Saturday  30/07/2011/2011 Issue 14184

السبت 29 شعبان 1432  العدد  14184

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

أبو أحمد البطي

رجوع

 

الحديث ذو شجون في شخصية جمعت من جميل الخصال وحسن الأفعال وطيب الأقوال.. فالقلم يعجز عن جمع شتات ما تفرق. إنه شخص ملك القلوب، وأحبه الناس، ولهجت الألسنة بالثناء والدعاء له.. لماذا؟ وفي ماذا؟ لأجل خُلُقه الرفيع ونبله العظيم وبشاشته الحسنة وابتسامته الحميدة وجميل منطقه وسماحة باله. إنه أبو أحمد محمد البطي، لقب علق في كثير من الأذهان.. نعم، بريدة تفقد أحد رجالها، وتعزي أهلها وخطباءها وأئمتها ومؤذنيها ودعاتها.. فقد خدم أبو أحمد البطي ما ينيف على ثلاثين عاماً في أوقاف ومساجد بريدة؛ فكان في هذا المنصب محباً محبوباً، أحبه زملاؤه وجيرانه، وأحبه الخطيب والإمام والمؤذن والموظف. عرفته منذ أكثر من خمسة عشر عاماً مذ كنت إماماً عام 1412هـ، وكنت متعاوناً في الخطابة أكثر من اثني عشر عاماً، فكان رجلاً عاملاً بصدق وإخلاص وجد ومثابرة. سل عنه زملاءه، وسل عنه الخطباء والأئمة والمؤذنين، وسل عنه كبار السن، كيف تعامله معهم؟.. ينزلهم منازلهم، ويقدّر ظروفهم، فكم من كبير في السن دخل مغضباً وخرج مبتسماً. كان يحترم الآخرين، ويصلح النزاع وما يحصل من الشجار والخلاف وسوء التفاهم بين الإمام وجماعته وبين الإمام ومؤذنه، وكذا العكس. فكم ساعد وأعان وسهل وخدم وسدّد برأيه.. كان يحب الإصلاح والوفاق بقدر الإمكان، ومواقفه شاهدة بذلك، وحديث المجالس ناطق بذلك. كان يخدم خدمة بجد، فانظر وقت الإجازات وأيام العطل والرحلات والأسفار والتنقلات ومواسم الأعياد وأوقات المناسبات يرتبها ترتيباً وتنظيماً.. فذات مرة رأيته بعد الجمعة مباشرة خارجاً من الجامع وهو يتصل بالجوال ويخاطب خطيباً، فقلت لو أقفلت الجوال حتى لا تنشغل، فقال لا أغلق الجوال حتى قرب خروج الخطيب خشية خروج خطيب قام بالنيابة عن خطيب لا يعرف المسجد أو خطيب يريد العذر أو يطرأ عليه العذر.

وسل ليلة العيدين وسهره الطويل حتى يستقر كل خطيب في مكانه ومصلاه وجمعته، وحتى المتعاونون لهم حظ منه بالتيسير والتسهيل وتشجيعهم على الخطابة ممن فسح لهم وحثه على ذلك. وقال لي ذات مرة: عندنا بحمد الله طاقات وقدرات نحرص على ظهورها للمجتمع فيستفيد أصحابها ويفيدوا منضبطين بالأنظمة وأهل المنهج الواضح. وكم شاهد المتعاونون أيام الحاجات والمناسبات والإجازات وأوقات العطل بالاتصال عليهم وترتيب ذلك. الناس يختلفون في مشاربهم ومتطلباتهم وقدراتهم؛ فكان كل شخص له منزلة؛ فيُرضي الجميع.. ابتسامته لا تفارق محياه للمراجع والموظف والصغير والكبير، يقول الناس يختلفون فالشيخ وطالب العلم والخطيب والإمام والداعية ليسوا كغيرهم كل له قدره ومنزلته. كريم السجايا، حسن المزايا، يهاتف بالجوال فلا تسمع إلا النبرات الجميلة والتحايا الجليلة. وهبه الله الخُلُق كرماً ومنّاً، وهذا الأدب عطاء وبراً؛ ولهذا أحبه الناس وفقدوه ودعوا له وحمدوه على أفعاله وأقواله المبذولة. كان مثالاً يُحتذى بأخلاقه النبيلة وأداء عمله الوظيفي. والناس لا يسعهم المال ولا الجاه ولا الحسب ولا الهدايا، وإنما يسعهم حُسْن الخلق الذي هو أثقل شيء في الميزان وأقرب الناس إلى رسول الله أحاسنهم أخلاقاً، وخير الأصحاب أهل الخلق، وحسن الخلق ذهب بخيري الدنيا والآخرة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة.

إذا لم يكن خيل تهديه ولا مال

فليسعد النطق إذ لم يسعد الحال

وقد ابتُلي بمرض ألمّ به فكان يتحلى بالصبر في مصابه والرضا بما أصابه، ولا يتشكى، ترى ذلك على صفحات وجهه حامداً شاكراً صابراً حتى آخر لحظاته وأيامه. وموعدكم يوم الجنائز؛ فكان مشهداً عظيماً، شهده جمعٌ من أطياف المجتمع على اختلاف طبقاتهم، العالم وطالب العلم والداعية والموظف والإمام والمؤذن والصغير والكبير.. فرحم الله أبا أحمد رحمة واسعة، وغفر له ذنبه، وأصلح عقبه، ورزق والدته وزوجته وأهله الصبر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

خالد بن علي بن صالح أبا الخيل

عضو الدعوة في فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالقصيم

إمام وخطيب جامع أبي هريرة - رضي الله عنه - بحي المنار ببريدة

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة