة والتجارة اعتبر أن «انخفاض قيمة الريال اليمني مقابل الدولار مفتعلة وظاهرية»؛ أختلف مع وجهة نظر الوزير عبدالله، فانخفاض الريال اليمني جاء لأسباب مرتبطة بالفوضى، توقف الصادرات النفطية، تداعيات الأزمة على قطاعات الاقتصاد، توقف تدفقات العملة الصعبة الداخلة، استنزاف الاحتياطات المالية من قبل الحكومة، إضافة إلى القلق من نشوب حرب أهلية.

تآكل النقد الأجنبي وتراجع الاحتياطيات إلى ما يقرب من 3 مليارات دولار أثر سلبا على قيمة الريال، ومستقبل صرفه، ومستقبل الاقتصاد بشكل عام.

طول أمد الأزمة يعني انهيار الاقتصاد اليمني، وتعرض المجتمع إلى مجاعة حقيقية وأضرار فادحة قد يصعب التعامل معها مستقبلا. أزمات متوقع حدوثها في الغذاء، الطاقة، المياه، السلع الاستهلاكية إذا ما استمر الوضع المنفلت على ما هو عليه!.

تفجير أنابيب النفط، وتوقف عمليات نقل الغاز تسبب في إحداث أضرار مزدوجة للشعب والحكومة؛ إلا أن الضرر الأكبر سيقع على رؤوس المواطنين ولا شك.

الوزير عبدالله طالب «دول مجلس التعاون الخليجي بالوقف إلى جانب (اليمن) فترة ما بعد الأزمة لإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد، والنهوض بالتنمية البشرية والبنية التحتية وتحديثها»!.

الحديث عن (فترة ما بعد الأزمة) سابق لأوانه، فالأزمة؛ إذا لم تُحل؛ قد لا تبقي شيئا يمكن التعامل معه مستقبلا، وهو أمر ربما غاب عن مخيلة الحكومة اليمنية.

دول الخليج قادرة على مد يد العون للأشقاء في اليمن، وهي متحفزة للقيام بدورها التنموي، والإغاثي، ولعلها ضَمَّنَت مبادرتها بعض المشروعات التنموية، والإغاثية إضافة إلى برامج دعم الاقتصاد؛ إلا أنه ليس من الإنصاف مطالبة دول الخليج بالمساهمة في الإعمار والتنمية في الوقت الذي ترفض فيه الرئاسة المبادرة الخليجية التي تمثل المخرج الآمن لأطراف الأزمة في اليمن. تبذل السعودية جهوداً جبارة لإنهاء الأزمة، والوصول إلى تسوية يمكن من خلالها حماية اليمن وشعبه، وتجنيبهم ويلات الدمار؛ وتتحمل في مقابل ذلك الكثير من الخسائر المادية والسياسية، فسلامة اليمن أمر غاية في الأهمية، وهدفا لا يمكن التنازل عنه؛ وهو ما تؤكده التحركات الأخيرة ووساطتها الحكيمة.

هل يشعر اليمنيون، حكومة ومعارضة، بحجم الكارثة الحالية، وتداعياتها المستقبلية؟ لا أعتقد!؛ فالأطراف المتنازعة لم تصل بعد حد الاستيعاب الفكري لمعنى «الحرب الأهلية»، وهو أمر قد يؤدي إلى (صوملة) اليمن السعيد، ويقوده إلى الفوضى، والفقر والعوز، وربما التقسيم.

من أجل مصلحة شعبها، وحماية مملكتها من التدمير، عارضت الملكة بلقيس مستشاريها الراغبين في المواجهة والحرب، و تخلت عن عرشها العظيم، ونزلت طائعة لحكم سيدنا سليمان، عليه السلام؛ ومن أجل الحكم تزداد الأزمة اليمنية تعقيدا، ويتم التضحية بالشعب والوطن، وتوضع العراقيل أمام وساطة الحكماء والمشفقين على مستقبل اليمن. سيكتشف المتنازعون في اليمن ضآلة المكاسب بعد تدمير الدولة وإراقة الدماء؛ ووزر السلطة، وتفاهتها في مجتمعٍ يفتقد أفراده إلى الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
كُلفة الأزمة في اليمن
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة