Wednesday  01/06/2011/2011 Issue 14125

الاربعاء 29 جمادى الآخرة 1432  العدد  14125

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

المنافسة كلمة معبرة عن سلوك بشري شائع، فالناس يتنافسون فيما بينهم بصورة يومية وربما في حالات كثيرة بصورة قسرية لا إرادية، والمنافسة تأخذ صورا مختلفة، فعندما يحتدم الأبناء في اكتساب اهتمام الوالدين، فهم يتنافسون لحيازة ذلك الاهتمام، وعندما تتجمل النساء في حفلة عرس فهن يتنافسن لاكتساب الإعجاب، وعندما يتفاخرالرجال في تأثيرهم وأنسابهم فهم يتنافسون في حيازة التقدير والاحترام، وفي المجال الاقتصادي يتنافس الناس لحيازة المنافع، ولا يكون التنافس إلا مع الندرة، فاهتمام الوالدين يمثل ندرة في عرض العاطفة يحكمها الوقت والفردية والفراغ، وكذلك عرض الإعجاب والتعبير عن التقدير والاحترام، لذا فالمنافس يبحث عن نافذة صغيرة من الوقت ليعرض تميزه عمن سواه أمام المستقصد عندما يكون ذلك خاليا من أي شاغل، وقد يتكرر حدوث ذلك العرض بصورة مستمرة فلا تستقر تنافسية أحدهم طالما لم يشعر بإشباع الفوز أو تحقيق المراد، ويختلف الناس في اكتساب ذلك الإشباع حتى أن بعضهم يتمادى في التنافسية للحد الذي يجعله يحمل على منافسيه عدواة وبغضاء وأحياناً يتعدى عليهم، هذا في سلوك الناس وفي عواطفهم، ولا يختلفون بذلك في التنافس حول منافعهم، فالندرة هي سيد المنافسة وكلما زادت الندرة حمي وطيس المنافسة حتى يصل الأمر للقتال حول اكتساب المنافع والموارد.

قام الاقتصاد الحر على مبدأ إتاحة المنافسة كعامل دفع لزيادة المنفعة، فالمنافسة في تعريفها الاقتصادي هي توظيف القدرات الكامنة لتحقيق تميز نفعي، لذا فالاقتصاديون الرأسماليون يدفعون بالقول، إن المنافسة هي الدافع لزيادة المنفعة فالمنتجون يعملون بصورة دائمة لتحقيق تميز نوعي في منتجاتهم لاكتساب رغبة المستهلكين، وهذا التميز النوعي يكون في عناصر السعر والجودة وكفاءة الإشباع، والتطوير والتحسين في عناصر التميز للمنتجات والخدمات يمثل حافزا لعرض المزيد من الخدمات والسلع في السوق مما يمثل دفع لخفض الندرة في العرض، هذا من جانب، ومن جانب آخر يتنافس المشترون في اكتساب حيازة المعروض من السلع والخدمات تمايزهم يتمثل في الثمن الذي يعرضون، وضمان الطلب المستمر والكمية، لذا تتحكم تنافسية المشترين في وفرة العرض، هذا التأثير المتقابل من البائعين والمشترين وفي صورة متحركة يقود لخلق توازن مفترض بين العرض والطلب يحقق الإشباع والرضا لدى البائع والمشتري، ومع ذلك فإن هذا التمثيل النظري لا يتحقق على الواقع بالصورة المثالية، فإخفاق المنافسين الأقل قدرة كامنة لديهم، إن لم يدفعهم لتطوير قدراتهم كما تفترض نظرية المنافسة يتجهون إلى الإخلال بعوامل المنافسة من خلال الغش والخداع والرشوة والتآمر والاحتكار والاستئثار وإفساد النظام العام المقنن للتعاملات. لذا تنبهت المجتمعات المتمدنة لما للمنافسة من تأثير مدمر عندما ينفلت عقالها، وبالغ بعض المفكرين في طروحات لكبح جماح المنافسة المدمر في تبني نظريات تلغي المنافسة كعامل تنمية اقتصادي، فظهرت النظم الشيوعية والاشتراكية، ولكن المجتمعات التي استمرت في تبني المنافسة كأداة هامة لبناء السوق الحر، لم تترك الحبل على الغارب فقد وضعت قوانين صارمة تحكم التنافس ضمن ضوابط تضمن التأثر الحسن للمنافسة.

عندما ننظر لسوق المملكة الذي يصنف بلا تردد على أنه سوق حر تحكمه آليات تنافسية، ونتساءل هل تنافسية سوق المملكة تنافسية متوازنة؟ بمعنى هل ما يحكم تنافس السوق هو القدرات الكامنة لدى البائعين والمشترين؟ في حقيقة الواقع نعم ولا في نفس الوقت؛ فلدينا كم هائل من الأنظمة والقوانين والضوابط التي تحكم المنافسة في حدود تصل إلى حد كبحها ومع ذلك نرى في السوق الاحتكار، والغش والتحايل وإفساد الذمم والخداع بصورة ملحوظة، والسبب يعود للتراخي في تطبيق الأنظمة والاستثناء والستر على المخالفين حتى بات من الممارسات المقبولة أن يتم التنسيق مع جهات حكومية حول تحديد في الأسعار وحكر للكميات المعروضة وتغاضٍ عن التلاعب في الإعانات، هذا الواقع بات يصنع طبقة مستأثرة تملك معظم ثروة البلد وتزداد ثروتها في تناسب طردي مع زيادة طبقة الفقراء ومحدودي الدخل فاستمرارمحاباة ذوي النفوذ والمال من تطبيق الجزاءات الرادعة في حال مخالفتهم للنظام سيقود لجموح التنافس بصورة مدمرة للسوق والأخلاق.

mindsbeat@mail.com
 

نبض الخاطر
المنافسة عندما تكون مدمرة
محمد المهنا أبا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة