Tuesday  07/06/2011/2011 Issue 14131

الثلاثاء 05 رجب 1432  العدد  14131

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

تحقيقات

 

تناقض التربية داخل البيوت
الأسرة تعلم أطفالها الكلام.. لنقول لهم اصمتوا..!

رجوع

 

جدة - تحقيق - صلاح الشريف

في المعتاد يحرص الوالدان على تعليم أبنائهما الكلام، ليسمعا أطفالهما يتكلمون بسرعة، ومع مرور الأيام يصبح الطفل قادراً على الكلام المفهوم بطلاقة، ولكن عندما يصبح الطفل شاباً يستمع إلى نمط جديد وعبارات أخرى مثل (اسكت، فشلتنا، عيب، حرام، ما يجوز، خلك رجال) في تناقض نوعي في التربية الأسرية داخل البيوت.

وينتشر هذا النمط في البيوت في افتقاد واضح للحوار الذي هو أس بناء الثقة في محيط الأسرة وبه تعيش الأسرة نمط حياة فعّال ومتماسك، وكلما كانت الأسرة مبنية على أساس متين وبالذات من الوالدين، ظهر من الأبناء من ينتهج هذا السلوك وتأثيره على المحيطين به، ويعد معياراً لنجاح أسرته الصغيرة والكبيرة، ومن ثم تكوين مجتمع يتأسى بمبدأ الحوار لكل مشكلة تصادفه أو معضلة تنجم عن أيّ ممارسات حياتية.

هذا ما يقوله متختصون في مجال علم التربية والاجتماع التقت بهم الجزيرة أثناء طرحها لأهمية بناء الثقة في الأسرة الواحدة، وإسباغ هذه صفة الحوار في الأبناء ثم الأحفاد، مع الأخذ في الاعتبار أهمية التوازن في إعطاء الثقة للأبناء حتى لا تنعكس سلباً بالثقة الزائدة المفرطة التي تقابل ضعف الثقة.

ولصنع هذه البيئة المثالية هناك العديد من المحاور ركز عليها التحقيق، ومنها أن تنشئة المولود الأول هو من يرسم معالم الطريق لبقية الأبناء وضمور لغة الأوامر، وظهور لغة اللين والعطف في البيت، ومشاركة الأبناء والبنات مهما كانت أعمارهم واختلافاتهم في كل القضايا المتعلقة بالبيت أو خارجه، ورعاية غصن الحوار الغض في الأبناء صغاراً، واحترم رأيهم، ووضع الأبناء في موضع التجربة والمسئولية، والاهتمام من التعزيز النفسي بالإشادة بمنجزاتهم ومحاسنهم، والبعد عن المقارنة بين الأبناء، وتجنب ذكر الأخطاء أمام الآخرين، وإعطائهم الفرصة لتحديد المشكلة.

وللتركيز أكثر على الجانب الاجتماعي يقول الدكتور أبو بكر باقادر أستاذ علم الاجتماع: الآباء الذين يعودون أبناءهم على لغة الأوامر عادة يأهلونهم ليكونوا تابعين، أما الآباء الذين يعودون أبناءهم على الحوار والمساءلة واستخدام الحجج وإقناعهم بها فآباؤهم يدربونهم على أن تكون قدراتهم في الحديث والتواصل أعلى وهذا يمكنهم إذا حصلوا على التعليم الضروري أن يصلوا مراكز عليا.

وأكد الدكتور باقادر أن على الآباء تعويد أبنائهم أن يثقوا في أنفسهم ويتمكنوا من التعبير عن مكنون فؤادهم وأنهم حينما يقدمون أنفسهم يقدمونها من خلال حجج منطقيه ومقبوله لدى الآخرين هذة تكسب الابن أو البنت ثقة في أنفسهم ويصبحون على دراية بالقرار الذي يتخذونه، كما على الأب أن يعطي وقتاً لأبنائه حتى يمكنهم من الحديث ويستمع لهم ولا يعنفهم على الخطأ ولكن يصحح لهم هذه الأخطاء بأسلوب تربوي يجعله أكثر قدرة على التعبير عن أنفسهم فإذا عبروا عن أنفسهم بشكل جيد وأصبح من الضروري عليهم أن يقنعوا الآخرين على الأقل بما يتطلعون إليه أو يعملونه، فهذا يكسبهم الثقة والتربة الخصبة والمران عند الآخرين بحيث يصبحون أكثر قدرة على القيام بالأدوار التي تدخل ضمن إطار القيادة يعني اتخاذ المبادره والحديث مع الآخرين من أجل إقناعهم بآرائهم وابتعادهم عن الخطأ.

في هذا الجانب تلفت الإخصائية الاجتماعية مها العبدالرحمن النظر إلى أن وجود الثقة بين أفراد الأسرة ركيزة أساسية للمواجهة، واتخاذ القرار، والجرأة، ونقد الذات وتعديل خللها، وتحدي الصعاب، والصبر والصلابة والتحمل.

تقول: من الصورة على ذلك أن الأسرة في الغالب تجتمع أمام التلفاز، وربما هناك قضية تتم مناقشتها، لماذا لا يحاول الأب مثلاً إشراك أبنائه في هذه القضية وسماع رأيهم ومناقشتهم فينشأ الأنباء أكثر انطلاقاً وطلاقة مهما كانت درجة تعليمه أو ثقافته أو صغر سنه، مع التركيز على مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء، والحرص على الحوار في مراحل النمو الأولى لأن الصغير يتلقى ويتفهم، والطفل يتعلم، والشاب يحتاج صداقة شخص ناضج وكبير ومن أولى من الوالدين لأداء هذا الدور، وكم أحترم رأي مختص نفسي حين قال: نحن نبذل قصارى جهودنا لنعلم أبناءنا الكلام، فإذا تكلموا قلنا اصمتوا.

وأضافت الإخصائية مها حول ركائز أساسية للحوار أنه يجب وضع الأبناء في موضع وتجربة المسؤولية، والاهتمام من التعزيز النفسي بالإشادة بمنجزاتهم ومحاسنهم، والبعد عن المقارنة بين الأبناء، وتجنب ذكر أخطائه ومحاسبته عليها أمام الآخرين، واحترامه رأيه، وإعطائهم الفرصة لتحديد المشكلة.

وللتطرق للجانب الديني في هذه المسألة التقت الجزيرة بالداعية المعروف الدكتور عبدالله المصلح وقال: الإسلام وسط بين التفريط والإفراط والتفريط هو الإيمان المطلق، وذلك بلا شك قد يفقد الأب زمام النصيحة لكي يتلقاها بالضرورة من غير أبيه من أن يتهم في إخلاصه وصدقه مع أن الأب أكثر الناس إخلاصاً وتفانياً في مصلحة أبنائه وثروة الأب أبنائه.

وأشار الدكتور المطلق إلى أن الثروة في صلاح الأبناء، وإذا أعطوا الثقة جاءت الثمار طيبة، كما يجب عليه أن يكون على هذا المسار رقيباً وعلى تصرفهم حسيباً ثم قبل ذلك وبعده وأوله وآخره الدعاء فإن الهداية بيد الله عز وجل والله سبحانه وتعالى هو يهدي من يشاء.

من جانبه أكد الدكتور أحمد الحريري المعالج النفسي والباحث في الشئون النفسية والاجتماعية أن تربية الأنباء على الثقة مسأله تربوية تعتمد على طريقة وأسلوب المعاملة.

وأشار أن التربية الأسرية مرت خلال فترة طويلة في المملكة بنوعين من متناقضين إما أن تعتمد على القسوة والشدة وعدم الثقة أو تعتمد على الإهمال أو اللامبالاة فتولد لنا جيل في فترة من الفترات غير واثقين من أنفسهم لا يستطيعون المواجهة ولا التعبير عن رأيهم ولا يعرفون حقوقهم ولا يستطيعون القيام بواجباتهم والسبب أنهم مسلوبي الإرادة.

وأوضح أن سلب الإرادة تولد من ناحية الأسرة، ملفتاً إلى أن اضطراب الرهاب الاجتماعي من أكثر الاضطرابات النفسية المنتشرة بالمملكة بسبب أسلوب المعاملة الوالديه والتنشئة الاجتماعية التي تعتمد على (عيب حرام وما يجوز وخلك رجال وغيرها).

وتابع القول: من البديهي أن الثقة قد تكون لها إشكاليتان خطيرتان الأولى ما يسمى بالثقة الزائدة بالنفس وهذة لا تقل خطورة نقص الثقة في النفس والأخرى ما يسمى بنقص الثقة بالنفس أو قلة الثقة بالنفس وهي أيضاً لا تقل خطورة من المسألة الأولى وبين هذا وذاك ما يسمى باختلال الثقة وهي التراوح بين الثقة الزائدة وقلة الثقة بالنفس لكن في الإطار العام أن الثقة تعني بكل بساطة التصرف بالشكل الصحيح في الوقت الصحيح، أو بمعنى آخر القدرة على التعامل والتفاعل بشكل سليم وصحيح عفوي خالٍ من ردود الأفعال الانفعاليه وغير السوية.

وركز الدكتور أحمد الحريري على المدرسة وأنها مكان مفضل لتعليم الأبناء طريقة التعبير عن رأيهم ومناقشة الأستاذ والصعود في الإذاعة الصباحية إلقاء الخطابات أمام الطلاب والأنشطة اللا صفية والمناهج التي تعتمد على تنمية شخصية الطالب وتنمية قدراته ومهاراته بعيداً عن إهماله في المنهج الدراسي والحفظ التلقين التي تولد جيلاً غير قادر على التفكير والإبداع.

على المسار ذاته يقول مازن: حياتنا تحدده في الغالب طريقة تعامل آبائنا معنا وتربيتهم فبعض الآباء للأسف يضع خطوطاً حمراء كثيرة أمام أبنائه في جميع المراحل السنية فيحدد له من يصادق ويحدد مسار حياته ويراقبه في كل صغيره وكبيره ويحاسبه عليها حساباً شديداً إذا أخطأ، وهذه للأسف لها سلبياتها الكبيرة التي تأثر في شخصية الولد أو البنت فإما تجعله متمرد أو تجعله منعزل.

ويضيف عامر: ثقافة الآباء يكون لها تأثير على حياة الأبناء الشخصية فمن وجهة نظري أن الآباء المثقفين يكون تعاطيهم مع أبنائهم أفضل لأنهم يتبعون طريقة الحوار مع الأبناء وهذا يزرع الثقة المتبادلة بين الطرفين ويقوي العلاقة بينهما ويصبح الأب أو الأم أصدقاء بالنسبة لأبنائهما.

أما ريم فتقول: أنا أحسد نفسي على الوضع الذي أعيش فيه بين أسرتي فالأسرة أسست فيني مبدأ الاعتماد على النفس في الكثير من أمور الحياة وهذا أعطاني الثقة بنفسي وبمن حولي والحمد لله كان لذلك دور كبير في بناء شخصية قوية، شخصية لها ذاتها ولها اختيارها وذلك لا يعني أنهم لا يوجهونني إذا أخطأت ولكن الأسلوب راقٍ وليس فيه التقليل أو التعنيف وهذا أسس فيني مبدأ التحاور والمشورة والأخذ بالرأي الآخر وطبعاً عندما أعطيت هذة الثقة بادلتهم نفس المشاعر وأصبحت حريصة على هذة الثقة ومحاسبة نفسي في كل تصرفاتي.

في حين تحدث ماجد خالد عن هذا الجانب بان تأسيس الأبناء منذ البداية على سلوك ونهج معين له أثر على مستقبل حياتهم ونمط عيشهم فإعطاء الثقة للأبناء من وجهة نظري يجب أن يكون مقنناً، مشيراً إلى أهمية التوسط وعدم الانفراط في إعطاء الثقة حتى لا نفلت زمام الأمور ويصعب التحكم في الأبناء.

وعلى صعيد الأمهات تقول أم مهند: أنا أم لعدد من الأبناء والبنات طبعاً أعمارهم متفاوته وطبائعهم مختلفه ولاحظت ذلك عليهم وجدت فيهم الإنطوائي وغير المبالي والحريص، وأشارت إلى أنه عندما أرادت أم مهند التعرف على أسباب السلوكيات، وتقول: عدت بالذاكرة للبداية ولأول مولود ووجدت أننا زدنا في دلاله وكنا نخاف عليه من أيّ شيء ولا نعطيه فرصة أن يقول رأيه أو يتصرف وحصدنا نتيجة هذا الأسلوب بعد أن كبر وأصبح عديم الشخصية وليس كبقية إخوته الذين نجد أن طريقتهم وأسلوبهم في الحياه تختلف لأننا أعطيناهم حرية ليست مطلقة ولكن في الحدود المعقولة لم نكبتهم ولم نعطهم الضوء الأخضر في كل شيء وهذا يعطينا درساً أن التربية يجب أن تكون بعقلانية ويجب مراعاة سن الأبناء، فلكل عمر أسلوب خاص به في التربية.

فيما تقول وردة البكري: يحتاج بناء الثقة في الأبناء إلى نقطة مهمة وهي أننا للأسف في الوطن العربي نحرص على تربية أبنائنا بالطريقة والأسلوب الذي تربينا عليه وهذا خطأ فيجب أن نعي إلى أن زماننا اختلف عن أمس وتغيرت الحياة بسرعة وأصبح جيل هذه الأيام صعب المراس له تفكيره وأسلوبه في الحياة وله طريقة معينة يريد أن يعيش بها.

وتزيد بالقول: أنا كأم يجب أن أكون حريصة في تربية أبنائي سواء ذكور أو إناث ويكون الحوار هو القاسم المشترك بيني وبين أبنائي حتى أبني الثقة بيننا وإذا أخطأ الابن أوجهه بطريقة مهذبة ولا أعنفه حتى لا يعاند ويتمادى وكذلك أعطيه الحرية في اختيار أشيائه كاللبس أو اللعبة ولا أفرض عليه رأيي حتى أساعده على بناء شخصيته؛ وأيضاً لا أحاول أن أحسسه أن هناك من هو أفضل منه من إخوته ولكن أسلوب الحوار العقلاني هو الذي يزرع الثقة بين أفراد الأسرة.

فيما يضيف المربي سلمان علي: الثقة شيء أساسي يجب أن يغرس في الأبناء حتى يكونوا قريباً منك ويصبحوا كأصدقائك، فالأب عندما يعطي ابنه الثقة ويعتمد عليه في قضاء حاجات للبيت فذلك يقوي شخصيته ويشعر أن له مكانته ودوره في المجتمع الصغير والكبير.

على الجانب المقابل يقول أحمد القرني: بعض الآباء معاملته مع أبنائه فيها الكثير من القسوة ولا يقتنع أنهم كبروا والحل أن الأب يجب أن يغرس الثقة في أبنائه منذ الصغر حتى تكون لديهم الشخصية الخاصة بهم والتي تكون من هذا الأسلوب في التربية.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة