Saturday  06/08/2011/2011 Issue 14191

السبت 06 رمضان 1432  العدد  14191

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

في محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه ووزير الداخلية ومعاونيه تثبت مصر للعالم وللمرة الثانية بعد قيام الثورة الجديدة والإطاحة بالحكومة السابقة سلميا تثبت للعالم حضارية هذا الشعب وهذه الدولة. مصر ليست استثناءً عن دول العالم التي أطاحت بالدكتاتورية سلميا لكن مصر من حيث جغرافيتها الإفريقية وعروبتها القومية وانتمائها للشرق الأوسط والعالم الثالث يجعلها استثناء وشيئا مغايرا أن يسقط الشعب الدكتاتور ثم يحاكمه محاكمه مدنية, فهذا لا تحدث على الأقل في الوطن العربي الذي عرف تاريخه الحديث الاغتيالات والتصفيات والمحاكم الصورية والسريعة، منذ بداية عام 2003م الذي كان الشرارة الأولى للربيع العربي غير المقصود بعد سقوط بغداد والمحاكمة السريعة لصدام حسين ثم شنقه بصورة بوليسية، كان حسني مبارك يقف موقف الواعظ والناصح العربي يلقي بالنصائح للعرب والتحذيرات, كذلك وقف حسني مبارك نفس الموقف في حرب لبنان 2006م عندما شنت إسرائيل هجوما بغيضا ومقيتا على الشعب اللبناني في الجنوب ليلقي حسني مبارك النصائح والتحذيرات للبنانيين, وحدث نفس الشيء مع الفلسطينيين عندما أمطرت إسرائيل قنابل الحقد والعنصرية على غزة وقف حسني مبارك يقدم النصائح والحكمة والموعظة لنساء وأطفال غزة وهم يستقبلون القنابل المحرمة دوليا, ويزيد من إحكام حصار الحدود والمنافذ على غزة. اليوم يلاقي نفس المصير في ظل الربيع العربي الذي بدأت إرهاصاته من سقوط بغداد وحرب الجنوب اللبناني وحرب وحصار غزة ليتحرك الشعب العربي ويبدأ من تونس من الإرث الحضاري والتاريخي حيث كانت الحضارة العريقة في قرطاجة ومن تحركات الجيوش العربية الإسلامية التي مرت من هناك لفتح إفريقيا ثم تأسيس (سوسة) والمهدية والحضارة العبيدية الفاطمية وتحركها إلى مصر هبة النيل التي كانت مهدا للحضارات القديمة في عصور ماقبل التاريخ ومنذ أن كان النيل يجري شمالا مخالفا الأودية والأنهر كانت الحضارة البشرية (السكانية) تأتي من قلب إفريقيا من استوائياتها وغاباتها وترحل شمالا مع مياه النيل من الخزان البشري كما يقول علماء الإنثروبولوجيا إلى أرض (الحضن) وأرض الترع والطينة الزراعية لتصنع لنفسها حضارة بشرية تمزجها مع حضارات أخرى لتذيب حضارات ثلاث في حوضها: شرق البحر المتوسط العربي, مع غرب المتوسط, والمد الإفريقي, الذي يشكل العمق السكاني. هذه مصر لم تظلم أبناءها بل كانت عادلة عندما أقامترئيسها السابق محكمة مدنية قانونية تعج بالمحامين والعدليين والحقوقيين أمام عدسات التلفزة والمحطات الفضائية بصورة تعكس حضارة هذا الشعب العريق بتاريخه وناسه ومؤسساته ودولته.عريق ببعده الحضاري القديم وتاريخه الحديث فلم ينصب المشانق ويستبق الحكم ولم يحبس آراء المدافعين, أراد أن تكون نموذجا للمحاكمات العربية القادمة, تعطي للمتهم حقه الكامل للدفاع عن نفسه, وتتيح لجهات الادعاء أن تكشف الحقائق والمتورطين للرأي العام... الكثير راهنوا على حضارية الشعب المصري ومؤسساته العدلية والحقوقية بأن تحافظ على مسار المحاكمة في إطارها المدني والعادل وإبعادها عن الجدلية والتطويل الذي قد يضر بثورة هذا الجيل الذي ولد من الثورة العلمية والتقنيات والجامعات والمؤسسات الدستورية والثقافية, جيل ذهب إلى ميدان التحرير ينشد العدل والإطاحة بالدكتاتورية أيا كان مصدرها, ومحاربة الفساد بكل أشكاله ليجد العالم معه يعاضده ويشد من وسائل تعبيره, ويمده بالتقنيات التي يحتاجها حتى سقط الرئيس ونظامه بفضل الله ثم بفضل اللافتات الاحتجاجية والمظاهرات والحناجر والأدعية والإعلام الجديد.

 

مدائن
حضارية مصر وشعبها
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة