Friday  24/06/2011/2011 Issue 14148

الجمعة 22 رجب 1432  العدد  14148

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} سورة البقرة

كان يوما لا يشبه الأيام التي قبله، للمرة الأولى في الغربة أرى أمامي مشهدا لفاجعة الموت.

قبل أشهر مات خالي وأنا في الغربة وفجعت به وحزنت مرتين الأولى لأنه مات والثانية لأني لم أستطع أن أكون بجانب أمي وقتها، لكن أن تكون داخل المشهد يختلف عن أن تراه أمامك، تبدو الصورة واضحة لضعف الإنسان وقلّة حيلته أمام الموت.

حينما اتصلت أختي لتخبرني أن والد صديقتنا «ميّ» توفي فجأة، وكنت أسمع صوت بكاء «ميّ « كنت لتوّي أوصلت الصغار إلى مدارسهم وبدأت في التفكير بجدول الالتزامات اليومي من دراسة ومسئوليات عّدة.

لكن ما أن أنهيت المكالمة حتى اتجهت إلى حيث «ميّ «، كنت أمشي ولا أعلم أي الشوارع كنت بها أسير، تحولت جميع شوارع مانشستر إلى صورة واحدة لا ملامح لها فالموت هو الحقيقة الوحيدة في حياتنا.

ذكرت الله كثيرا لأتماسك فالفتاة بحاجة إلى دعم واحتواء في مثل هذا الموقف، تذكرت كل الأحبة الذين غيبّهم الموت، وتذكرت «ميّ» وحديثها عن والدها بإعجاب وارتباطها به. الموت في الغربة، حينما يأتي فجأة مثل الخنجر المسموم يجعل الألم يسير في شرايين دمك.عندما رأيت «ميّ» وهي تبكي شعرت بأنها إحدى بناتي خفت عليها من الصدمة ومن آثارها وقتها.

« ميّ» الصديقة التي عرفناها في «مانشستر» وقت دراستي وأختي للغة وارتبطنا بها حتى بعد أن اتخذت كل واحدة منا طريقها المختلف في التخصص الدراسي، «ميّ» الطالبة المتفوقة التي لا تفارق الابتسامة وجهها تنكفئ على نفسها في بكاء صامت لا ينقطع، لاشيء وقتها سوى آيات الله يمكنها أن تنزل السكينة على قلبها.مهما تحدثنا ومهما قلنا من عبارات العزاء فالموقف أكبر من كل الكلمات، فجأة تعيش مشهدا لم تتخيله يوما لحبيب غاب دون أن تودعه.استطاعت أختي أن تجهز كل الترتيبات مع الملحقية، برباطة جأش لتعود «مي» إلى أهلها في جدة بينما بقيت أمسح على رأس «ميّ» وأقرأ آيات الله وأتأمل كيف هي الحياة تبدأ وتنتهي في لحظة.

وسافرت «ميّ» ما أصعب أن تسافر في رحلة طويلة تصاحبك الأحزان لتلقى وجها لن تراه بعد ذلك.

اللهم اغفر لوالد «ميّ» وانزل السكينة على قلب «ميّ» ووالدتها وإخوتها وآجرهم في مصيبتهم.

اللهم أطل في عمر الأحياء من أحبتنا ومتّعهم بالصحة وارحم الأموات منهم، وأنر قبورهم وارزقهم الجنة.

nahedsb@hotmail.com
 

مسؤولية
غربة الموت فاصلة
ناهد سعيد باشطح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة