Monday  13/06/2011/2011 Issue 14137

الأثنين 11 رجب 1432  العدد  14137

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

ما يحدث من ارتباطات غريبة في عالم التحالفات العربية الغربية يبدو سرياليا يطفو فوق الواقع، أو كما لو كان من عالم الخيال في أفلام حروب النجوم.

أيام الحرب العالمية الأولى قاد ضابط بريطاني شاب مصاب بالشذوذ الجنسي توليفات متناقضة ومتعادية من الأعراب وجعلهم يشاركون بفاعلية في التمكين للغرب النصراني في عالم العرب الإسلامي.

ضد من كان الضابط البريطاني الشاذ يحارب بأعرابه؟. ضد فلول دولة الخلافة الإسلامية العثمانية المتراجعة علميا وإداريا وفكريا أمام العقل الغربي المتحرر من التعلق بالمعجزات والخرافات وبطولات الأسلاف. ما هي التسمية التي أطلقها ذلك البريطاني الناعم الأملس على حركته؟. سماها الثورة العربية الكبرى، وكان يمولها بالذهب والسلاح من جبايات الحاكم البريطاني في مصر الإسلامية المستعمرة.

النقل كان يتم عبر خليج السويس والعقبة والموانئ الشمالية على ضفتي البحر الأحمر. البريطاني استطاع بفكره المتجرد من الخرافات تجنيد أجلاف بحراشيف وعقليات العصر الحجري ضد دولة تدعي أنها إسلامية، ولم تستعمل عقلها لمقاومة السقوط. عندما سلح الضابط البريطاني أفراد عصاباته ذوي العقليات الحجرية بسلاح يطلق الرصاصة والقذيفة ويفجر الديناميت قرر إبقاءهم على عماهم وفي عصرهم، أي في حقبة العصر الحجري، واستطاع ذلك بسهولة تامة. هم ساعدوه على ذلك في الواقع ولم يطالبوه بالاطلاع على أسرار قوته لأنهم كانوا يرون فيه مجرد مأفون يدفع لهم الذهب والفضة للحرب ضد جنود دولة مسلمين مثلهم لكنهم كانوا يتكبرون عليهم ويحتقرون مفاهيمهم وأساليب حياتهم.

بعدما دخل البريطانيون مع أعرابهم مدينة دمشق ولم يعد هناك داع لتدفع بريطانيا لهم بالذهب والفضة دفعت لهم العملة الورقية. صرخ الزعيم الشيخ تايه أبو عودة في وجه الضابط الإنجليزي: ماذا؟.. ورق ورق تعطوننا ورق؟ نريد الذهب لا الورق. لم يكن جنود ما يسمى بالثورة العربية الكبرى يعرفون من أجل ماذا يحاربون ولا تفاصيل ما يحاربون من أجله. كانوا يريدون الذهب والفضة كغنائم، وبعض الملابس والأغذية لكي يعيشوا ولكي يتخلصوا أيضا من الترك الأغراب. أما التفكير في المستقبل، ولماذا كل هذا الرصاص والديناميت فلم يكن في وارد اهتماماتهم؛ لأنهم كانوا (وما يزالون بالتأكيد حتى اليوم) يعتقدون أن حاضرهم المنغلق البائس أفضل من أي مستقبل يعدهم به العلم والانفتاح. كانوا يظنون أن هذا البريطاني المنحرف مجرد نصراني أحمق أتت به الأقدار الإلهية إليهم ليعطيهم المال والعتاد والأرزاق وفوق ذلك يتخلصون من اضطهاد التركي الظالم المتجبر. أما كون النصراني أبعد والتركي أقرب فذلك كان من ثانويات الاهتمامات عندهم ولا يزال حتى اليوم، ولنا فيما يجري في ليبيا من تحالف الثائرين ضد الطاغية مع الاتحاد الأوروبي خير دليل. مازالت الأمور تسير على هذا المنوال الانتحاري المنغلق، وهذه بعض الدلالات:

1 - رحب الأعراب، لأن عقولهم مازالت في العصر الحجري، وحساباتهم بمقاييسه بهدم العراق من قبل التحالف الصهيونصراني على رؤوس أهله المسلمين فتم هدم العراق. كان الهدف المرغوب فيه هو التخلص من نظام حكم جائر أتى به العالم الغربي النصراني من قبل ووضعه على المنصة على يد من أتى به. الأمر يشبه التخلص من العفريت بمساعدة الشيطان.

2 - حاليا، أي الآن، أي في هذه اللحظة يقوم الأعراب ذوو العقول الحجرية حكومات وشعوبا بالتحالف مع الغرب النصراني للتخلص من طاغوت ليبيا الذي أتى به نفس الحليف وامتص عن طريقه دماء ليبيا وكرامتها وشرف بناتها حارسات الزعيم الأممي. كان الغرب يزين حراسة زعيم ليبيا بالليبيات الجميلات على أنه تقدم ومساواة وليس فجورا وهتكا للأعراض بالإكراه.

3 - مازال في المسبحة إمكانيات كثيرة للعناق القاتل بين عقليات العصور الحجرية والخرافات مع عقليات الليزر والنانو. الشرط هو أن يبقى كل شيء على حاله، أهل العصر الحجري لهم الحجر والجحور، وأهل الليزر لهم الليزر والشجر والبحر والسماء. فيما لو لعبت العنطزة بعقول بضعة أفراد من المتحجرين أرادوا التفكير في الاحتجاج تكفيهم قنبلة موجهة بالليزر تهبط عليهم من السماء، والحجر لا ينفع كوسيلة دفاع أمام قنبلة الليزر.

4 - حاليا انتقلت المرحلة إلى التنفيذ النهائي بالإلغاء الحضاري إلى العمق الاجتماعي داخل تجمعات وشعوب العقليات العربية الحجرية. لذلك نجد أن المتكلس القابض على حجره يعتقد أنه مثل القابض على الجمر في سبيل دينه، لا لشيء إلا لكونه مستعدا أن يفجر بهذا الحجر رأس أخيه أو جاره أو زميل صفه الدراسي القديم، لأن هذا الأخير ربما فكر أن الأمور تتطلب استبدال الفكر الحجري بالفكر الليزري.

5 - مقاومة الانتحار الجماعي المدبر بالعقول الليزرية لا تنفع معه سوى شجاعة قيادية استثنائية تحدث قفزة نوعية هائلة أخيرة نحو المستقبل. التردد والامتناع الحجري التقليدي عن أداء هذه القفزة سوف يسقط المجتمعات الحجرية بحذافيرها إلى الهاوية. ما هي إلا سنوات قلائل مقبلة وسوف ترون ذلك رأي العين.

 

إلى الأمام
طرد العفريت بمساعدة الشيطان
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة