Sunday  12/06/2011/2011 Issue 14136

الأحد 10 رجب 1432  العدد  14136

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ارتبط اللون الأحمر بالإثارة، إثارة المشاعر وتحريكها، وأحياناً استفزازها، وقد وفقت وزارة العمل عندما صبغت المنشآت الوطنية التي تشكل العمالة الوافدة فيها نسباً عالية باللون الأحمر، وجعلتها في دائرة الخطر، وهي الدائرة التي أطلق عليها ذات «النطاق» الأحمر، ولا تخفى الدلالة المعبرة للون الأحمر، فهذا اللون يدل دلالة صادقة ومعبرة على أن تلك المنشآت في خطر، وأنها تشكل خطورة على الوطن، وبالتالي يجب التعامل معها من هذا المنطلق الدال على وجوب الحزم معها، والعزم عليها، حتى يتم القضاء على خطرها، والتخلص من بلواها، التي طالت وعمت كل شبر في أرض الوطن. من المؤكد أن وزارة العمل تعرف سمات المنشآت ذات النطاق الأحمر وأسماءها، وتعرف أصحابها وأوجه نشاطهم وطبيعته، وبهذا هي الأقدر على ضبط الممارسات المخالفة، وهي الأقدر على قطع الطريق على الأساليب الملتوية المتمثلة في إطلاق العنان للعمالة تسرح وتمرح كيفما شاءت في طول البلاد وعرضها. من هذا المنطلق يتطلع المواطنون إلى جهود وزارة العمل في بناء خطة محكمة تضمن الخروج من العباءات المعتمة التي طالما تسلل تحت ستارها تجار الشنطة وأشباههم من أباطرة الاتجار بالتأشيرات، الذين أغرقوا سوق العمل بالعمالة السائبة الرخيصة، التي استنزفت الثروة الوطنية دون نواتج ذات قيمة، أو شواهد وعوائد تنموية ملموسة مشاهدة تبرهن على الحاجة من وجود هذه العمالة الذي لا تكاد تخلو منها منطقة من مناطق المملكة، بل ولا محافظة من محافظاتها، ولا حتى قراها. هذه الفئة من أصحاب المنشآت التي يصدق عليها صفة المنشآت الوهمية، هم في حقيقة الأمر مجموعة من النفعيين الذين لا تهمهم مصلحة الوطن ولا تعنيهم، بقدر اهتمامهم وعنايتهم بالثراء السريع، وهو ثراء غير مشروع لأنه بني على حساب مصلحة الوطن وخيراته، ومقدرات المواطن ومستقبله، هؤلاء النفعيون أضحوا عقبة كؤود في طريق التنمية الحقة، لأنهم أغرقوا سوق العمل بأعداد هائلة من العمالة الأمية، التي لا جدوى منها ولا فائدة لها، لأنها لا تأهيل عندها، ولا خبرة لديها، عمالة تعتمد فقط على قدراتها الجسمية، وياليتها قوية، بل هي هزيلة ضعيفة، مجرد أرقام من البشر جاءت على باب الله، جاءت يحدوها أمل البحث عن مصدر للرزق مهما كانت طبيعته، لهذا تجدها على استعداد تام لممارسة أي عمل بغض النظر عن كفاياته الفنية، و متطلباته المهارية. ونظراً لتعذر استيعاب العمالة السائبة في الرص المتاحة من العمل النظيف، لكون أعداد تلك العمالة تفوق الحاجة الفعلية لها، لجأت فئة من هذه العمالة السائبة مستثمرة ميولها العدوانية، وقدراتها الإجرامية، لجأت إلى تهئية فرص عمل في البيوت المعتمة المهجورة، بعيداً عن أعين الرقابة والمتابعة، أعمال أقل ما يقال عنها أنها غير أخلاقية بل مخلة بالأخلاق والنظام، حيث لجأت فئة من هذه العمالة إلى أعمال التزوير، تزوير الوثائق بكل صورها وأشكالها ومستوياتها، وأخرى إلى أعمال صناعة الخمور، وثالثة إلى السرقة والتعدي على الأنفس والممتلكات، ورابعة إلى صناعة الأغذية الفاسدة، وغير ذلك من الأعمال المخالفة للنظام والأخلاق، وما لا يخطر على بال أحد من فنون التعدي والتحدي والعدوان. يبدو أن وزارة العمل اهتدت إلى الطريق الصحيح الذي سوف يمكنها من معالجة أوضاع المنشآت التي طالما لعبت على الأنظمة، وتلاعبت على المواطنين وضايقتهم، لعبت على الأنظمة بالعمل تحت عناوين منشآت وهمية، فقط شنطة وأوراق وختم، وتلاعبت على المواطنين بعمالة غير مدربة ولا تملك علماً ولا خبرة، زجت بهم إلى سوق العمل يتعلمون في ممتلكات المواطنين كيفما اتفق، آمنين لا أحد يسأل عنهم أو يحاسبهم، ولهذا عندما يتضرر مواطن من سوء أداء العامل لا يجد المواطن من يدفع عنه الضرر، لأن صاحب المنشأة في واد، والعامل في وادٍ آخر، بل ثبت أن بعضهم لا يعرف العامل ولم يلتق به، فكل ما يربطهما تلك الحوالة التي تم الاتفاق على دفعها شهرياً لصاحب المنشأة. وحتى لا تغص وزارة العمل بكثرة الأعباء، لعلها تبدأ بتصفية المنشآت ذات النطاق الأحمر، لأنها هي المظلة التي تستظل تحتها العمالة السائبة التي استنزفت خيرات الوطن، وبالتالي لا ضير ولا خوف من تصفيتها لأنها لا جدوى من بقائها أصلاً.

ab.moa@hotmail.com
 

أما بعد
ذات النطاق الأحمر
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة