Thursday  09/06/2011/2011 Issue 14133

الخميس 07 رجب 1432  العدد  14133

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

يتمتع بمعايير ذكية.. وبه جوانب غامضة بحاجة إلى التوضيح
«نطاقات» يستهدف التوطين مستخدماً العصا والجزرة

رجوع

 

تقرير: د.حسن أمين الشقطي

أعلنت وزارة العمل عن برنامج جديد لحث منشآت القطاع الخاص على رفع معدلات التوطين الوظيفية فيها، يعرف ببرنامج «نطاقات».. ويقوم البرنامج على أساس تقييم المنشآت حسب النسبة المئوية للقوى العاملة السعودية فيها، مقارنة بالمنشآت الشبيهة لها في الحجم والنشاط، وبالتالي يعطي تلك المنشآت تصنيفات لونية (الأحمر، والأصفر، والأخضر، والممتاز)، بناءً على التصنيف اللوني للمنشأة.. ويبدأ البرنامج إما بتقديم خدمات وحوافز وتسهيلات للمنشآت الداعمة لتوظيف السعوديين (الواقعة داخل النطاقين الممتاز والأخضر)، أو بحرمان المنشآت ذات معدلات التوطين المنخفضة (الواقعة داخل النطاقين الأصفر والأحمر) من خدمات الوزارة الأساسية.. وتتعرض المنشأة داخل اللونين الأحمر أو الأصفر إلى فرض قيود خدماتية عليها أو حرمانها من الخدمات، ومنها على سبيل المثال عدم تمكن المنشآت الواقعة في النطاق الأحمر من تجديد رخص العمل لعمالتها الوافدة، بينما ستستمر المنشآت الواقعة في النطاق الأصفر في تجديد رخص عمالها الوافدين حديثي التوظيف الذين عملوا في المملكة لأقل من 6 سنوات.

وهذا البرنامج يعتبر الأفضل وربما الأكثر احتمالا في تحقيق أهداف التوطين المطلوبة، لأنه اتصف بنوع من الذكاء في التعامل والتمييز بين المنشآت، وعدم وضعها جميعا في كفة واحدة عند التعامل مع التوطين.. ويمكن إبراز أهم الإيجابيات المتوقعة من وراء تطبيق هذا البرنامج فيما يلي:

أولا: أن «نطاقات» سيتعامل بأسلوب العصا-الجزرة، وليس العصا فقط كما كان معمول به في نظام السعودة السابق.

ثانيا: أن ألوان «نطاقات» تعتبر أكثر سهولة من قياس نسب السعودة المعمول بها سابقا، فهناك أربعة ألوان حسب مستويات الالتزام بالتوطين يسهل على كل صاحب منشأة تقييم منشأته بناء عليها.

ثالثا: أن «نطاقات» سيظهر المنشآت الوطنية التي تستحق التأييد والإشادة، وفي اعتقادي أن الإعلان والإفصاح عن هذه المنشآت سيحمس المنشآت الأخرى على الالتزام بنسب التوطين المطلوبة.

رابعا: أن «نطاقات» يقوم على المقارنة الداخلية للمنشآت فيما بين بعضها البعض، وليس فرض نسب أو معايير معينة قد يكون الجميع غير قادر على الالتزام بها، حيث يقوم البرنامج على مقارنة المنشأة بالمنشآت الشبيهة لها في الحجم والنشاط.

خامسا: أن هذا البرنامج بجانب أنه يمنح المنشآت داخل النطاقين (الأخضر والممتاز) مزايا لوجستية ترتبط بخدمات وزارة العمل، إلا إنه سيحقق لها أيضا مزايا تنافسية بالسوق ترتبط بالتزامها بمسئوليتها المجتمعية تجاه توظيف المواطنين، وفي اعتقادي أنه بالمستقبل القريب سنجد أن هذه المنشآت ستستغل تلونها بهذين اللونين في رسائلها الدعائية والترويجية، بما يزيد من مبيعاتها ويحسن من أرباحها.

سادسا: أنه من أجمل النقاط التي يقوم عليها «نطاقات»، هي حث وتحميس العمالة الوافدة على تشجيع مدراء المنشآت التي يعملون بها على توظيف السعوديين والالتزام بنسب التوطين، وخاصة بالنسبة للمنشآت التي يكون القرار الفعلي فيها في أيدي وافدين.. أي أن نطاقات سيجبر العمالة الوافدة على توخي الحذر في اتخاذ كل ما من شأنه رفع معدلات التوطين خوفا على وظائفهم أو لضمان تجديد عقودهم أنفسهم.

سابعا: أن برنامج نطاقات كان ذكيا للغاية عندما حدد العقاب بعدم تجديد رخص العمالة الوافدة لأكثر من 6 سنوات، لأن هؤلاء هم من يكونوا على صلة بصنع القرار بهذه المنشآت غالبا، وبالتالي فإنهم سيكونوا الأحرص على توجيه أو التأثير على صانعي القرار بهذه المنشآت للالتزام بتوطين السعوديين.

ثامنا: أن برنامج نطاقات سيقلل من حدة المنافسة غير العادلة بين العمالة الوافدة والعمالة السعودية داخل منشآت النطاقين الأحمر والأصفر، بحيث ستكون الأولوية لتوظيف السعودي للخروج من هذا النطاقين المقيدين.

رغم هذه الإيجابيات، إلا أن هناك جوانب غامضة، وأخرى غير مقننة وثالثة تحتاج إلى معايير ذكية في التطبيق، ونذكر من أهمها ما يلي:

(1) أن البرنامج يقوم على مقارنة المنشأة بالمنشآت المماثلة في الحجم والنشاط، ولكن كيف سيتم اختيار هذه المنشآت محل المقارنة؟ وكيف سيتم تصنيفها؟ بمعنى هل سيتم اختيار المنشآت الملزمة بالتوطين 100%؟ هذه النقطة ستكون محل النقاش الأساسي حول البرنامج.

(2) أن البرنامج لم يحدد فترات سماح مناسبة للمؤسسات الصغيرة ذات رؤوس الأموال الصغيرة قبل تطبيق البرنامج.. فهذه المؤسسات قامت في الأساس على اعتبارات انخفاض النفقات التشغيلية، مثلا يوجد محلات وورش وغيرها جميعها تعتمد على عمالة برواتب متدنية للغاية، هذه المؤسسات تحتاج إلى تقنين خاص.

(3) أن البرنامج لم يحدد كيف سيتعامل مع المنشآت ذات المهن التي لا يفضلها السعوديين، هذه المنشآت ستواجه صعوبات كبيرة في توطين العمالة (صعوبات نتيجة رفض السعوديين العمل بها).. هنا سيكون لا مفر أمام هذه المنشآت أن تقدم أجورا مبالغا فيها حتى تجد سعوديين يقبلون العمل بها للخروج من نطاق اللونين الأصفر والأحمر.. وفي اعتقادي يجب على «نطاقات» إيجاد حلول ذكية للمنشآت التي يرفض السعوديون العمل بها لأسباب ترتبط بطبيعة المهن أو طبيعة الرواتب فيها أو غيرها.

(4) أن «نطاقات» يقوم على أساس إتاحة الفرصة للعامل الوافد بالمنشآت داخل النطاقين الأحمر والأصفر لتحسين وضعه الوظيفي من خلال الشروع في نقل كفالته دون الحاجة للحصول على موافقة من صاحب العمل السابق، وهذا الأمر قد يتسبب في اختلال سوق العمل المحلي إذا لم يتم تقنينه بمعايير واشتراطات واضحة ، لأنه في اعتقادي قد يقود في النهاية إلى تدمير وخروج المنشآت داخل نطاق اللونين الأصفر والأحمر من السوق نهائيا خلال فترة قصيرة.

(5) ماذا سيفعل البرنامج عندما يتم توظيف كافة السعوديين العاطلين بالسوق المحلي ؟ هل سيتوقف تلقائيا أم سيظل فاعلا ويطالب المنشآت بالمزيد من التوطين ؟.. بالطبع استمرار البرنامج في العمل عندما يتوظف كافة العاطلون السعوديون، سيولد حالة من عدم استقرار العمالة الوطنية في وظائفها لشعورها أنها يمكن بسهولة أن تنتقل للعمل بمنشآت أخرى أفضل، فقط لاحتياج هذه المنشآت للوصول إلى نسب التوطين المطلوبة.

(6) أن البرنامج لكي ينجح في التطبيق يحتاج إلى معايرة العمالة الوطنية العاطلة وخصائصها ومهنها وخبراتها مع المهن المتاحة بمنشآت القطاع الخاص داخل نطاق اللونين الأصفر والأحمر.. وهذه النقطة من أهم النقاط، لأننا سنفترض أنه بمجرد إطلاق البرنامج، فسيظهر لدينا مثلا 300 إلى 450 ألف منشأة داخل هذين النطاقين، وهذه المنشآت من ضمنها منشآت تتطلب مهن غير موجودة داخل العمالة الوطنية مثلا، في هذه الحالة يحتاج البرنامج لآليات ذكية لعدم تطبيق الآليات العقابية على هذه المنشآت وهي لا ذنب لها.

(7) أن البرنامج يحتاج أن يؤخذ في اعتباره ظروف الصناعات والأزمات المحلية والعالمية، والكوارث وغيرها من الظروف التي تؤثر على قدرات منشآت القطاع الخاص على التوظيف عموما.. بل إن المنشآت محل المقارنة يجب تحديثها سنويا.. حتى يكون البرنامج عادلا وفعالا..

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة