Saturday  09/07/2011/2011 Issue 14163

السبت 08 شعبان 1432  العدد  14163

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

** لعلم «الدلالة» مذاقٌ رائقٌ يتجاوزُ ما درسناه في «علم المعاني» خلال المرحلة الثانوية، ثم لم نعد إليه بعدما تشعبت بنا السّبلُ فنأينا عن التخصص الذي عشقه بعضُنا صغيرًا وانتمى إليه كبيراً.

** تبدلت المناهج، وباتت «السيميائية» علامةً فارقةً يميزُ بها دارسُ الغرب عن الشرق الذي توقف بعضُ ناسه عند التعريف العتيد المتمحور حول «مراعاة الكلام لمقتضى الحال؛ فلكل مقامٍ مقالٌ».

** لن ندلفَ أرضًا ذاتَ أنفاق، مثلما لن نصعد فضاءاتٍ ذاتَ آفاق في مقالةٍ عابرة، وسنكتفي بمثالٍ على التمويه التفسيري للمفردة المعجمية حين يكون المستفيدُ هو الخصمَ كما الحكم، وللتدليل؛ فمصطلح «السرقة» قد يتجه إيجابًا نحو علاقة إنسانيةٍ جميلة، لكنه -في الأطر المادية- خللٌ سلوكيٌ يقود لجريمةٍ حسيةٍ أو معنوية؛ سواءٌ أكان السارقٌ منتميًا إلى من هم تحت خطّ الفقر أو فوق خطّ الغنى، وسواءٌ أكان المسروق حفنةَ دراهم أم بنود موازنة أم رسالةً علمية وبحثًا وكتابًا.

** كلّها سرقات، وكلهم سارقون، و»السيميائيون» لا يُفرِّقون بينهم وإن فرّق المُشرِّعون؛ ليبقى استفهامُنا «الثقافيّ الهادئُ المهادن»: كيف يُحمى الساطون على جهود غيرهم الشخصية وتُجاز اختلاساتُهم «العلمية»، ولا يُحقَّق أو يدقَّق في مشروعية بحوثهم وكتاباتهم لوجاهةٍ اكتسبوها، أو لغفلةٍ استغلوها، أو لمنافذ دخلوا منها خِفافًا وخرجوا بِطانًا.

** نعلمُ يقينًا أن كثيرين تحفظوا عن نشر رسائلهم العلمية لعدم تأصيلها، ونعرف -بحكاياتٍ متواترة- أن رسالةً واحدة خرَّجت أعدادًا من ذوي الرتب والنشب استنسخوها حيث لا رقيبَ يحاسبهم أو ضميرَ يردعُهم، وبخاصة من تخرج في جامعات الغرب حيث إمكانات التخفي والتعمية، ووصلت الجرأة ببعضهم -كما يحكي شهود عدول- أن لم يغير «السارق» في الرسالة سوى الاسم والإهداء.

** واليوم تتكرر الصورة مع رموزٍ مجتمعية وأكاديمية تتبادلُ التهم مع آخرين في «مِلكية» كتاب، ثم لا أثر للقضية التي لا تجد من يحملها للرأي العام أو المحاكم الإعلامية ليصدقَ فينا ما قاله حافظ (1872- 1932م):

تضيعُ الحقيقة ما بيننا

ويُصلى البريءُ مع المذنبِ

ويُهضم فينا الإمامُ الحكيم

ويُكرم فينا الجهولُ الغبي

** اعتدنا على هذا وما في مداره، ولم نجد من يلزم ذوي البحوث «المؤكدمة» بنشرها على الملأ، لكن غيرَ المعتاد أن نرتدَّ -منهجيًا وسلوكيًا- لنناقش حُرمة «السرقة الأدبية» وحِلّها، ويتقرب فئامٌ فينا من فئام للتبرير والتفسير والتأويل والتعليل وإثارة الغبار حول وجود شكوكٍ في حكم السرقة العلمية.

** ودون الدوران داخل متاهة التفاصيل فقد حفظنا أن «الإثم ما حاك في النفس وكره المرءُ اطلاعَ الناس عليه»؛ ولا حاجةَ لتأكيد ألا أحد يرغب معرفة سواه باستيلائه على حقوقٍ ليست له.

** تبقى السرقةُ عارًا على من قام بها ومن سترها ومن دافع عنها ومن ظلّ مقتنعًا باحترام فاعليها وإضافةِ هالةٍ مصطنعة حولهم مهما بلغت قيمُهم الاعتبارية، وفي علم الدلالة لا وجود لتغليف وتعمية وإن أذن بشيء من الاستعارة لا الإعارة المنتهيةِ بالعار.

** ظلم شبرٍ من الأرض وهضمُ حقٍّ في موازنة هو ذاته اغتصاب سطرٍ في كتاب، والمداراةُ وزرٌ على من حكم قبل المحاكمة، ومكافحة الفساد تمتدُّ للفكر والذكر، وهما حين يَضلان يُضلان؛ فتتعدى المعضلةُ انتفاعَ فردٍ لخداع مجموع.

** الذاتُ إنجازٌ واعتزاز.

ibrturkia@gmail.com
 

السريرة المنتهكة
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة