Thursday  16/06/2011/2011 Issue 14140

الخميس 14 رجب 1432  العدد  14140

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

على الرغم من افتراض السرور بلقاء الأحبة وتبادل الأحاديث والمشاعر معهم أثناء الولائم أو الحفلات أو الاجتماعات المتبوعة بالطعام، إلا أنني حين أغادرها أغرق في لجة الهموم ودياجير الضيق، لأن أغلب الضيوف في كل مرة يتركون أطباقهم مملوءةً ببقايا الطعام، وأجزم أن كل واحد منكم قد عايش هذا الوضع.

والحق أنني أخاف دوماً من مغبة هذا التصرف الذي يتفاقم ويتسع دون تفكير منا بوقفة صادقة وموقف حازم، سيما والجوع يفتك بسكان العالم، فتراهم يتقاتلون من أجل لقمة ويموتون بسبب ندرتها.

ولعل الكثير منا قد واجه أزمة الولائم، وهو يشاهد كميات الأكل الهائلة التي تترك في الأطباق، ووقف عاجزاً عن حلها، فليس المجال متاحاً للنصح أو التوجيه أو التوعية أو حتى التذكير بأنعم الله، حيث يبدو المرء نشازاً حين يقوم بهذا الدور الرائد العظيم. فتراه يجبن عن الحق حيناً، ويجامل أحياناً كثيرة، ويخجل من التذكير مرات ومرات، فيلوذ بالصمت القاهر.

وما يسوء أكثر؛ إيمان الجميع بأهمية حفظ النعمة وتمسكهم بقضية ترشيد الاستهلاك، وقناعتهم بصرف الفائض على مستحقيه نقوداً وليس طعاماً، حيث إن الطعام معرض للفساد أو عدم الرغبة به؛ إلا أنهم في كل مرة يفشلون - مثلي - في القصد والتقليل من كمية الوجبات المقدمة للضيوف بدعوى العيب، وحفظ ماء الوجه ولكي لا يتهموا بالبخل! على الرغم من أننا قد لا نُحرم من تذكير حبيب يحمل هموم أمتنا واحتياج فقرائها، ولكن في كل مرة لا نرعوي.

وفي هذا الموقف بالذات أجدني بتناقض منهجي عجيب بين الفكر والفعل، فأشكو نفسي لنفسي وأقف خجلى أمام خالقي رغم حرصي على ألا أسرف فيما يخصني من مأكلي ومشربي وملبسي، وأتوقع أن كثيراً منكم يعاني مما أعانيه، بيد أننا عاجزون عن التغيير.

وقد قرأت قصة شاب سافر إلى ألمانيا ودخل مع صديقه مطعماً وطلبا كمية كبيرة من الطعام، ولم يتناولا إلا قليلاً وتركا الباقي في الأطباق بعد دفع ثمن الوجبتين. وتفاجأ هذان الشابان بسيدتين غاضبتين وقد تقدمتا بشكوى لصاحب المطعم بحجة هدر الكثير من الطعام دون تناوله، واستدعتا ضابطاً من مؤسسة التأمينات الاجتماعية فحرر للشابين مخالفة بقيمة 50 ماركاً! ووجه لهما الضابط عتاباً شديداً بقوله (اطلبا كمية الطعام التي يمكنكما استهلاكها فقط، فالمال لكما لكن الموارد للمجتمع. وهناك العديد في العالم يواجهون نقص الموارد. وليس لديكما مبرر لهدرها!). ومعروف أن ألمانيا بلد غني ولكنه مجتمع متحضر مثقف تسود لديه ثقافة ترشيد الاستهلاك.

وحري بنا - نحن المسلمين - أن يكون ذلك منهجنا في الحياة: لا للإسراف، لا للتبذير، وكل شيء بحسب الحاجة. ورسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: (لا تسرف ولو كنت على نهر جارٍ).

فمتى نملك الجرأة والشجاعة بحيث لا يبقى أي شيء من الطعام بعد انتهاء الضيوف؟ ومتى يدرك هؤلاء الضيوف بألا يغرفوا إلا قدر حاجتهم، ويتركوا أطباقهم خالية إلا من حمد الله وشكره؟!!

rogaia143@hotmail.com
www.rogaia.net
 

المنشود
الإسراف في الطعام، إلى متى؟
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة