Friday  15/07/2011/2011 Issue 14169

الجمعة 14 شعبان 1432  العدد  14169

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الربط بين سلوك زوجة والد الطفل أحمد الغامدي العدواني والذي دفعها لارتكاب جريمة بشعة بقتل الطفل البريء وسلوك أي زوجة أب هو نوع من الخلط والتعميم الذي لا أجد له أي مبرر سوى أنه محاولة لاستغلال حدث فردي لتكريس قناعة بأن زوجة الأب شريرة وعدوانية وظالمة رغم أن هذه القناعة لا تبدو صحيحة في كل الأحوال فما يحدث من سلوكيات فردية لا يمكن نسخها وسحبها على ذات الفئة البشرية للوصول في نهاية الأمر إلى نتيجة جائرة تؤكد أن أي زوجة أب تمارس نفس الأفعال وترتكب أبشع الجرائم متى ما وجدت الفرصة سانحة وإلا فإننا بهذا التفكير سنسحب أي فعل أو تصرف من زوج أم أو أخ أو أخت غير أشقاء على كل فئة من تلك الفئات ونعمم كما عمم من خرج علينا بعد قضية قتل أحمد ووصف «زوجة أي أب» بالظالمة والمجرمة والمسيئة وفي التعميم ظلم فادح كونه يطمس حقائق ناصعة لزوجات آباء أخلصن في تربيتهن وتوجيههن ومعاملتهن لأبناء أزواجهن.

قضية أحمد ما زالت يحيط بها الغموض ولم تنكشف بعد الدوافع الحقيقية للقاتلة وخاصة بعد ما ظهرت في المشهد والدة القتيل المطلقة وأدلت بمعلومات عن والد الطفل وسلوكياته ودخول الخادمة طرفاً جديداً ما يعني أن القضية باتت تزداد تشابكاً لدرجة يصعب معها التحديد الدقيق لمعالم القضية وأبعادها وإذا كان ثمة مشاركون آخرون في الجريمة.

في اعتقادي أن طريقة معاملة زوجة الأب لأبناء زوجها تحدده عوامل ومتغيرات كثيرة جداً منها ما يرتبط بالزوجة نفسها ومدى إيمانها وتمثلها لقيم الحق والعدل والصدق والرحمة والرأفة والتسامح والشفقة واللين من جهة أو قيم الظلم والجور والقسوة والغرور والكبرياء والغطرسة والغيرة والحقد والحسد من جهة أخرى وبمعنى أدق مدى سيطرة نزعة الخير أو الشر على سلوكها وقوة أو ضعف الوازع الديني لديها ويعزز تلك النوازع الأسلوب الذي تربت عليه ونوعية البيئة التي عاشت فيها وحالتها النفسية وما تحمل من عقد مترسبة من الطفولة تؤثر في تربيتها لأبناء الزوج.

والعامل المؤثر غالباً الأب فهو قطب الرحى إذ تتوقف أمور لا حصر لها على حضوره الفاعل وتأثيره في مسرح أحداث الأسرة وحرصه واهتمامه بأبنائه وعدم سماحه لأحد أن يسيء لهم وتعويضه للأجواء الطارئة بفقد الأم أو غيابها القسري عن البيت وتحقيقه للتوازن الطبيعي والمنطقي بالعدل بين زوجته وأبنائه كما أن إهماله لأبنائه ومجاملته لزوجته الجديدة قد تدفع بالعلاقات إلى نفق مظلم.

وفي حالات أخرى قد يكون لشقاوة أبناء الزوج ودلعهم الزائد عن الحد ونفسياتهم المشحونة على القادمة الجديدة دوراً في توتر الأجواء وفي حالات يكونون معينين لها بملاطفتها والتودد إليها والتقرب منها ومساعدتها في شئون الحياة، وتأتي كل تلك التقاطعات التي أوردت غير بعيدة عن سياق المجتمع وتصويره لزوجة الأب بالشبح والشيطانة والسارقة لوالدهم فما دخلت البيت إلا لتسيطر وتأخذ مكان والدتهم حتى ولو كانت أمهم قد غادرت الدنيا من سنوات, ويزيد المجتمع من أوجاع الأسرة باجترار أمثال أسطورية بالية من نمط «اللي أمه بالدار قريصه حار».

لا أنفي وجود زوجات آباء ظالمات ومزاجيات وعدوانيات واستحواذيات لكن في مقابلهن أخريات كثيرات يحملن بين جوانحهن قلوبا بيضاء تحمل الحب لأبناء الأزواج بل إن منهن من كن سببا مباشرا بعد الله في نجاح هؤلاء الأبناء في حياتهم.

shlash2010@hotmail.com
 

مسارات
زوجة الأب واغتيال أحمد
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة