Friday  15/07/2011/2011 Issue 14169

الجمعة 14 شعبان 1432  العدد  14169

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

قد يكون صحيحاً أن الغرب يستغل قوّته لفرض أنموذج العولمة الذي يريده على العالم النامي. ولكنه أيضاً لم يستمد قوّته تلك من فراغ، بل هي نتاج لتطور تراكمي سعى الغرب بجهود دؤوبة إليه.

والعلّة هنا قد لا تكون بالضرورة في النظر إلى تفوقه بالإطلاق، بقدر ما تكون في كيفية التعامل مع هذا الوضع، بدراسة حالة الطرف الضعيف وتلمس أسباب الضعف وتراكمه، فالأمور الحيوية لا تقاس بإطلاقها بل بتداعياتها النسبية.

وهذا هو المدخل للحلقة المفقودة التي أوصلت العالم النامي، والعالم العربي بالضرورة، إلى حالة الانكفاء والتخاذل.

لقد بنى العرب الأوائل حضارتهم، التي خلقت فيهم العزة والقوة، على قاعدة عقائدية قوامها الشرع الإسلامي الحنيف، الذي جاء برسالة تحمل رؤية عولمية شاملة لكل الناس، فجعل المسلمين خير أمة أخرجت للناس.

وأعز الله العرب بالإسلام، فقويت شوكتهم وسادت حضارتهم، وكان شرط ذلك أن يلتزم العرب بالإسلام قولاً وعملاً، وهو شرط ضروري لا يستقيم أمرهم بدونه.

وعندما التزم العرب بالشرط، كانت لهم الكلمة ودانت لهم الدنيا يفرضون أنموذجهم على أصقاع العالم، وكانت مفاتيح العولمة وأدواتها طوع بنانهم ورهن قولهم. وبالتفريط في الالتزام التام برسالة الإسلام، جاءت حالة الانكفاء والتخاذل، فتكالبت عليهم الأمم من كل حدب وصوب، فأصابهم الهلع ونمت فيهم غريزة الرفض السلبي، بعد أن خمدت جذوة التفكير العقلاني في تلمُّس أساب الانكفاء والتخاذل، فضعف الطالب والمطلوب.

ولم يكن لأنموذج العولمة الغربي أن يتسيد ساحة الفكر في العالم، إلاَّ بضعف المواجهة العربية التي خذلت نفسها وجنت عليها بفعلها هي، وكأنها تقول بيدي لا بيد عمرو، تماماً كما جنت على نفسها براقش، فالضعف في حقيقته ذاتي التكوين، إذ تخمد قدرات الإنسان وتتحجم ويعتريه اليأس والخمول، عندما يفقد القدرة على استغلال إمكاناته الطبيعية، أو تتراجع في داخله دوافع الإبداع والابتكار.

وهذه السلبية للإنسان هي بداية أعراض الإحباط التي تؤدي به إلى الضعف الروحي والمادي. وإذا كانت حالة الضعف الروحي قد يصعب تقييمها بمعايير مادية، إلا أنه يمكن استخلاص آثارها المدمرة على مناحي الحياة الفكرية والاجتماعية وما تفرزه من ضعف الإيمان.

وإذا ضعف الإيمان تتداعي كل مرتكزات الفكر الاجتماعي التراكمي السائد وتتراخى مقومات صمودها، فيسهل اختراقها وربما تغييرها.

وهنا يكمن الخلل وتتحدد معالم إشكالية الضعف، ويمكن ربط المضمون العقائدي بالمضمون المادي في دراسة إشكالية مواجهة العولمة بأنموذجها الغربي المطروح.

* رئيس (دار الدراسات الاقتصادية) - رئيس تحرير مجلة (عالم الاقتصاد) - الرياض

 

شذرات اقتصادية
لا.. للانكفاء والتخاذل
عبد العزيز إسماعيل داغستاني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة