Sunday  31/07/2011/2011 Issue 14185

الأحد 30 شعبان 1432  العدد  14185

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

في عام 1962م سئم الألماني هاينز ستوكي وظيفته في مصنع الحديد، فاستقال وانطلق في رحلة حول العالم ليتفسح ويتأمل الأرض وأهلها، لكن الغريب أنه لم يستعمل طائرة ولا سيارة، بل دراجة.

أخذ هاينز دراجته من مدينته الصغيرة هوفلهوف شمال شرق ألمانيا وانطلق. قضى عشرين سنة على دراجته وفي عقد الثمانينيات الميلادية قرر أن يزور كل بلد في العالم، وهذا ما فعله، فقد زار 195 دولة و78 إقليماً، ولما أتى عام 1999م وهاينز يجول العالم، قامت موسوعة جينيس بتسجيل اسمه ورحلته في سِجلّ أرقامها القياسية، وأعلنوا أنه قطع بالدراجة مسافة لم يقطعها أي شخص آخر. هنا الغريب: لا زال هاينز حتى كتابة هذه السطور يجول العالم على دراجته ولم يرجع حتى الآن لمدينته! يبلغ من العمر اليوم 71 عاماً وقطع في رحلته أكثر من 609 آلاف كيلومتر بين عام 1962 و2010، ويعيش على التبرعات وعلى دخله من مبيعات صوره التي التقطها (صوّر أكثر من 100 ألف صورة) وبعض المصادر الأخرى المتواضعة. له مدونة على الإنترنت ولا زال يكتب فيها تجاربه، ومن الطبيعي أن الشخص إذا سافر مثل هذه المسافة أن تحصل له مواقف وأخطار، وهذا ما حصل لهاينز، وينقل بعض المشاكل التي تعرض لها.

ففي تشيلي في أمريكا اللاتينية كان في الصحراء واصطدمت به شاحنة وهو على دراجته، وفي جزيرة هايتي لاحقه جمعٌ غاضب من الناس ونجح في الهروب منهم، وفي مصر ضربه بعض الشرطة حتى فقد وعيه، وفي الكاميرون اعتقله بعض الشرطة بتهمة الإساءة للدولة، وفي أمريكا مر بجانبه رجل لطيف وعرض عليه أن ينقله لمكانٍ بعيد كان هاينز يريد الوصول إليه فوافق هاينز ولكن الرجل سرق متاعه كله وهرب، وفي اندونيسيا عام 1974 أصيب بمرض الزحار (مرض يسبب آلاماً ومشاكل في المعدة والأمعاء)، وفي زمبابوي عام 1980م أطلق بعض الثوار الرصاص عليه وأصيب بواحدة في قدمه، وفي موزمبيق عام 1995م كان يستحم في أحد الانهار وهاجمه النحل، وأما آخر مشاكله فكانت عام 2006 في بريطانيا عندما سُرقت دراجته، وهي نفس الدراجة التي استخدمها منذ عام 1962م، ولكنها وُجِدت في اليوم التالي في أحد المنتزهات. في عام 2012م، وإذا كان هاينز عازماً على الاستمرار في رحلته، فهذا يعني أنه سيكون قد أكمل 50 سنة وهو يدور حول العالم بدراجته.

رغم أنني من الأشخاص الانطوائيين ممن يفضلون الجلوس في البيوت بعيداً عن هذه الأنشطة إلا أنني لطالما رغبت أن أخوض تجربة شيقة وجديدة مثل هذه (بدون الضرب ولسع النحل طبعاً!) ولكن لم يحصل لي ذلك، وهذه رغبة أعتقد أن الكثير منكم يشاركني فيها، ومن يعتقد أن هذه التجربة طويلة ولا يرغب في رحلة تأخذ سنيناً طويلة فلعله سيستمتع برياضة جديدة نسبياً وهي ما يُسمى بسباقات التحدي، وهي عدة سباقات قائمة على التحمل واللياقة الجسدية، مما يعني أن محادثكم مستبعد منها تلقائياً للأسف! ولكنها شيقة، فيبدأ السباق بالجري خلال التلال، ثم ركوب الدراجة خلال الجبال، ثم التجديف عبر نهر، ثم ركوب الخيل والجمال، يأتي بعدها الطيران إما المظلي أو الشراعي، يتلوه تسلق الجبال واختراق الكهوف، بعدها السباحة، ثم تجاوز الوديان الضيقة على الأقدام، يتبعه ركوب لوح صغير واجتياز نهر، وأخيراً تسلق الهاويات بالحبال!

كما يتضح هذه رياضة قاسية جداً وتحتاج الكثير من التمرين والاستعداد والقوة، لكن في النهاية فإنه من السهل أن نغبط من يقهرون مخاوفهم ويقتحمون المجهول والمخيف، فتلك المغامرات في حد ذاتها هي الجائزة فعلاً، وليس فقط الفوز في تلك التحديات.

 

الحديقة
شهوة المغامرة
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة