Monday  27/06/2011/2011 Issue 14151

الأثنين 25 رجب 1432  العدد  14151

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أتحدث اليوم عن أحد القرارات المهمة التي جاءت في أوامر المليك - حفظه الله - بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد.

بصراحة منذ تولّي قائد هذا الوطن، وهو يصدر قرارات متلاحقة للنهوض بهذه الدولة الرشيدة التي تعتبر نموذجاً للدولة المسلمة في عيون الآخرين (لأنها في قلوب المسلمين) فهي بلاد الحرمين.

عندما نتوقّف عند رؤية خادم الحرمين الشريفين الثاقبة لإنشاء هذه اللجنة - نجد أنه سيكون هناك قانون وحساب والضرب بيد من حديد على كل من يخل بالأمانة مهما كانت، سواء مالية - إدارية - وسلوكيه - أو حتى اللفظية - ليكون مجتمعنا مجتمعاً مسلماً بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

الإسلام قام على الأمانة والصدق والإيثار والحق والعدل والمساواة وحفظ الحقوق، وعلى الكثير من المبادئ والقيم النبيلة - لذا انتشر الإسلام ووصل إلى كل العالم من خلال الأخلاق الحسنة والتعامل الصادق من المسلمين الأوائل، وتفانيهم في خدمة دينهم وأمتهم وأوطانهم.

وهكذا يجب أن يكون المسلم وبلاد المسلمين في كل مكان، هناك تعاليم شرعها الإسلام من خلال دستورنا الخالد القرآن الكريم الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلاّ أحصاها - أولها عدم الاستهتار أو الخلل بالأمانة ولابد من محاربة الفساد بنشر مفهوم النزاهة والشفافية - لدينا في الإسلام تشريعات كثيرة تحفظ الإنسان المسلم من الزلل والوقوع في الخطأ - وتنجيه من عذاب الدنيا والآخرة - إذا طبّقها بصدق - وإذا فعل بلاشك هو مواطن صالح لا يحتاج لمراقبة، لأنه يعامل الرقيب الأول عليه قبل كل شيء، يعامل ربه سبحانه وتعالى - فتربيته الصحيحة وضميره اليقظ يمنعانه من الخيانة والزلل، يمنعانه من الوقوع في براثن الرشوة واستنزاف الآخرين بأموالهم وممتلكاتهم وحتى في أنفسهم.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}

التوجيه هنا واضح... والأوامر والنواهي واضحة من رب العالمين سبحانه - فكيف نخل بهذه الأوامر الإلهية، التي أتت لمصلحتنا أولاً، ولمصلحة مجتمعنا أيضاً، لأنّ العقاب شديد فهل فكر المسلم الذي يرتكب المخالفات ولا يطبق الأوامر والنواهي غير عابئ بما سيلاقيه في الدنيا والآخرة نتيجةً جمع مال غير مشروع - أو تنفيذ مشاريع استخدم فيها الغش والتدليس من أجل الكسب الحرام - ولا يعلم بأنّ هذا الكسب سيعود عليه وعلى أبنائه وعلى ماله بالخسران؟

الأمانة حمل ثقيل.. ومسؤولية عظيمة عُرضت على السماوات والأرض والجبال وهي قوية صلبه فأبَيْن أن يحملنها، فكيف نحن نخون الأمانة إذا كان الإنسان تحمّلها نتيجة ما أنعم الله عليه من العقل والفهم.. فهو يدرك ويميّز الخبث من الطيِّب.. الحلال من الحرام، ويستنير ويهتدي بما وهبه الله للقيام بتحمُّل الأمانة وأعبائها في أي موقع كان، ومهما كان عمله صغيراً أو كبيراً لينال رضى الرحمن.. إنّ الله وضع كل هذه التشريعات لعدم فساد المجتمع واختلال نظامه، وحرّم الرشوة على الإنسان ليحميه من الوصول إلى الباطل، وللأسف أصحاب النفوس الضعيفة والضمائر الميتة وضعف الإيمان عند البعض، جعلهم يفسدون في الأرض.. الفساد لا يقتصر على سرقة المال أو التزوير والغش والظلم فقط، بل يشمل كل ما يسيء للمسلم والوطن ومكتسباته، أي كل من يخل بالأمن يعتبر أيضاً مفسداً في الأرض ويجب عقابه.. هكذا قال خالقنا سبحانه ورسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.

اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد والتي أسست حديثاً ووضع لها مسؤول برتبة وزير، تشمل كل ما يتعلق بالفساد.. السؤال الذي يطرح نفسه هنا - كيف يا أخي ترضى أن تتبع الشيطان وتنال عقوبتك من الله وتطرد من رحمته؟ ماذا ينفعك كل ما جمعته من مال؟ هل ستخلد في الدنيا حتى لو تركته لورثتك من بعدك اللعنة ستشملهم من المال الحرام أيضاً هل سينقذونك من عذاب الله يوم الحساب..؟ ! - يوم يفرُّ المرء من أبيه وأمه وأخيه وصاحبته وبنيه!!

يقول صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني وزير الداخلية ورجل الأمن الأول في المملكة، مكافحة الفساد له مدلولات ومعان واسعة وهو كمكافحة المرض، ويجب أن تكون جميع الأبواب مفتوحة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لأداء واجباتها بكل إخلاص وأمانه وسهوله ويسر.

نتمنى لهذه الهيئة التوفيق والنجاح، لنصل إلى الهدف المنشود الذي رسمه قائد هذا الوطن وإخوانه الكرام حفظهم الله جميعاً.

لأننا يجب أن نكون قدوة ويبقى الأهم أن يكون كل منا يحمل ضميراً يقظاً وتربى في بيت علمه ما معنى الحلال وما معنى الحرام وما معنى الفساد في الأرض، لتنجح وتصل هذه اللجنة إلى ما تريد.

وعليك يا أخي المواطن ويا أخي المقيم أن تختار.. إما أن تعيش أميناً كريماً وتفوز برضى الرحمن وبنعمه عليك، أو تختار غضبه وسخطه وعقوبته عليك وانّ عذابه لشديد.. إضافة إلى عقوبة النظام الذي ستناله في الدنيا، وسأسرد هذه الحادثة التي وقعت حديثاً ليس دعاية لليابان ولكن لإبراز الضمير والانتماء.

بعد حادثه الزلزال وتسونامي اليابان أثر ذلك على مناطق زراعية كثيرة نتيجة التلوث الإشعاعي، إضافة إلى تراجع في الاقتصاد وخلل في الحياة الاجتماعية, دخلت إحدى السيدات إلى محل يبيع الخضروات لتشتري احتياجاتها - فسمعت أحدهم يقول لبائع الخضار هل رفعت الأسعار؟ فردّ البائع - لو رفعت الأسعار لا أكون يابانياً ولا استحق العيش على أرض هذا الوطن وأكون خائناً لوطني ومجتمعي.

واجبي أن أخفف الأعباء عن حكومتي ومجتمعي لا أزيد الطين بلة، أنا أبحث عن أرخص الأسعار لأخفضها لا لكي أرفعها.. فعلاً هذا قمة الضمير وقمة الانتماء والشعور بالمسؤولية، وهذا الخلق نادى به الإسلام، ويأتي من بائع خضار غير مسلم وفي بلد غير إسلامي.

كم من التجار يضعون هذا المبدأ في حساباتهم في بلاد المسلمين!!... لن أكون متشائمة!!!

najwakhm@hotmail.com
 

الفساد .. تحت مطرقة العدالة والشفافية والنزاهة
نجوى مؤمنة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة