Tuesday  07/06/2011/2011 Issue 14131

الثلاثاء 05 رجب 1432  العدد  14131

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لم أستطع متابعة ما نشر حول هذا الموضوع في صحفنا المحلية في حينه، ولكن معظم ذلك جمع لي في ملفٍّ أمكنني من الاطلاع عليه وقراءته، فخرجت بانطباع القارئ المستقصي لما كتب في الصحف، ألا وهو انطباع الشعور بالإجحاف وعدم الإنصاف، وهذه مشكلة ما زلنا نعاني منها كثيراً في معظم منشوراتنا الصحفية، حتى ليشعر القارئ أنها -في بعض الأحيان- تعيش في وادٍ، ورأي المجتمع الحقيقي في وادٍ آخر. ولولا أن القارئ الواعي يعيش في مجتمعه وبين ربعه وأهله، لظن ما تروج له تلك الصحف صواباً، وما هو بصواب، ورأياً عاماً، وما هو برأي عام.

إن متابعتي لما كتب في الفترة الماضية في معظم الصحف عن «سأقود سيارتي بنفسي» أعطاني انطباعاً بعدم الإنصاف في طرح الموضوع، وطرح آراء أفراد المجتمع وأبناء وبنات الوطن فيه، وأكد لي وجود تناغم بين عدد ممن كتبوا وكتبن في هذا الموضوع ينطبق عليه مصطلح «أمرٌ دُبِّر بليل» وكأننا نعيش معركة حامية الوطيس داخل هذا الوطن المتألف المتكاتف، وكأن هذا الموضوع قد أصبح هو الأهم والأعظم خطراً والأكبر أثراً في بلادنا، فلم يعد هنالك -كما توحي بذلك الحملة الصحفية الملتهبة- أية قضية مهمة يمكن أن تطرح بهذا الزخم والإصرار في المجتمع غير قضية «قيادة المرأة للسيارة».

ولست هنا بصدد مناقشة الآراء المطروحة -صحفياً- وبيان الالتحام الواضح على من له رأي ثابت في هذه المسألة من العلماء والمثقفين وطلاب العلم، والكتّاب والمفكرين -رجالاً ونساء- وعامة أفراد المجتمع، وهو رأي مؤيد بالأدلة، وبأنظمة الدولة التي تؤكد منعها لقيادة المرأة للسيارة في المملكة لأسباب كثيرة تعرفها وزارة الداخلية التي أصدرت القرار، ولأدلة شرعية أشار إليها العلماء، لست بصدد مناقشة ذلك هنا.

إنما أردت هنا أن أوجه دعوة إلى صحفنا والقائمين عليها -وفقهم الله للخير والحق- أن يكون الإنصاف، والطرح الموضوعي هو الأسلوب الذي تطرح به مثل هذه القضية، فهذا واجب صحفي لا يجوز التفريط فيه، لأن التفريط فيه، إخلال صريح بأمانة الكلمة ومسؤوليتها.

لقد تشكلت جبهتان متناقضتان متصارعتان في هذه القضية التي ضخِّمت تضخيماً يثير التساؤل من جانب، ويثير السخرية من جانب آخر.

الجبهة الأولى هي جبهة الصحافة التي انجرفت -غالباً- بقضِّها وقضيضها إلى جانب التأييد الصارخ لمن أردن أن يقدن السيارة بأنفسهن مهما كان الثمن، والجبهة الثانية هي جبهة مواقع الشبكة المعلوماتية «الإنترنت» التي واجهت الجبهة الصحفية بقوة تتناسب مع قوة الطرح في الجبهة الأولى، وشعرت وأنا أتأمل حالة الجبهتين بأن هنالك خللاً في جانب «الموضوعية» في صحافتنا، فالسؤال المنطقي يقول: لماذا لم تفتح الصحف صدرها للرأي الآخر الذي لا يرى قيادة المرأة للسيارة، كما فتحته على مصاريعه كلها للرأي المعارض.

ولماذا لا يبرز دور الصحافة العادلة الواعية جلياً في هذه القضية؟

أين العنوان الكبير الذي ينشر تحته قرار وزارة الداخلية مثلاً؟

وأين العناوين البارزة التي تُنشر تحتها آراء العلماء؟

لماذا تتخندق معظم الصحف في صفِّ من ينادون بخلاف ما ينادي به أغلب أفراد المجتمع؟؟

لماذا لم يبرز قول الشيخ ابن عثيمين -يرحمه الله- وهو قول مفصَّل واضح في هذه المسألة؟؟ لماذا نرى بعض أقوال العلماء والمفكرين المهمة التي لا ترى الانسياق وراء دعوة قيادة المرأة للسيارة في المملكة، وتطرح ذلك بأسلوب موضوعي جميل، في مواقع «الإنترنت»، ولا نراها في مواقع بارزة من صحافتنا؟.

لماذا تتكوَّن هاتان الجبهتان المتصارعتان -الصحف والإنترنت- ونحن نسعى في بلادنا إلى ترسيخ مبدأ الحوار الموضوعي الهادف البعيد عن المزايدات؟؟ أسئلة تحتاج إلى جواب عملي منصف.

إشارة:

شيئاً من الإنصاف يا صحافتنا المبجَّلة.

 

دفق قلم
عن قيادة المرأة للسيارة
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة