Saturday  02/07/2011/2011 Issue 14156

السبت 01 شعبان 1432  العدد  14156

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

«لم يجد مريض عشريني حلا لمعاناته المتفاقمة مع أزمة الأسرة بمستشفى... وحاجته الملحة لإجراء عملية جراحية لإزالة ورم بالفخذ الأيمن إلا قيامه بشراء سرير من ورشة حدادة على حسابه الخاص، وطلائه أيضاً بلون متناسق مع أسرة المستشفى، ومن ثم حمله على وانيت والذهاب به إلى المستشفى في محاولة عفوية للتعجيل بجراحته....».

هذا ليس سيناريو لفيلم كوميدي، بل قصة حقيقية نشرتها إحدى الصحف عن معاناة مواطن أصيب بورم، وتم تحديد موعد له لإجراء الجراحة، ثم تم تأجيلها مرات عدة بحجة عدم وجود سرير!. المستشفى في نهاية المطاف طرد المواطن بعد حضوره إلى المستشفى حاملا معه السرير المطلي.

(اصح يا نايم)، فنحن في واحدة من أغنى دول العالم، وميزانية الخدمات الصحية بالمليارات، ومع ذلك نقرأ يوميا ما يشيب لهوله الولدان.

من شاكلة هذه القصص التي تتكرر في كل مدينة وقرية، ما يعني أن هناك خللا في الإدارة. يحكي المرحوم غازي القصيبي قصة توليه وزارة الصحة، وذلك عندما قال له الملك فهد -رحمه الله- إن هناك وزارة استعصت على الحلول، وإنك أنت - أي القصيبي - صاحبها، ثم يسرد الأخير العقبات التي واجهها، والتي يبدو أنها هي نفس العقبات التي يواجهها القطاع الصحي حتى اليوم، رغم مرور ثلاثة عقود على تركه هذه الوزارة! المشكلة يصعب تشريحها في مقال، ولكننا سنحاول على عجل.

أولى المعضلات هي المبالغ الطائلة التي تنفقها الدولة على هذا القطاع مع عدم وجود ما يقابل ذلك على الأرض من منشآت وأيدي عاملة ودواء وفنيين، ما يعني إن هناك خللا في التنفيذ وسوءاً في الإدارة، ولعل اللبيب بالإشارة يكتفي.

يحكي لي بهذا الخصوص أحد موردي الأدوية أنه استورد أدوية لأحد القطاعات، وأوصلها لهم بعد استلام كامل مستحقاته. بعد ساعات، رجعت له السيارة بأحمالها بحجة عدم وجود مكان في المستودع المخصص لها في تلك الجهة!، ومع أن أدويته عادت إليه، إلا أن أحدا لم يطالبه باسترداد القيمة!.

ولا ننسى انعدام الحس الإنساني والتسيب لدى كثير من الأطباء الذين أصبح لا هم لهم إلا زيادة أرصدتهم المالية، وقد أفسدهم القطاع الخاص الذي يصرف عليهم ببذخ، حيث أصبحت مهمتهم في المستشفى الحكومي تقتصر على إحالة المرضى إلى المستشفى الخاص!. مؤلم جدا أن يستوقفك مواطن في الشارع وهو يحمل طفلا أنهكته الأمراض ليتسول منك قيمة علاجه أو دوائه، ونحن في مملكة الإنسانية التي وصل خيرها أرجاء المعمورة.

وثالثة الأثافي هي رجال الأعمال لدينا، والذين يضايقون الفقراء في الحصول على الأسرة، خصوصا في المستشفيات الكبيرة، فلا زلت أذكر رجل الأعمال الذي يملك عشرات المليارات، ومع ذلك نقلته طائرة خاصة إلى أرقى مستشفى عالمي على حساب الدولة، وذلك بالطبع بعد أن أمضى وقتا طويلا منوما في أحد أرقى المستشفيات بالداخل. وهذا بالتأكيد يهون عند من يحجز سريرا يحتاجه مريض بالسرطان من أجل إجراء فحوصات طبية روتينية.

ذات زمن غير بعيد، استوقفتني عند باب أحد المستشفيات عجوز كان بكاؤها المشوب باللوعة كفيلا بكسر أقسى القلوب، وطلبت مني الشفاعة لدى أحد الأطباء المشهورين وهو بالصدفة زميل لي، إذ إنها حصلت على موعد منه بعد أكثر من سنة. وبعدما تحدثت إليه عن حالتها، رمقني بمعشار عين، ثم قال بلا مبالاة: «لتحمد ربها أن موعدها قريب!»، هذا مع أن لديه عيادة في مستشفى خاص تدر عليه ذهبا. أدركت بعدها مدى تأثير الهوس بالمال على الحس الإنساني.

وختاما، نأمل أن ينزل مسؤولو الصحة وبالذات وزيرها من أبراجهم العاجية إلى حيث الناس والمعاناة والآلام، فهذا ما يحثهم عليه خادم الحرمين الشريفين باستمرار، كما نأمل استغلال الخبرة في «فصل التوائم» لفصل «الحق عن الباطل»!.



فاصلة

«المواطن الذي يحصل على حقه كاملا في المسكن والتعليم والتطبيب هو جندي احتياط في جيش الوطن!».

amfarraj@hotmail.com
 

بعد آخر
أين سريرك.. أيها المريض؟
د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة