Wednesday  01/06/2011/2011 Issue 14125

الاربعاء 29 جمادى الآخرة 1432  العدد  14125

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

في مقالٍ سابق أشرت إلى أهمية أن يضطلع مجلس الشورى بصورة أكبر بأدواره التشريعية والرقابية بمقتضى نظامه الصادر في عام 1412هـ. ويقترب أكثر من القضايا والهموم المجتمعية التي تفرزها باطراد التحولات والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها المملكة ديموغرافياً واقتصادياً واجتماعياً.

لذا فمن المهم جداً إزاء ذلك تعزيز قنوات الاتصال بالمواطنين، في مناطق المملكة ومدنها ومحافظاتها وقراها وهجرها، والاطلاع عن كثب على همومهم وقضاياهم المعيشية العالقة. والعمل من هذا المنطلق على بناء مزيد من أُطر الرقابة على الهيئات والمؤسسات العامة المسؤولة عن تقديم المنتجات والخدمات لعموم المواطنين، ومعالجة أوجه القصور والخلل في مكامن أدائها، والتي تحول دون تقديم هذه المنتجات أو الخدمات بكفاءة عالية.

عليه، فمن المؤمل أن تكون مبادرة معالي رئيس مجلس الشورى وعددٍ من أعضاء المجلس بزيارة مقر مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية ذات طبيعة ديناميكية متواصلة لما لها من تأثيرات إيجابية على المنظومة البنيوية والخدمية لمؤسسات الدولة. وهذا الحراك سوف يساعد بالتأكيد على الدفع قدماً بأعمال ومهام التطوير والتحسين وصولاً إلى منتجات وخدمات نهائية ذات كفاءة وإنتاجية عالية تتسع من خلالها مساحات الرفاهة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن السعودي.

وإذا كانت هذه المبادرة قد استهدفت في هذه المرحلة مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية، فلأنَّ الأمر يستوجب ذلك، بلْه هو مطلب نخبوي وجماهيري ملح لتحسين وتطوير مستويات الأداء، وبما يترجم رسالة ورؤية المؤسسة في الاجتهاد لتحقيق رضا عملائها.

هذه الأهمية العالية لمطالب تطوير أداء مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية، ينبثق من كونها أكبر ناقل جوي في منطقة الشرق الأوسط، والمهيمنة على سوق الطيران الداخلي، أو المحطات الداخلية بين مدن المملكة ومحافظاتها والتي استوعبت في عام 2010م نحو (11) مليون راكب.

من إرهاصات هذه المبادرة تأكيد معالي مدير المؤسسة على التَّوجه نحو إعادة هيكلة قطاع التدريب بهدف تطوير مستوى الأداء والخدمة، وتحسين أسلوب التعامل مع المسافر.

في تقديري أنًّ هذا التَّوجه هو مربط الفرس، وهو الكفيل بإعادة ثقة عملاء السعودية بمنظومتها التشغيلية والخدمية، من أجل مواكبة مثيلاتها من شركات الطيران العربية والعالمية ذات القدرة التشغيلية والخدمية العالية. فلا مناص إذن من بناء مبادرات خلاَّقة، تُعنى بضخ دماء وقيادات ذات مسؤولية مهنية عالية تتوفر لديها المهارات الإدارية والفنية والتنظيمية (القيادات الذكية)، لنشر منظومة من الممارسات وقِيم العمل تتصل مباشرة بأساليب الأداء، واحترام الآخرين، وتطوير المهارات وروح المبادرة والإبداع، وثقافة التنافس، واستخدام وسائل التقنية، والبيئة المادية داخل المؤسسة، وإدارة الوقت، وأخلاقيات العمل، ونظام الترقيات والمكافآت، والعلاقة مع المستفيدين والعملاء، وإدارة الأزمات.

في هذا السياق يمكن الإشارة تحديداً إلى جملة من الملحوظات على الخدمات التي تقدمها مكاتب السعودية الرئيسة والفرعية في مناطق ومدن ومحافظات المملكة، والتي يطالب عملاء السعودية بتطويرها وتحسين مستويات أدائها، ومعالجة الإشكالات في بنيتها الإدارية والتنظيمية والخدمية، التي تفرز باطراد سلوكيات وأساليب وإجراءات لا تتقاطع بالكلية مع قِيم العمل ومعايير كفاءة الأداء، ومتطلبات الجودة.

من أبرز هذه الملحوظات:

1- الافتقاد العام لثقافة إدارة العمل، والمسؤولية المهنية، بما يؤكد الحاجة إلى القيام بمجموعة من المبادرات لغرس وتعزيز قِيم ومهارات العمل. ومن المهم جداً في هذا السياق التخلص تماماً من كل العناصر التي امتهنت التعامل بمنطق الفوقية والاستعلاء وعدم احترام جمهور العملاء.

2- النقص الواضح في عدد موظفي هذه المكاتب، بما يسهم في تبديد أوقات العملاء، وتعطيل مصالحهم، وحتى استفزازهم. وهذا النقص قد يرجع أساساً إلى وجود خللٍ في آلية توزيع الموارد البشرية على الوحدات الخدمية المختلفة التَّابعة للخطوط السعودية، أو إلى الفشل في تشغيل المزيد من الطاقات السعودية المُعطَّلة. ومن ثمَّ يتطلب الأمر بالضرورة إجراء إصلاحات بنيوية في تخطيط وإدارة الموارد البشرية بالمؤسسة.

3- افتقاد هذه المكاتب لمنظومة خدمية متكاملة، تتيح للعملاء إنجاز جميع احتياجاتهم في هذا المكتب أو ذاك. فالعديد من المكاتب الفرعية غير متاح لها تقديم كل الخدمات المطلوبة، مما يترتب عليه اضطرار العملاء إلى التعامل مع المكاتب الرئيسة في مدنهم، بما يدفع إلى تكدسهم في محيط هذه المكاتب، وتحملهم لدرجات متفاوتة من التأخير والتعطيل بدون مبرر. وهذا بدوره يؤكد على أهمية معالجة الخلل في تخطيط وتوزيع المنظومة الخدمية بشفافية ومهنية عالية.

4- عدم الاهتمام بتوطين الخدمات الإلكترونية في عمليات الدفع والتحصيل، التي تساعد على أداء العمل بكفاءة وإنتاجية عالية، وفترات زمنية قياسية. إذ لا تزال هذه المكاتب أو معظمها- على الأقل - تعمل في هذا الجانب وفق آلية تقليدية (الدفع النقدي المباشر - الكاش) وهذا أمرٌ مستغرب، ولا يمكن تبريره، إلا بالإصرار على نهجٍ وآلية وثقافة أكل عليها الدهر وشرب.

كلمة أخيرة:

مع أهمية مبادرات الخطوط السعودية لتحسين منظومتها التشغيلية والخدمية، فإنَّها لن تكون قادرة على المدى القصير أو المتوسط على استيعاب حجم الطلب الكلي على مقاعدها المتاحة في محطاتها الداخلية، فلا مناص بالتالي من فتح المجال لشركات الطيران الأجنبية - والخليجية خاصَّة - الراغبة في توسيع نطاق وجهاتها العالمية، للاستثمار في منظومة التشغيل والتوظيف في سوق الطيران الداخلي السعودي. وبما لا يتعارض البتَّة مع الأهداف والمنطلقات الوطنية. وهذا من شأنه الإسهام في تقديم منظومة خدمية عالية المستوى وبتكلفة تنافسية. وفي تقديري أنَّ ذلك يتماهى مع توجهات الخطة العامة الخمسية للدولة، والمؤشرات العامة الواردة بما يتعلق بسياسات الاستثمار المحلي والأجنبي التي تدعو إلى توفير المزيد من الفرص الاستثمارية المجزية واستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية. وإيجاد بيئة تشريعية وتنافسية مناسبة تتسم بالشفافية. وتوفير إطار متكامل للحوافز الجاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية.

من مأثور الحِكم:

أُعَلِّلُ النَّفْسَ بالآمَالِ أَرْقُبُها

ما أَضْيَقَ الْعَيْشَ لَوْلاَ فُسْحَةُ الأَمَلِ

 

الخطوط السعودية مبادرات وتوجهات إيجابية ولكن!
د. عبد المجيد بن محمد الجلاَّل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة