Tuesday  14/06/2011/2011 Issue 14138

الثلاثاء 12 رجب 1432  العدد  14138

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

كنت أتحاور مع زميل متابع حول إيجابيات مستجدات القرارات الرسمية. قلت: أكبر معوقات التغلب على أخطائنا سببها أننا نفتقد الوجهة الواضحة التي بدونها لا نستطيع تحديد ما يجب تحقيقه, ولا من أين نبدأ. قال: لذلك خرجنا من التجارب الصغيرة والكبيرة ونحن لا نذكر إلا مسببات فشلها الذي عايشناه مسبقًا ونتوقعه مستقبلاً.

قلت: قد أقر بأن هذا ما يؤطر واقع أمسنا القريب. ولكني لا أومن بحتمية ذلك!. يمكن أن تكون التجربة ناجحة تمامًا وتؤسس لنجاحات متواصلة.

كان يصغى لي وعلامات الشك تتسيد وجهه. قال: أحيانًا الظروف هي المسؤولة عن الفشل.. وليس غياب ترتيب الأولويات والأهداف.

قلت: فعلاً الظروف يمكن أن تجعل تحقيق الأهداف أصعب مما نتصور.. ولذلك لابد من توضيح خارطة الطريق وخطة العمل في أي مشروع صغير أو كبير. ولابد من استراتيجية فاعلة ومرنة وقابلة لإعادة صياغة تفاصيلها لتأخذ ضغوط الظروف في الاعتبار في مراحل التطبيق والتنفيذ؛ فبدون تحديد الأهداف وترتيب الأولويات في خطة العمل وتحديد برنامج زمني لا يمكن الوصول إلى الأهداف. فوق أن مدخلات ومعطيات الأوضاع كما هي تجعل من التخطيط لنمو مجتمع ودولة بصورة مستدامة خارج عشوائية القرار والصراعات الفئوية والانحرافات الفردية، أمرًا أكثر مصيرية وتعقيدًا من الترتيب لدعوة عشاء أو إقامة سوق خيري أو مهرجان فني أو مؤتمر علمي.

قال: ضمن هذه الرؤية، ما هو هدفك الذي تنشدين؟

قلت: على مستوى الفرد, أن يتشكل وعيه بحيث لا ييأس من فسحة الأمل المستقبلي، وأن يعمل على أرض الواقع وهو مقتنع بأنه يحقق أحلامه ورغباته وطموحاته حين يتعاون في تحقيق أهداف المجموع. لا أن يشعر الغالبية أن ممارسات ومتقبلات المجموع تخنق كل فرد على حدة وتمنعه أن يصل إلى التعايش بسلام مع نفسه، لأن هناك صراعات فئوية لا تستمر إلا باستمرار مواقف التهميش والإقصائية للآخر. ولذلك هدفي شخصيًا واضح بالنسبة لي: أن يتحقق تطور الوعي المجتمعي لتقبل مسؤولية الفرد عن مواقفه وقراراته ومجهوداته في حدود الشرعية وحقوق الإنسان وعدم مصادرة حق الآخرين في الحياة الكريمة. واستراتيجيتي الشخصية أن أقوم بدور فاعل ولو صغير في بناء الوعي العام في كل فرصة تتاح. أن أنشر المعرفة وأشحذ همة التفكير والإضافة وأساهم في تنمية الفكر ونشر أهمية ممارسة الثقافة فعليًا وليس التشدق بالمعلومات دون تطبيقها.

قال: ما هي أنجح وسيلة لمعالجة أخطاء الفكر فرديًا؟

قلت: أن توصل المخطئ إلى تبين خطئه بنفسه. الأفكار نبع متجدد متاح للجميع ولكن هناك دائمًا من ينتهي بتلويثه بقصد أو بغير قصد ضمن ثلاثة فئات: الخائفون من التغيير إما جهلاً بنتائج ما يفعلون أو تخوفًا من المجهول لعدم معرفتهم بما سيأتي، والمقاومون للتغيير لمعرفتهم أن التغيير سيفقدهم مميزات يضمنها لهم الوضع القائم بما يحتويه أيضًا من الفكر، والمستمتعون بالتلويث لأسباب أمراض نفسية.

لكل إنسان فلسفته في هذه الحياة.

وفي كل إنسان جانب طيب وبذرة خير إن استطعت سقياها أزهر الجانب المضيء فيه، وتقاومك بذرة الشر المعتمة لأنها تعتمد على تنامي الحقد, وهذا ما يجب أن يتوقف.

في كل الأمور تختلف الآراء والمواقف من المفضلين لأوضاع بعينها والرافضين لنفس هذه الأوضاع. وبين المطالبين بالشيء والمطالبين بضده تتشكل مستجدات الأيام. يبدو الصراع جليًا بين من لا يرون غير الجانب السلبي فتتعالى أصواتهم بالنقد والويل والثبور لأصحاب الرأي الآخر، وبين الذين يحاولون إبقاء التركيز على الجانب الإيجابي في كل المواقف والتوفيق بينها للوصول إلى مشترك متقبل من الجميع.

كثيرون يرون في التوفيقية حلولاً خاسرة منذ البدء؛ لأنهم لا يريدون التوصل إلى حل يقبله الجميع بل حل خاص يحقق تفضيلاتهم. وننتهي نراوح في نفس نقطة التعثر أو نتراجع إلى الوراء. وهذا يحدث إذا كان الموقف لكلا الجانبين متحيز لآرائه ومتشبث بها إلى درجة التحجر فيها والإصرار على إقصاء الآخر.

ولكن المراوحة والتراجع خياران قاتلان للجميع. فقط حين نترك التشبث بالمواقف المتطرفة يمينًا أو يسارًا ونبحث عن حل يتمركز في الوسط، سنجد أغلبية تتقبله وتتعاون في تثبيته كنقطة للبدء في التغيير والخروج عن الصراع على تسيد الرؤية الواحدة لكل الآخرين.

وحين نبحث معًا عن هذا الموقع الواعد يبدو جليًا ضرورة ترتيب الأولويات والأهداف لكي نبدأ بوفاق وليس باختلاف يؤسس للفشل.

 

حوار حضاري
للنجاح: منطلق البدء بالوسط
د. ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة