Wednesday  15/06/2011/2011 Issue 14139

الاربعاء 13 رجب 1432  العدد  14139

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

نظراًً لغياب الكثير من المفاهيم الصحراوية القديمة عند جيل اليوم أدخل في الموضوع من باب التوسع في شرح العنوان. الدمنة وجمعها دمن (بكسر الدال وفتح الميم) هي الأرض المختلط ترابها بسماد الحيوان. سماد الحيوان أكرمكم الله يحتوي على بذور نباتات لم يتم هضمها. مع أول زخة مطر موسمي تفز هذه البذور عن نبتات خضراء زاهية تسبق كل نباتات الصحراء الترابية لأنها محاطة من كل جوانبها بالسماد، ولأن ما حولها أصلاً رخو مخلخل ولا يستطيع الإمساك بها لكي يشتد عودها ويسبط ويستطيل. المتجول في الصحراء مع بواكر الربيع يلاحظ بقعاً خضراء زاهية الألوان تتناثر في تجمعات الرعاة حيث تربض الماشية ليلاً فتملأ المكان بالسماد والفضلات. هذه النبتات الخضراء أضعف ما تكون منبتاً، فإذا أمسك بها أحدهم وسحبها بلطف خرجت إلى العراء بدون مقاومة وبان لها ساق أبيض نحيل يرتعش في الهواء. هذه النبتات تذبل عادة وتموت باكراً قبل أن تزهر وتحمل بذوراً لأنها تنتهي بنهاية ما نبتت فيه من فضلات ولأنها لم تتمكن في طين وتراب الأرض. إذاًً خضراءات الدمن نبتات مبكرة الظهور زاهية الألوان، لكنها ضعيفة المنبت عديمة الفائدة لدرجة أن الماشية تعافها، كما أنها تموت باكراًً قبل أن تنضج فلا تخلف بذوراًً تنبت من بعدها في الأرض.

هل بدأتم تستنتجون ماذا أقصد؟. إنني أريد المقارنة بين نباتات الدمن وبين قلة من النساء عندنا نبتن في السنوات الأخيرة مع بدايات الربيع السعودي وظهرن باكراًً بألوان خضراء زاهية، ولكن بسيقان رخوة وبدون بذور أيضاًً، فهن وخضراءات الدمن سواء. القلة القليلة من النساء اللواتي ما إن شعرن بأولى قطرات المطر الربيعي ومابشر به من الانفتاح على الرأي المسؤول حتى بدأن بتفريغ هرموناتهن الغريزية على شكل قصص ومقالات ومقابلات إباحية يخجل أي مجتمع أن تنسب إليه كنتاج فكري أو أدبي هن خضراءات الدمن. لايختلف كثيراًً عن هذا النوع من الكاتبات تلك النوعية من السعوديات اللواتي ما إن أتيحت لهن الفرص لتقديم البرامج في المحطات الأجنبية أو المشاركة في المقابلات الفضائية حتى ظهرن بصور مقززة من الأصباغ ونفخ البراطم وإظهار أنصاف الأثداء المنفوخة والرموش الصناعية الملونة وكأنهن يردن المراهنة على اكتناز الجسد والهرمونات كبدائل لخواء العقل في مجال تقدم الصفوف للدفاع عن حقوق المرأة الأساسية في الحياة الكريمة.

الغالبية المغيبة من السعوديات المحترمات والملتزمات بشرف النفس وشرف المجتمع أصبحن من حيث لايدرين في حالة صراع اجتماعي مع خضراءات الدمن على تشكيل المستقبل. الأمل هو أن لايتم إجهاض السباق احتجاجاًً باحتمال التأثير المدمر لخضراءات الدمن على المفاهيم الحقوقية والروحية الأصيلة لمعاني الحياة. خضراءات الدمن مآلهن الاندثار المبكر بدون بذور ولاخلف، لأن منابتهن فاسدة وجذورهن رخوة، مثلهن مثل خضراءات الدمن في المرابض الصحراوية. البقاء سوف يكون بإذن الله للنباتات الأصيلة النابتة من طين وتراب الصحراء بعد نزول أمطار الربيع.

الثبات للأقوى والأنفع والأصلح، وللناس عقول يميزون بها المفاسد من المصالح. التعامل مع المسألة يحتاج إلى طول نفس سياسي واجتماعي يقاوم الضغوط الترهيبية والانتهازية التوجسية، وفي النهاية لايصح إلا الصحيح.

 

إلى الأمام
التذرع بخضراءات الدمن
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة