Thursday  16/06/2011/2011 Issue 14140

الخميس 14 رجب 1432  العدد  14140

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

محمد آل الشيخ وملابس النساء الداخلية

رجوع

 

الكاتب محمد عبد اللطيف آل الشيخ دائماً يطالب الناس بالنقاش الهادف، وكأنه لا يرى أنه مشمول بهذه المطالبة!! إذ لا مانع لديه أن يصادر رأي مخالفه مباشرة قبل البدء بالأدلة، فهو يصف من يخالفه بأنه «متشدد»، يقول في جريدة الجزيرة (في عددها الصادر يوم الثلاثاء 5 رجب 1432 هـ) عن موضوع «بيع النساء للمستلزمات النسائية»-: «التيار المتشدد مَانَعَ بشدة»، أتعلم أيها القارئ الكريم ما معنى «متشدد»؟ يراد بـ»المتشدد» مَنْ يمنع الناس من المباحات بلا دليل، هكذا يلقي اللفظ جزافا!! لقد كان غيره ألطف منه حين يعبر بلفظ «محافظ»، ولكنه لا يريد ذلك؛ لأنه سيكشف عواره أمام أهل هذه البلاد التي تنعم بشعب محافظ، فإنه إذا جعل خصمه محافظا؛ سيكون هو غير محافظ قطعا، ولا شك أنه حينئذ سيلفظه الناس، فاختار لفظ «متشدد»؛ حتى يكون هو في مقابل ذلك مَرِنًا، هذه المصادرة ليست حديثه، فإن كل من أعيته الحيلة رمى خصمه بنقيصة؛ حتى يظهر هو أنه في معارضته ضد النقائص، فإن قريشا لما لم تستطع أن تجابه الآيات الباهرة الدالة على صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قالت طائفة منها: إنه مجنون، وقالت طائفة أخرى: ساحر.

قال -عن هذا الذي سماه تيارا متشدداً-: «وأقام الدنيا على القرار، على اعتبار أن مثل هذا القرار سيتيح العمل للمرأة في الأسواق»، وهذه فرية جديدة، فهل قال أحد من الناس: إن المرأة لا يصح أن تبيع في أسواق النساء؟ أو أن المحافظين قالوا: لا نريدها أن تبيع في أسواق الرجال؟ لا تخلو مدينة كبيرة من مدن المملكة من أسواق نسائية، فهل أحد ممن سماهم متشددين منع المرأة من ذلك؟ أو أن للكاتب أن يقول ما شاء بلا رقيب؟

قال: «وحسب (أدبيات) المتشددين في المملكة فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه في رأيهم قد يؤدي إلى ما يسمونه (الاختلاط) بين الرجال والنساء» يريد بالأدبيات الاتجاهات الفكرية أو السلوكية، وكأن هؤلاء الذين وصفهم بالتشدد ينطقون باسم مذهب وضعي، وهذه الأدبيات التي يشير إليها هي مثل حديث صحيح مسلم: (أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا)، ومثل قول عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَوْ تَغَارُونَ؟ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءَكُمْ يَخْرُجْنَ فِي الْأَسْوَاقِ يُزَاحِمْنَ الْعُلُوجَ)!! فهل يرى ابن عبد اللطيف أن مثل هذا ليس من أدبياته هو؟

على كل حال، هو يسخر بمن يقول: إن هذا يؤدي إلى الاختلاط بين الرجال والنساء، وما أدري ما لون الاختلاط عنده أهو أصفر؟ أو أخضر؟ أو ماذا؟ إذا كانت المرأة تبيع على الرجل والمرأة، فهذا ليس اختلاطا في رأيه! إن من يسميهم متشددين يرون أن كل بيع سيؤدي إلى اختلاط سواء كان البائع رجلا أو امرأة، ولكن لا بد للناس مما يسير معاشهم، أرأيت يا ابن عبد اللطيف هل المشتري مثل البائع؟ قد تكون تدرك ذلك، ولكن لا تريد أن تقر أن البائع لا بد أن يتلطف مع المشتري، وأما المشتري فقد يكتفي من الكلام بأقله إن لم يستغن بالمعاطاة، فأي الأمرين أحسن عند ذوي الغيرة؟

قال: «أما أن يبيع الرجل للمرأة حتى ملابسها الداخلية فذلك في أعرافهم العجيبة الغريبة (لا بأس فيه)»، وقبل مناقشة هذه العبارة أريد أن أسأله: لو كانت إحدى محارمك تبيع، وجاء أحد الرجال ليشتري منها لامرأته ملابس نسائية داخلية، ألا تغار؟

إن قلت: لا أغار، فغيرك يغار، فلا تعمم عدم غيرتك على غيرك، وإن قلت: أغار فقد تبين لك أن هذه الأعراف التي وصفتها بالغرابة هي من أدبياتك أنت أيضا، أقول: هب أنهم لا يقولون بهذا العرف، وإنما يقولون: إن التغيير يجب أن يكون للأحسن، لا إلى شيء مماثل، فإننا -معشر المحافظين- نريد أن يكون للنساء مجال رحب في البيع لملابس النساء الداخلية وغيرها، وإنما في أسواق تختص بها، فإن للنساء حقا في اتخاذ الخصوصية، وأنت وأمثالك لا تريدون هذا، مع أنك تقر أنه أكثر صيانة للمرأة، ولكنك تصر على أن يكون بين الرجال والنساء احتكاك بوسيلة ما.

قال: «تسأل: (أين الدليل؟)، فلا تجد إلا التشدد، والتعصب للعادات والتقاليد الموروثة والتحصن، لتنفيذ أهوائهم، بحجتهم المحببة إلى قلوبهم (سد باب الذرائع)».

وأنا أقول لك يا أخي محمد: سألت من؟ وبأي وسيلة؟ أسألتهم في صحيفة؟ أو في سؤال على الهاتف؟ أو في مجالس خاصة؟ إن كان في صحيفة؛ فلست أنت صاحب قرار حتى تجاب عن سؤالك، وإنما يوجه الجواب لأصحاب القرار، ولست أيضا من أهل العلم؛ لأن للعلم مواطن يُفَرَّقُ فيها بين التعلم - الذي يكون بين عالم ومتعلم -والمناظرة التي تكون بين عالمين- ولا أراك تنتمي إلى أحد النوعين، وإن كان في سؤال على الهاتف فقد سمعنا أجوبة العلماء في الهاتف، وتعليلهم، وليس من أدلتهم في هذه المسألة «سد الذرائع» الذي تتندر عليه، وتفهمه على غير وجهه، وإن كان في مجالس خاصة، فلا حكم لها، لأن مجالسك ليست حكما على الأمة.

ولكني سأسألك: إذا كان أهل الحسبة والخير يطالبون بأن يكون للنساء أسواق خاصة، وأنت تطالب بأن يكون لها أسواق مختلطة، فأي الفريقين يُنْسَبُ إلى الهوى؟ ما أراك إلا ركبت الهوى في وصفك أهل الحسبة بالهوى حين قلت: «لتنفيذ أهوائهم».

قال: «أفضل ما قرأت هذه الأيام في (تويتر) على الانترنت، عبارة تقول: (فلسفة «سد باب الذرائع» في المملكة تعني منع المرأة من الحلال، كي لا يقع الرجل في الحرام)، وهذا في رأيي توصيف دقيق لممانعات بعض الوعاظ المنتمين لدينا للفكر المتشدد».

وأقول: يا أخي محمد، هل أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بالتستر من الرجال، أو أمرها بالتبرج والسفور، إن قلت: أمرها بالسفور فقد غالطت نفسك، ومبدأك، ولا أظنك كذلك، وإن قلت: أمرها بالتستر من الرجال؛ فهل أراد بذلك حرمان الرجال من التمتع بمناظر النساء، أو أراد الحفاظ عليهم؟ لا أنتظر منك جوابا؛ لأنك بأي الخيارين أخذت فأنت مقر بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالتستر لأمر يتعلق بالرجال، بدليل أن ما تستره المرأة عن المرأة ليس كل ما تستره عن الرجل، فاختر مُشَرِّعًا لك (تويتر) أو النبي صلى الله عليه وسلم.

د. عبد العزيز البجادي - bejady@yahoo.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة