Sunday  12/06/2011/2011 Issue 14136

الأحد 10 رجب 1432  العدد  14136

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كثيرة هي القصص التي تروى عن عقوق الأبناء، ومعاناة الآباء والأمهات من بعض أبنائهم العققة والعياذ بالله، خاصة إذا بلغ الأب أو الأم من العمر أرذله.إن قصيدة الطروش الذي أوردتها في مقالي يوم الأحد الفارط هاهنا: (/2011/20110605/ar3.htm )،على أنها لشاعر بدوي من شمالي الأردن اسمه: ( فريج الفريج الغياث )،

مغناة بصوت الأردني الآخر ( عمر العبدلات )- حسب ما جاء في اليوتيوب على الشبكة- ظهرت وكأنها منتحلة ومحرفة في الوقت نفسه، وهذا هو حال القصائد الذائعة الصيت بين العرب، ربما تُحرف وتُنتحل، وتُنسب لغير شاعرها الأول من باب الإعجاب بها، وقد تُنظم قصيدة مشابهة على منوالها. وقصيدة الطروش ليست حزينة فقط، ولكن فيها عبرة وحكمة وموقف إنساني عجيب وغريب. ما إن نُشر المقال؛ حتى تفاعل معه قراء كثر، وتلقيت اتصالات و( إيميلات ) عديدة، وفيها تنبيهات وتصحيحات وتصويبات، تدل على شهرة القصيدة وقدرتها على التأثير في من يقرؤها أو يسمعها، ومن هؤلاء الذين تفضلوا علي بالتصحيح والتصويب والزيادة مشكورين، الزملاء ( مهدي بن عبار العنزي، ومحمد بن ناصر الأسمري، ومعيض البخيتان ). أما الأستاذ الأسمري، فقد أتحفني بنص مغاير لما ورد في النص الذي في المقال، وزاد عليه أبياتاً صوتا الأستاذ ابن عبار، وأورد هنا نص القصيدة كما جاءني من الأسمري، منسوباً إلى شاعر اسمه( جحيش بن مهاوش )، أو ( جحيش السرحاني ) كما قال ابن عبار، الذي قال بأنها تنسب كذلك إلى شاعر آخر قديم اسمه: ( سويدان الحلام ). وهذا هو النص:

قال الذي يقرا بليا مكاتيب

ياللي تقرون العمى من عماكم ( أو عناكم )

ياعيالي اللي تشرفون المراقيب

تريضوا لي واقصروا في خطاكم

خذوا كلام الصدق ما به تكاذيب

مثل السند مضمون للي وراكم

ياعيال لا صرتوا ضيوف ومعازيب

ترى الكلام الزين ملحة قراكم

وتروا السبابة من كبار العذاريب

وهرج البلايس ما يطول لحاكم

المذهب الطيب فهو مذهب الطيب

والمذهب الخايب يبور نساكم

ياعيال ما سرحتكم باللواهيب ( أو الأصاويب )

ياعيال ما عمر المعزب ولاكم

ياعيال ماضربتكم بالمشاعيب

ولا سمعوا الجيران لجة بكاكم

ياما توليت القبايل تقل ذيب

من خوف لاينقص عليكم عشاكم

وياما شربت السمن من عرض ماجيب

يفز قلبي يوم يبكي حداكم

أحفيت رجليني بحامي اللواهيب

وخليت لحم الريم يخالط عشاكم

ياعيال دوكم لحيتي كلها شيب

هذا زمان قعودنا في ذراكم

قمت اتوكا فوق عوج المصاليب

قصرت خطانا يوم طالت خطاكم

عطوني القرضة عليكم مطاليب

عطوني القرضة جزى من جزاكم

لابد يوم عاوي دوني الذيب

بالقبر ما افرق طيبكم من رداكم

ماني بفاضحكم بوسط الاجانيب

باعمالكم يدرون كل اقرباكم

لوكان تدرون الردى والمعاييب

صرتوا مع المخلوق مثل خوياكم

خوالكم بالطيب تروي المغاليب

ولو تتبعون الجد محدن شناكم

وش علمكم يا تاركين المواجيب

حسبي عليكم هالردى وين جاكم

قصيتكم واسندت وادي سلاحيب

ولقيت بالصبخا مدافيق ماكم

ياعيال بعتوني (بصفر العراقيب)

ما هي حقيقة سود الله قراكم

يالله عسى اعماركم شمسها تغيب

يعتم قمركم ثم تظلم سماكم

يا علكم في حاميات اللواهيب

ياللي على الوالد خبيث لغاكم

شفت الجفا والحيف والغلب والريب

بضلوعكم لابيض الله قراكم

عسى نساكم ما تحمل ولا تجيب

ولا حدن من البزران يمشي وراكم

اخسوا خسيتوا يا كبار اللغابيب

اهبوا هبيتوا يقطع الله نماكم

ومن زيادة الأستاذ ابن عبار إملاءً بصوته:

يا ما قطعت من الفياض العباعيب

ندور من صيد البراري غذاكم

عسى من اصفية لوادي سلاحيب

تندى من الصبخة مدافيق ماكم

والشاعر كما هو واضح، قال القصيدة في عياله، حيث دعا عليهم واستجاب الله دعوته، فلم ينجبوا أولاداً. وقيل إنهم تزوجوا مرة ومرتين وثلاث من أجل الذرية؛ ولكن أمر الله قد نفذ، وانقطعت من ذلك الزمان ديارهم. والخلاصة أن هؤلاء الأولاد، تنكروا لوالدهم، حيث توفت أمهم وهم صغار، وقام بتربيتهم حتى كبروا، وكان لهم بمثابة الأم والأب، يسهر الليالي على رعايتهم وراحتهم، وفي النهار يذهب لجلب طعامهم، وعندما كبروا تنكروا له، وأصبح لا يريده أحد منهم، مراعاة لخاطر زوجاتهم اللاتي تأففن من خدمته، وصار كل واحد منهم يطرده من بيته، فما كان من الوالد؛ إلا أن سكن إحدى (الخربات)، حتى صار لا يقوى على النهوض أو السير، وضعف بصره، فذهب زاحفاً يتوسل ويرتجي أبناءه بأن يمكث عندهم حتى يقضي الله أمره، فلم يستجب له أحد منهم. لا حول ولا قوة إلا بالله. وقريب من هذه القصة الحزينة، ما وقع لـ ( أم حمدان )، التي أخذها ابنها بعد أن مرضت إلى إحدى المصحات، فتركها فيها تواجه مصيرها، وتعاني وحدتها، وتقاوم لهفتها على شوفة فلذة كبدها، دون أن يسأل عنها أو يواسيها، فكتبت أو أملت قصيدة تركتها لدى طبيبها قبل أن تموت بعد ثلاث سنوات في المصحة. بعد ذلك جاء ابنها فلم يجدها، ولكن وجد قصيدتها إليه، وهي هذه حسب ما وردني من الصديق الأستاذ الشاعر( معيض البخيتان ):

وين أنت يا حمدان أمك تناديك

وراك ما تسمع شكاي وندايا

يا مسندي قلبي عل الدوم يطريك

ما غبت عن عيني وطيفك سمايا

هذي ثلاث سنين والعين تبكيك

ما شفت زولك زايرٍ يا ضنايا

تذكر حياتي يوم أشيلك وأداريك

والاعبك دايم وتمشي ورايا

ترقد على صوتي وحضني يدفيك

ما غيرك أحدٍ ساكن في حشايا

وليا مرضت أسهر بقربك واداريك

ما ذوق طعم النوم صبح ومسايا

يا ما عطيتك من حناني وبعطيك

تكبر وتكبر بالأمل يا منايا

لكن خسارة بعتني اليوم وش فيك

واخلصت للزوجة وانا لي شقايا

أنا أدري إنها قاسية ما تخليك

قالت عجوزك ما أبيها معايا

خليتني وسط المصحة وانا أرجيك

هذا جزا المعروف وهذا جزايا

يا ليتني خدامة بين أياديك

من شان أشوفك كل يوم برضايا

مشكور يا ولدي وتشكر مساعيك

وادعي لك الله دايمٍ بالهدايا

حمدان يا حمدان أمك توصيك

أخاف ما تلحق تشوف الوصايا

أوصيت دكتور المصحة بيعطيك

رسالتي واحروفها من بكايا

وان مت لا تبخل علي بدعاويك

واطلب لي الغفران هذا رجايا

وامطر تراب القبر بدموع عينيك

ما عاد ينفعك الندم والنعايا

قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (14) سورة لقمان وقال المصطفى، صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه: (لا يجزي ولدٌ والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه .

assahm@maktoob.com
 

حزاينيَّة (الطروش) .. وبكائية (أم حمدان)..؟!
حمّاد بن حامد السالمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة