Wednesday  06/07/2011/2011 Issue 14160

الاربعاء 05 شعبان 1432  العدد  14160

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

في محاضرة لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله الحميد رئيس مجلس القضاء الأعلى عنوانها: (خطر الأحزاب على المسلمين) ذكر «أن تفرق الناس إلى مذاهب وفرق وأحزاب ظاهرة موجودة, والتنازع بينها مظهر من مظاهر ضعف الأمة» وعبارته تلك تحتوي على تقريرين الأول هو تفرق الناس لمذاهب وفرق وهو ما أتفق معه ولا أجادل حقيقته، والثاني أن التنازع بينها مظهر من مظاهر ضعف الأمة، وهو ما أقف أمامه بتساؤل عن معنى التنازع، فإن المكان المقصود هو التقاتل فكلامه حق لا مراء فيه، وأن المقصود بالتنازع هو التنافس والجدال في سبيل الوصول للحقيقة في شأن من شؤون المصير أو في سبيل إيجاد الحل الأمثل لمعضلة من معضلات التطور والنمو فإن افتراض ضررها أمر يحتاج لنظر، مقالتي هنا ليست لمجادلة رأي معالي الشيخ، ولكنها لإبراز وجهة نظر ترى في أن الخلاف بين الناس أمر حتمي وبديهي، وأن مواجهته بالعمل على جبل الناس على موقف واحد ورأي واحد وقهرهم عن ما هم عليه وما هم ماضون إليه، هو ظلم وجلب للنزاع، والأولى هو خلق آلية يكون الخلاف فيها مصدر قوة ووحدة وإثراء للفكر والمعرفة.

اكتسبت الأحزاب السياسية في واقعنا العربي سمات سيئة لما مارسته من طغيان وظلم وقهر للناس وافتراء حماية مصالحهم وتطوير أوطانهم، واحتراب بعضها لبعض في سبيل الاكتساب المادي لأعضائها، ولكن لو نظرنا لمعظم أمم العالم المتحضرة نجد أن الأحزاب السياسية فيها متعددة ومتنافسة في ظل قانون يحمي الجميع ويحترم حق الجميع في المناضلة الفكرية، فالأحزاب السياسية في المعتاد تقوم على فكرة ورؤية استطلاعية وتتمثّل رسالة تنموية إنسانية، ويشترك في تلك الأحزاب من يجدون في رسالتها وفكرتها توافقاً مع تطلعاتهم، وتطور الأحزاب السياسة من طرحها الفكري تبعاً لواقع التحديات الاجتماعية والسياسية التي تواجه الوطن، وتتنافس هذه الأحزاب لاكتساب دعم المواطنين لتوليها مقاليد الأمور حتى تحقق خطتها التنموية وتدفع بلادها لمزيد من الاكتساب بين الأمم، هذه الأحزاب تحترم بعضها البعض وتتفاوض فيما بينها للمصلحة الوطنية العليا، هذا فيما يخص الأحزاب الوطنية والمؤسسة حول مفاهيم عامة ومشتركة، أما الأحزاب السياسية الفئوية والتي عادة ما تتمثل طائفة وفئة من فئات المجتمع بقصد حماية مصالح تلك الفئة أو تشكيل وزن تفاوضي يستطيع به الحزب اكتساب بعض الميزات لفئته، هذه الأحزاب قليلة التأثير في المجتمعات ذات القدرات الاقتصادية الإنتاجية وتكاد تكون معدومة فيها عندما تكون سيادة القانون منصفة بين مكونات المجتمع، ولكنها مؤثرة وأحياناً جامحة في المجتمعات التي تتنازعها النعرات الطائفية والعرقية أو تلك التي لا يجد المواطنون فيها ما يجمعهم حول مشترك سوى عَلَم الدولة وسلطانها القسري.

في واقعنا العربي لدينا العديد من الخلاف وفي شتى الاتجاهات من عرقي وطائفي لقبلي وفكري ولدينا جموح تجاه إلغاء المختلف الآخر، لذا عندما تؤول السلطة لحزب سياسي أو فئوي فإنه يختلق لنفسه شرعية البقاء الأبدي وقمع من يختلف معه، وعندما يحدث ذلك يصبح كل من يقدم فكراً أو رؤية مختلفة، إما متأمراً أو منحلاً أو ضالاً أو كافراً، ولنا في واقع معظم بلدان العرب والمسلمين خير شاهد، هذا هو ما يؤدي لضعف الأمة وتقسيمها، ويجعل دورها هامشياً في مسيرة الحضارة الإنسانية.

في لحظة صدق مع النفس سيجد أي عربي أو مسلم أن محصلة الإنجاز لمواطنيه خارج الوطن، وأقصد المهاجرين والمهجرين منهم أكثر بكثير من تلك التي تتحقق داخل الوطن في ظل القهر والاستئثار والاعتداد بالرأي والموقف الواحد والادعاء بجمع الناس على صعيد واحد، فلنا أن نعتبر وندبر أمرنا قبل أن لا يجد المواطن في بلده ما يلزمه في البقاء بها إن كان لا يريد أن يكون فرداً من قطيع.

mindsbeat@mail.com
 

نبض الخاطر
حتى لا يكون واحدنا فرداً من قطيع
محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة