Sunday  17/07/2011/2011 Issue 14171

الأحد 16 شعبان 1432  العدد  14171

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

مدارات شعبية

 

سياحة في بيت
عبدالعزيز القاضي

رجوع

 

يا نجــد ريمك بهن فرقي

في طول عنقة ومركاضه

خالد الفيصل

وأظن أن البيت ليس بحاجة إلى شرح, فهو واضح سهل الألفاظ, وهو من مقطوعة جميلة صدح بها الفنان الكبير محمد عبده. والبيت ليس أجمل ما في القصيدة, والقصيدة ليست أجمل ما قال خالد الفيصل, وما دعاني إلى السياحة السريعة فيه هو كلمة (مركاضه)..

فهذه الكلمة تدير رؤوس أهل البلاغة حيرة, وللتوضيح أقول إن البيت - كما يبدو لي - فيه استعارة تصريحية, فقد شبه الفتيات الجميلات في نجد بالريم وهي الظباء, وذكر أن جامع الجمال في التشبيه بين الطرفين هو طول العنق المركاض, وطول العنق صفة جمال في النساء بلا أدنى شك, لكن المركاض, وهو اسم مصدر للركض, هو المشكلة! والركض - والمقصود به سرعته وتقنياته طبعا - صفة خاصة بالمشبه به, ولا يمكن تمريرها للمشبه وهو النساء, ولا أظن أن عاقلا يمكن أن يتخيل أن توصف المرأة بأنها جميلة لأنها من عدّاءات المسافات القصيرة أو المتوسطة أو الطويلة, لا يمكن تخيل هذا ولا حتى على سبيل الاستعارة البعيدة أو المغرقة في الخيال الحالم! وربما قال قائل إن البيت حقيقة لا مجاز, فهو يقصد أن ظباء نجد أطول عنقا وأسرع من ظباء المناطق الأخرى.

وأقول: يرد هذا عدة أمور, أولها أن الجو العام للقصيدة طابعه الغزل, وكل ما فيها يوحي بالغزل.

والثاني قوله في البيت التالي:

قلبي على شوفكم حرقي

يا حلو صيفه ومقياضه

والقلب لا يحترق شوقا إلا على الأحبة.. والثالث أنه إذا أراد أن يتغزل بنجد (الأرض والمكان) فإن بيان ميزة ظبائها بطول العنق وسرعة الركض, تفصيل صغير غير مفيد لخدمة المعنى, فنجد يمكن وصف ميزاتها بأمور أكثر تأثيرا وإقناعا كالطبيعة والجو وغيرهما.

إذن فقد أراد الشاعر أن يبين أن من أهم ميزات نجد جمال نسائها اللاتي يشبهن الظباء في الجمال وطول الأعناق..

وإذا كان الأمر كذلك فما الرأي في (مركاضه) هذه؟ والجواب كما أراه هو أن الشاعر أورد صفتين لجامع التشبيه في الطرفين, وهما طول العنق وسرعة الركض, فأما الأولى فهي مشتركة بين الطرفين (النساء - الظباء), وأما الثانية فخاصة بالظباء, ولجأ إليها الشاعر لضرورة القافية بلا شك, لكنها لم تبق ضرورة فقط, بل صارت إبداعا جميلا في البيت لأنها تضمنت فتحا جديدا في الجامع بين طرفي التشبيه الذي قامت عليه الاستعارة, وهو الترشيح للمعنى المقصود بكلمة دالة جامعة, ثم التمويه والتعمية على العمنى المقصود بكلمة تشكك السامع به وترده إلى المعنى الحقيقي, فإن كان عنده إصرار على الفهم فإن كلمة (مركاضه) ستظل تدور أمام عينيه كالخطوط السوداء المستديرة داخل الدائرة المتحركة.

ALKADI61@HOTMAIL. COM
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة