Thursday  07/07/2011/2011 Issue 14161

الخميس 06 شعبان 1432  العدد  14161

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في أكثر من مقالة رجعت للإمام ابن الجوزي مستشهداً ببعض أقواله لما أجد لها من أثر نفسي عميق، يجعلني أقف متدبراً هذه الأقوال وأطبقها على واقع الناس، وكيف هي ناجحة وناجعة لكثير من أمور حياتنا.

من هذه الأقوال التي هي غاية في الكمال ومن كمال التوحيد أيضاً قوله: (من أراد أن يعلم حقيقة الرضى عن الله عزَّ وجلَّ في أفعاله وأن يدري من أين نشأ الرضى، فليتفكر في أحوال

الرسول صلى الله عليه وسلم. فإنه لما تكاملت معرفته بالخالق سبحانه وتعالى رأى أن الخالق مالك، وللمالك التصرف في مملوكه، ورآه حكيماً لا يصنع شيئاً عبثاً، فسلم تسليم مملوك لحكيم، فكانت العجائب تجري عليه لا يوجد منه تغيّر، ولا من الطبع تأفف، ولا يقول بلسان الحال لو كان كذا، بل يثبت للأقدار ثبوت الجبل لعواصف الريح).

كلام في غاية الكمال يجعل من الإنسان يقف مردداً له مرات ومرات، ليكشف ضعف إيمانه، وضعف يقينه بربه، وإلا لو كان يقترب من الإيمان الحقيقي لما تعبت النفس، واضطرب القلب، وتشتت الفكر، نتيجة لأقدار كتبت عليك.

قد يقول قائل وأين نحن من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو من أمنه الله ورضى عنه وحقق له السعادة القلبية بهذا الإيمان، والجواب على ذلك أننا مطالبون بالاقتداء به عليه السلام لا لكوننا مثله بأبي هو وأمي، ولكن لكوننا أمته المطالبة بأن تكون مقتفية أثره مستنة بسنته التي هي الراحة وهي الطمأنينة، وهي الحياة السعيدة.

من الأشياء التي تجعل من الإنسان يعيش عيشة هنية سعيدة حتى ولو ألمت به الملمات وتقاذفته الخطوب والمدلهمات قراءة سيرة الرسول الكريم وصحبه الكرام ومن سار على هذا النهج القويم اتباعاً لا ابتداعاً.

أتألم كثيراً عندما أجد إنساناً يتصف بصفات الوعي والتدين والثقافة المتزنة، ويكون مهموماً من لا شيء أو بسبب أمر بسيط لا يستحق كل هذا الضجر، يتأفف ويشتكي على مخلوق أضعف منه وأقل حيلة، ولا يلتفت إلى الخالق بسؤال جاد وطلب ملح، ينظر إلى الثرى ولا ينظر إلى الثريا، تلك النظرة المؤملة الراجية الواثقة، لا نظرة التجريب والمحاولة، يرفع رأسه عالياً كلما جاء إليه الشيطان ليوقعه في حبائل الضجر من قدر الله بغية إخراجه من دائرة الإيمان، لعلمه أن الإيمان بالقدر خيره وشره من الإيمان، وهذا يزيد وينقص من شخص لآخر بقدر وثوقه ويقينه وتوكله ومعرفته بربه.

إن عدم الإيمان بالقدر هو ما جعل ظاهرة الانتحار منتشرة في الكثير من دول العالم الغربي وانحسارها في عالمنا الإسلامي، فمن فقد الإيمان بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطاك لم يكن ليصيبك، عاش عيشة نكدة مهما أوتي من الدنيا جاهاً ومالاً وولداً.

قف مع نفسك واسألها: هل ما كسبته نتيجة تميزك؟ وهل ما فقدته نتيجة تخلفك؟

ستجد أن الجواب لا يمكن أن يكون كذلك أبداً، هذا هو القدر، وهو قمة الإيمان.

والله المستعان،،

almajd858@hotmail.com
 

حديث المحبة
نحن بين الرضا والسخط
إبراهيم بن سعد الماجد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة