Thursday  16/06/2011/2011 Issue 14140

الخميس 14 رجب 1432  العدد  14140

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تعد مباشرة العملية التنموية، والتمهيد لها، ورسم السياسات والإستراتيجيات الإعمارية ، ومراقبة التطبيق العملي لهذه السياسات المرسومة، من المهام التي يجب على الدولة الاضطلاع بها، وتعيين من يقوم عليها من أبناء الوطن. ولا يفهم من كون تحقيق التنمية المستدامة على وجهها الصحيح وبالصورة الكاملة واجباً من واجبات الحاكم إخلاء ساحة الشعب، بل إن نجاح التنمية في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية - كما هو معروف - رهن بإيمان الناس بها وتفاعلهم معها، ومشاركتهم في صناعتها و من ثم جنيهم لثمارها، وحرصهم على استمرارها وبقائها. من أجل ذلك أمر الله الإنسان بالضرب في الأرض، والمشي في مناكبها والانتشار فيها والابتغاء من فضله سبحانه، وكل تلك الأوامر يعبر عنها اقتصادياً بـ» ممارسة مختلف العمليات الإنتاجية ذات الأثر الفعال على مسيرة المجتمع الإعمارية». ولعل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها) شاهد على أن مباشرة العمل التنموي عبادة لله عز وجل يثاب فاعله ويعاقب تاركه من غير عذر شرعي. ويجب في حق «س» من الناس، المشاركة في التنمية المجتمعية في حالات عدة ذكرها الفقهاء، والباحثون في الاقتصاد الإسلامي:

أولها: حين يكون الناس في حاجة إلى خدمة ما أو منتج من المنتجات الأساسية ولا يوجد في البلد من يقوم به غيره، ومثال على ذلك ما إذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو تطبيبهم أو تعليمهم أو.. صار هذا العمل واجبا يجبرهم ولي الأمر عليه إذا امتنعوا عنه بعوض المثل ولا يمكنهم من مطالبة المستفيدين من خدماتهم أو منتجاتهم بزيادة عن عوض المثل، كما لا يُمكن الناس من ظلمهم، وفي هذا ضمان «توفر حاجيات الإنسان وضروراته»، وفي ذات الوقت «حصول العامل على حقه بلا نقص»، وليس للعامل المحتاج لخدماته أياً كان الحرية في الإضراب عن العمل متى شاء، لما في ذلك من ضرر على الناس - كما نص على ذلك الفقهاء.

ثانيها: حين يكون عائد العمل التنموي لازما ليحصل هذا المواطن على لقمة العيش، ومستلزمات الحياة الإنسانية له ولمن يعول شرعا، إذ لا تباح المسألة للإنسان إذا كان قادرا على العمل التنموي، فعن عبيد الله بن عدي قال أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يسألانه الصدقة، قال فرفع فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم البصر وخفضه فرآهما رجلين جلدين فقال: (إن شئتما أعطيتكما منها ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب).

وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوى). والنفقة الواجبة للأهل تعد في حق العائل صدقة ينال بها الأجر من الله عز وجل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفق المسلم نفقة على أهله – وهو يحتسبها – كانت له صدقة) كذلك فإن التنمية في هذا السبيل، من الوسائل التي يتوسل بها المسلم لينال رضا الله ومغفرته، من هنا كان الحض عليها والنهي عن الفراغ والبطالة، قال تعالى:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}

ثالثها: أن يكون عليه دين فيجب عليه المشاركة في العمل التنموي (ولو بإيجار نفسه لوفاء ما عليه من دين ونذر وطاعة وكفارة ومؤنة تلزمه).

هذا بإيجاز ما هو مبثوث في كتب علماء الأمة في هذه المسألة القديمة / الحديثة، وهو في اعتقادي من مواضيع الساعة إذ إن كثيرا من مستلزمات الحياة في بلادنا العربية هي من مصانع خارجية وللأسف الشديد، والثورات العربية كشفت عمق المأساة.. فهل يتحقق التغيير وندرك أهمية تحقق التنمية المستدامة بأيدنا نحن لا بيد غيرنا.. أتمنى ذلك كما يتطلع لتحققه الكثير وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
تأصيل لقضية وطنية ساخنة
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة