Sunday  19/06/2011/2011 Issue 14143

الأحد 17 رجب 1432  العدد  14143

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

سألني -معلقاً على ما تداولته الشبكة نقلاً عن مقابلة فضائية من نقاش بين سيدتين حول سياقة المرأة انتهى بمعركة بينهما ضاع فيها البرنامج ومديرة الحوار وموضوع النقاش-: أليس هذا دليلا على عجز المرأة عن تحمل مسؤولية الدفاع عن قضاياها وتقديم حلول؟ أرأيت كيف أضاعتا فرصة ثمينة لتوعية المشاهدين حول موضوع سياقة السيارة وضرورته الماسة عدا أنه حق للجميع خارج التأطير الجنسي. دائما تنظر المرأة إلى واقعها وكأنها مسلوبة الحقوق. لماذا؟

قلت: آفة الرأي التعميم. إذا فشلت امرأة أو عدة نساء في إيضاح الموقف فذلك لا يعني عدم اتفاقهن في المشترك الواضح, وهو المعاناة الناجمة عن الأوضاع التي تؤطر المرأة كقاصرة ذهنيا وجسديا. ترى المرأة نفسها مسلوبة الحقوق لأن ذلك هو الواقع فعلا بدرجة واضحة, فهل يجب أن ترى -وهي التي تعاني- أن وضعها مثالي؟. هل تغالط نفسها أم تعمم رأيا خاصا على كلهن؟

في الواقع البيولوجي خلقها الله بكل القدرات العقلية والذهنية وتزيد عن الرجل ببعض القدرات الجسدية التي لا يملكها؛ وهي ليست شرعا أقل مسؤولية, ولكنها في ممارسات المجتمع والعرف مازالت تكافح لتنال حقوقها كما شرعها الله. مهما تعلمت وتدربت وتأكدت أنها تستطيع أن توازي أخاها, بل قد تبزه إذا تمتعت بمواهب متفوقة نجدها أقل حقوقا من الرجل؛ فهل نستغرب أن تنظر إلى واقعها بشفافية فترى نفسها مسلوبة بعض الحقوق التي ضمنها لها الشرع وأكدتها مؤسسات حقوق الإنسان في كل العالم المتحضر؟ حقوق لا يرفضها سوى من لا يفهم الشرع كما يجب, ولا يدرك معنى السواسية في الإنسانية وأفضلية المتقين. وأفهم -من منطلق دوافع الأنانية الفردية أو الفئوية- أن يصر بعضهم ألا تملك المرأة حرية الحركة وحرية الاختيار وحرية المشاركة في الحياة العامة, ولكن لماذا نتوقع منها هي نفسها أن تقبل ونستغرب أن طالبت بحقوق المواطنة؟

**

لا أسوأ من النظرة التآمرية في مسألة المطالبة بحقوق المواطن والمساواة بين الفئات إلا النظرة الرافضة لكون المرأة تمتلك عقلا وقدرات تؤهلها للمشاركة في الساحة المجتمعية؛ فحقوق الإنسانية مصدرها إيماننا بأن البشر خلقوا سواسية في الحقوق والواجبات أمام الله, وهي أبدى من حقوق المواطنة التي يتخيرها بشر لتتماشى مع تفضيلات الفئة الواضعة لأي دستور وطني في أي وطن, دون إنكار أهمية الأخيرة.

النظرة المجحفة بحقوق المرأة وقدراتها جاءت من التخلف المتجذر في الجهل بالحقائق العلمية أنتج قناعة البعض -الأدنى فهما للدين ووعيا بالعلم- أن المرأة قاصرة الفهم بالطبيعة وبالتالي هي عاجزة عن أن تفهم وتناقش قضاياها وقضايا المجتمع أو توضح رأيها قولا وفعلا.

كما هو الحال في كل تقرير تعميمي أقول: آفة الرأي التعميم! ومجرد تأكيد رؤية هذا البعض لكل امرأة أنها قاصرة الفهم بصيغة تعميمية -بمعنى أن كل امرأة قاصرة الفهم بالطبيعة- يحمل بذرة دحض هذا الرأي المتحيز. هذا غير أن هذا الرأي العجيب يتناقض مع ما حملته لنا ذاكرة السيرة النبوية والخلفاء الراشدين -من تقبلهم لحق المرأة في المعرفة لكل التفاصيل مثلما هو حق للرجل , وحقها في التعبير عن رغباتها ومشاعرها واحتياجاتها حتى في ما يتعلق برضاها أو عدمه في العلاقات الحميمة-, وإتاحتهم الفرصة للمرأة لتعبر عن رأيها مباشرة وتناقش معهم قضاياها الشخصية وقضايا بنات جنسها وتتساءل عن التفاصيل وتطالب بحلول وقرارات مرضية.

الرأي الأصح تعبيرا عن الواقع هو أن ليس كل امرأة عاجزة عن توضيح احتياجاتها ومناقشة قضاياها وقضايا المجتمع؛ مثلما ليس كلهن قادرات على ذلك. والأجدى أن ينظر إليها بموضوعية في كل حالة ولا يسرى رأي واحد يعمم على كل النساء بضعف أفكارهن أو عجزهن عن تحمل المسؤولية مقارنة بالرجال أو تفوق كل الرجال على النساء. كل رأي ينفي كفاءة قدراتها العقلية ويحرمها من المساهمة لمجرد أنها أنثى هو رأي خاطئ طالما هو معمم على الجميع. وقد يصدق إن قيل عن امرأة معينة فهناك بين النساء مثلما بين الرجال درجات من القدرة ومن العجز.بعض النساء مثل بعض الرجال عاليات النبرة مما لا يريح المجتمع التقليدي بشقيه نساء ورجالاً.. ولكن علو نبرتها لا يعبر عن نقص في مروءتها عن رجولته حين تعلو نبرته في الحوار, بل يعبر في الحالتين عن شدة الضيق ورفض استمرار المعاناة وكأنها الوضع الطبيعي الذي لا يناقش ولا يعترض عليه.

كل شيء في ممارساتنا وأعرافنا قابل للبحث والنقاش بصورة واعية والاعتراض عليه وإبداء الضيق به.. والتغيير لما هو أفضل.

 

حوار حضاري
هي.. والتعبير عن قضايانا
د. ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة