Thursday  16/06/2011/2011 Issue 14140

الخميس 14 رجب 1432  العدد  14140

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يتميز مجتمعنا والحمد لله بالعديد من الخصال الحميدة المستقاة من التقاليد العربية الأصيلة والبعض الآخر منها مصدره ديننا الحنيف، ومن ذلك صلة الرحم وإفشاء السلام والعطف على الفقراء والمساكين وإغاثة ذوي النكبات والكوارث وإكرام الضيف والتعاون على البر، إلا

أننا في النهاية لسنا مجتمعاً ملائكياً، فنحن كأي مجتمع آخر لدينا أخطاؤنا، فقد وجد البشر على ظهر هذه البسيطة وهم معرضون للخطأ والصواب، فالخطأ والطبيعة البشرية، صنوان متلازمان، ولذلك اختار الله عز وجل الإنسان للابتلاء والامتحان فهذه الأرض التي نعيش عليها عبارة عن قاعة امتحان كبرى سوف تظهر نتائجه يوم تتغير هذه الأرض بغيرها {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} إبراهيم48، فمن أحسن فلنفسه، ومن أساء فأمره لله سبحانه وتعالى . وفي الحديث القدسي: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم) صحيح مسلم.

هذا هو الحال بين الإنسان وبين خالقه عز وجل ولكن ماذا عن الأخطاء بين البشر وهي أشد من الأخطاء من الإنسان تجاه ربه، لأن المولى جلت قدرته قد يعفو عن عباده فيما يتعلق بتقصيرهم بحقه بخلاف الأخطاء بين البشر فإنها لا تسقط في حق الإنسان المخطئ إلا بتنازل الطرف الآخر أو بالتعويض عن الخطأ، أو باللجوء للقضاء فإن لم يتم ذلك في الدنيا فسيتم في الحياة الآخرة.

وكون الخطأ طبيعة بشرية لا يعني تعمد الوقوع في الأخطاء، وإذا وقعت الأخطاء فعلينا عدم الاستمرار فيها بل المبادرة لإصلاحها، ولذا فإن من المهم على الإنسان وبالذات الإنسان المسلم تجنب ارتكاب الأخطاء تجاه الآخرين سواء بالقول أو الفعل فإن حصل منه شيء من ذلك عمداً أو سهواً فعليه أن يبادر بالاعتذار وطلب العفو فثقافة الاعتذار عن الأخطاء يجب أن تسود في المجتمع حتى يتحقق التفاهم والاحترام المتبادل، ذلك أن الأخطاء واضحة وجلية والذين يرتكبونها يدركون أنهم مخطئون ولكنهم يكابرون بل إن البعض يحاول أن يغير الباطل ليكون هو الحق بوسائله الخاصة لكي يبرر خطأه.

ففي مجال الأسرة فإن الابن قد يرتكب الخطأ تجاه أحد والديه أو أحد إخوته وإذا طلب منه الرجوع فإنه قد يكابر ويعاند ولو أنه تراجع واعتذر لارتاح نفسياً وساد الوئام داخل الأسرة.

وفي مجال الإدارة فإن المسؤول الذي منحه النظام الصلاحيات سواء فيما يخص نشاط جهته الأساسي أو ما يتعلق بمنح المزايا والترقيات للموظفين قد يخطئ عند الممارسة فهو قد يقوم مثلاً بمنح المزايا والترقيات لمن ترتاح نفسه لهم وحجبها عن غيرهم وإن كانوا هم الأكفأ ووجه الخطأ هنا أن منح المزايا والترقيات مرتبط بمبدأ الكفاءة وليس بالرغبة الشخصية فهو قد منح هذه الصلاحيات لكي يختار الأفضل لأداء العمل وليس الأفضل لأسباب أخرى وإذا لم تحصل الملاحظة على مثل هذا المسؤول في الدنيا بسبب وسائله الملتوية، فإن الله لا يعزب عن علمه مثقال ذرة، وأيضاً فإن المسؤول الذي يخطئ في إصدار قرار معين ويدرك هذا الخطأ ولكنه يصر على المضي في تنفيذه يعتبر تصرفه تصرفاً غير نظامي، لأن التراجع عن الخطأ في حينه أفضل من المضي فيه. ومثل هذا المسؤول يبرر عدم تراجعه عن قراره بأن التراجع في نظره ضعف ويؤدي إلى سقوط هيبته بين موظفيه وهو تعليل ليس في مكانه لو أنه نظر للمدى البعيد لآثار القرار الخاطئ الذي صدر عنه.

ورجل الأعمال الذي وهبه الله المال بسبب نشاطه في هذا الوطن ذي الاقتصاد المتقدم ويحرم مواطنيه من العمل معه أو يقوم بالاستعانة بهم في أعمال صورية برواتب زهيدة يعتبر قد ارتكب خطأ كبيراً بحق وطنه ومجتمعه، رغم أن وزارة العمل قد بذلت جهوداً مضنية في هذا الصدد ولكنها مع الأسف لم تحظَ بالتعاون المطلوب من أصحاب الأعمال.

والطبيب ذو العمل الإنساني الذي يفترض منه الإخلاص أمام سائر الحالات التي تعرض عليه قد يتعرض للتقصير بأن يقصر إخلاصه على حالات معينه أما بسبب معرفته بصاحب الحالة أو لوجاهته والواقع يدل على وجود حالات تقصير من بعض الأطباء إلا أن الأمر يختلف لو أن معاينة المريض من قبل الطبيب حصلت في عيادته الخاصة حيث سيجد نوعاً من الجدية والإخلاص وبشاشة الوجه وحسن التعامل والسبب معروف ولا يحتاج إلى ذكره هنا.

والمعلم الذي لا يحافظ على وقت طلابه ولا يقوم بالتحضير اللازم لمادته ولا يقوم برعاية الطلاب ذوي المستوى الضعيف ولا يبذل الجهد لكي يكون أسوة حسنة لهم في مكارم الأخلاق يكون قد قصر في أداء مهمته التي تتسم بالطابع الوطني فهو مسؤول عن تربية نشء المجتمع.

والموظف التنفيذي الذي يؤخر أعماله بدون أسباب موضوعية أو يسيء استقبال مراجعيه أو يتأخر عن الحضور للدوام أو يتعامل في عمله بما يتعارض مع مبدأ العدل والمساواة يعتبر قد ارتكب مخالفة نظامية ينبغي مساءلته عنها.

والشاب الذي يقضي وقته في التسكع في الشوارع والمقاهي والاستراحات يهدر زهرة عمره فيما لا فائدة فيه وسوف يتبين له فيما بعد هذا الخطأ الفادح الذي حصل منه.

asunaidi@mcs.gov.sa
 

نحن لسنا مجتمعاً ملائكياً.. ولكن؟
د. عبدالله بن راشد السنيدي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة