Sunday  03/07/2011/2011 Issue 14157

الأحد 02 شعبان 1432  العدد  14157

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يخطيء من يظن أن إسناد تدريس الصفوف الأولية من المرحلة الإبتدائية إلى معلمات بدل معلمين، يعد توجها جديدا، وأنه يعد خرقا للنظام التربوي في منظومة التربية والتعليم، فجل التربويين الذين عاصروا البدايات الأولى لسن الأنظمة في الأجهزة المعنية بالتربية والتعليم يعلمون أن هذا توجه قديم، وأنه نفذ على استحياء في بعض المدارس، وخاصة الأهلية منها، فقد بقي هذا التنظيم حبيس النسيان في الملفات وأدراج المسؤولين، حتى عهد قريب حيث تم الإعلان الصريح عن الرغبة في التوسع في هذا التنظيم لاعتبارات كثيرة، يأتي في مقدمتها الاعتبار التربوي المبني على كون المرأة أكثر مناسبة وقدرة على المثابرة من الرجل في تولي مهمة تربية الناشئة الصغار وتدريسهم، وإيجاد فرص وظيفية للمرأة باعتبار قوائم الانتظار تكتظ بالكثير منهن.

بناء على هذه الاعتبار الذي يعد من المسلمات التربوية، جاءت الرغبة الصريحة حاليا في التوسع في هذا التنظيم، والترغيب فيه وتشجيعه، وإعطائه مساحة أوسع في خارطة العمل التربوي، وليس بخاف أن جل التربويين يؤمنون بهذا التوجه ويؤيدونه، وذلك استنادا إلى مظنة قوامها طبيعة المرأة الناعمة، وغلبة العاطفة عليها، وبالتالي فالمرأة الأنسب والأقرب إلى تدريس هذه المنظومة المبكرة في السلم التعليمي من الرجل، الذي يغلب عليه مظنة الخشونة والقسوة الملازمة لطبعه وطبيعته، وهي بطبيعة الحال لاتتوافق مع متطلبات هذه المرحلة العمرية من حياة الطالب، وكلا المظنتين صحيحة منطقية، وفي محلهما في العرف البشري.

وعلى الرغم من أن هذه المظنة تعد مسلمة عند جل التربويين، إلا أن هناك من يعارضها ويختلف معها، ويؤكد أن المرأة مناسبة جدا لتدريس بنات جنسها، لكنها ليست الأنسب لتدريس البنين الذين يحتاجون إلى تربية قوامها إظهار علامات الرجولة بكل معانيها وصورها منذ نعومة أظفار الطلاب، فالرجل له سماته وخصائصه التكوينية التي يجب أن يربى عليها وينشأ، وألا يعرض في مرحلة تعد من أهم مراحل التكوين إلى مظاهر من الرقة والليونة مما ينعكس سلبا على بنية شخصيته وتكاملها وفق مقومات الرجولة ومعطياتها التي لا تقبل التنازل حتى لا تخرج عن إطارها الذي فطرها الله عليه.

هذان المنظوران المتعارضان مازالا يتصارعان، ومازال كل واحد منهما يفند رأي الآخر ويدحضه، بل ويتصدى له بالكثير من الاعتبارات التربوية والنفسية والإدارية، وكما هي العادة في مواطن الإختلاف، يشهر كل واحد من المختلفين سيف مخزونه الثقاقي أمام الآخر، مصحوبا بالكثير من التوجس والتأويل والظن والطعن والتلبيس والتدليس، وتفسير الأقوال والأعمال وجرها خارج إطارها المدرك، دون سند أو برهان من منطق أو مبدأ، كل ما في الأمر مواقف متشنجة مبنية على مخاوف وتخمينات تم نسجها في الأذهان وتصديقها، ورفع الصوت بها وتهويلها بقصد إجهاض مواقف الآخر وإسقاطها.

العجيب أن الاختلاف عند جل الأمم مرحب به، بل يعد ضرورة ومطلبا، وهو مما يثري الخبرة و المعرفة عندهم وينضجها، يختلفون ويبقى كل واحد يحترم الآخر ويقدره، بل ويتنازل بمنتهى التواضع عندما يتبين له بالدليل أن الآخر أقرب إلى الصواب والمنفعة، إلا عندنا، حيث يبدأ المختلفون في النظر إلى المظهر الخارجي للآخر، وبناء على ما يتبين ينطلق كل إلى الطعن في صاحبه، فإن كان ممن تبدو عليه مظاهر التدين، حكم عليه بأنه من دعاة الإرهاب والتحجر، ومحاربة التطور والتقدم، وأسر المجتمع في بوتقة الماضي، وإن كان المظهر عكس ذلك، حكم على المخالف بأنه علماني فاسق، وأنه ليبرالي من دعاة التحرر والتغريب، وبهذا يتفرق المختلفون، ويفضي اختلافهم إلى التباعد والتدابر والكراهية، والخاسر الأكبر من هذا الوضع المجتمع، فبدل أن يكون الاختلاف مصدر إثراء، إذا به مصدر فرقة ومراوحة ومناورة للنيل والسب، والتحذير والتخويف، على الرغم من العلم اليقين أن من سنن الله الأكيدة، أن الله خلق البشر وجعلهم مختلفين، كي يثروا الحياة بتنويع مصادر المعرفة، وتجديد سبل التعامل مع المتغيرات والمستجدات. إن الاختلاف في الرؤى والأحكام في الأمور غير المقطوع في حكمها شرعا، يعد من المستحبات، بل من الضرورات التي تدفع إلى المزيد من الإبداع والابتكار، وأخص مجال التربية والتعليم باعتبارهما مما لا يقبلان الركود والسكون، والثبات والنمطية الساكنة، فهلا نفتح النوافذ ونتقبل الجديد، بشرط المحافظة على الثوابت الشرعية والقيم المجتمعية.

ab.moa@hotmail.com
 

أما بعد
تأنيث التدريس في الصفوف الأولية
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة