Monday  25/07/2011/2011 Issue 14179

الأثنين 24 شعبان 1432  العدد  14179

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

(1)

يا معشر الإداريين لا تنهوا عن شيء وتأتوا مثله!

ليس أقسى على نفس موظفٍ أن يُؤْمرَ بفعل شيء أو يُنْهَى عنه ثم يفاجأُ بعد حينٍ أن رئيسه نفسه يفعل ضدّ ما أمره به أو نهاه عنه، فقد يطلب من موظف في جهةٍ ما الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف صُبْحاً وعشياً، ويمْتثلُ الموظف للأمر، فيحضر في السابعة والنصف صباحاً، وينصرف في الثانية والنصف من بعد الظهر، ويوماً يكتشفُ أن رئيسه المباشر لا يأْبه بهذه المواعيد، إذ يحضر في التاسعة أو ما بعدها صباحاً، وينصرف قبل حلول الثانية من بعد الظهر، ويحزُّ في نفس صاحبنا الموظف، وهو يرقب تصرفَ رئيسِه العابث، بل يرى فيه مْظهرَ جورٍ إداري وتناقض أخلاقي لا مبرّر لهما!

ويأتي يومٌ، تسوّل فيه نفسُ الموظف له بالتأخّر نصفَ ساعة عن الحضور صباحاً، وحجته أنه مادام أن رئيسه لا يحضر حتى التاسعة، فما ضره هو إن تقدم نصف ساعة أو تأخر، وسيبقى الأمر مجهولاً لدى رئيسه على أي حال !

وتمضي الأيام، ويتكرر تأخرّ الموظف في الحضور، وربما زاد، لكن مصدر التعليل يتغير، فلم يعد تأخّرُه انتهازاً لغفلة رئيسه أو غيابه، ولا انتهاكاً لسُلْطة الأمر أو حُرمة النهي، بل تحدّياً لهما معاً، وكأنّي به يعزَّي ضميرَه قائلاً : إذا كان رئيسي نفسُه لا يعبأ بقواعد الحضور والانصراف التي يأمرنا بامتثالها، فَلِمَ أعبأُ بها وحدي ؟ وما الفرق إنْ أنا جئْتُ إلى العمل متأخَّراً أو انصرفتُ منه مبكراً، ما دام أنّ فعلي هذا لن يُقدَّم أو يؤخَّر شيئاً !

إن هذا المثل يؤكد لنا القولَ بأنّ حرمة النظام في المنظومة الإدارية ليست رهناً بوجوده على الورق فحسب، بل بتطبيقه على الجميع سواء، وليبْدأَ كلٌّ بنفسه، رئيساً كان أو مرؤوساً، وباستطاعة الرئيس الإداري أن يبْنى الاحترامَ لنفسه وموقعه متى طبّق أوامر الإدارة ونواهيها وتقيّد بها اتّباعاً والتزاماً، ويكون بذلك قدوةً لغيره من الاتباع !

( 2 )

ليست (البيروقراطية) وحدها الملوم :

(البيروقراطية) في عُرف بعض (مستهلكيها) مدانةٌ إدانةً مطلقةً في (تعطيل) أهدافهم أو إحباط ما يطلبون، و(عُرْفٌ) كهذا هو بلا ريب (مدانٌ) بدوره بالغلوّ والإسراف فـي سوء الظن، وبإلصاق كل تقصير فـي العمل الإداري .. بـ(البيروقراطية)، متجَاهِلاً العديدَ من الاعتبارات الأخرى ذات العلاقة الوثيقة بالعمل الإداري .

ما الحل إذاً ؟

أبرزُ الوسائل وأهمُّها في تقديري المتواضع لتقليص سلبيات العمل الإداري في هذا الوطن هي الكفُّ عن إسقاط اللوم بأشكاله ومصطلحاته وظنونه على (البيروقراطية) وحدَها، وتحْميلها وزْرَ المشكلات ! هنا أتساءل بكل صراحة ويقين :

أليسَ المواطنُ أحياناً (ملوُماً) حين يصرُّ على مخالفة القاعدة المقنَّنَة للأداء الإداري خدمةً لمصالحه، ملْتَمِساً الوسَائلَ المشبوهةَ وغير المشروعة لاختراقها وصُولاً إلى ذلك ؟!

أليست (الإدارةُ) مسئولةً حين تغفل سُبُلَ التحديث لأنظمتها وإجراءاتها، وتُهْملُ وسائلَ التدريب (والتنوير) للعاملين فيها كيْلا يقَعُوا في المحظور، فيُسيئُوا للناس عن علمٍ أو جَهْلٍ، أو (يسْتثمرُوا) الثَّغراتِ والعثَراتِ في الجهاز الإداري خدمةً لمصالحهم الذاتية .. على حساب المواطن نفسه، استغلالاً لظرفه، أو (استعباداً) لحاجته ؟!

ألسنا جميعاً نحن (مستهلكي) الإدارة شُركاءَ أحياناً كثيرةً فـي تحمُّل مسئولية الفشل الإداري .. حين (نتَستَّر) على (ضعيف الذمة) داخل المنشأة الإدارية، إمّـا خدمة لمصالحنا أو تطبيقاً لمبدأ(.. وأنا مالي ..)، أوحين نلتمس العُذْرَ لضعيف الأداء من العاملين، خَوْفاً أن (نقطع رزق العيال)! لنخْسَرَ نحنُ وتخْسرَ الإدارةُ .. ويخْسرَ الوطنُ، ويظل ذلك الموظف (يرفل) فـي لباس غفلتنا أو تسامحنا،أو ضعفنا الأخلاقي .. أو كل تلك الأمور مجتمعةً ؟!

نعم .. نحن نعيشُ في زمنٍ عَولـميّ صَعب، له تحدّياتُه وفروضُه ونوافلُه، والإدارةُ لا ريبَ، واجهةٌ (مسْتَهدفَة) من الجميع، وهي كاشفةٌ للعيُوب ما لم نجْرُؤ على مكافحتها، الحقَّ أقولُ لكم: إنّ العزفَ (الفلكلوري) على (قيثارة) البيروقراطية، أمرٌ عفَا عليه الزمنُ وعافه ! نريدُ حلُولاً جديدةً بعزائم جديدة .. وأساليب حديثة تُريحنا من ضَنك الفشل الإداري وتداعياته وإسقاطاته !

 

الرئة الثالثة
شيءٌ من التأمّل للسلوك الإداري!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة