Sunday  07/08/2011/2011 Issue 14192

الأحد 07 رمضان 1432  العدد  14192

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

دخلنا موسم الصيام والقيام وأطهر الأيام.. كل عام وأنتم ومن تحبون والأمة الإسلامية بخير وأمان أعاده الله علينا موسم طاعة وعبادة واحتفاءات يمن وبركة.

قال الله تعالى في كتابه الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .. فقد عرف العرب الصيام قبل الإسلام، وله ومواعيده السنوية وتفاصيل شروطه.. وكان التعامل مع الزمن يتبع المواسم والسنة الشمسية وأسماء الشهور تتبعها فربيع يأتي دائماً في موسم الربيع وجمادى يأتي دائماً في فصل الشتاء والزمهرير والتجمد وشهر رمضان مثل كل تعاملاتهم يتبع السنة الشمسية، فيأتي دائماً في عز هجير الصيف ويعاني فيه الصائمون من العطش والرمض؛ ولذلك سمي رمضان. ولعله كان يواكب الشهر السابع من العام الميلادي وهو أشد الشهور حراً. ثم لسبب ما تحول التعامل في وقت ما إلى حساب السنة القمرية فأصبح الشهر يدور معها فيحل حيناً في الصيف وحيناً في الفصول الثلاثة الأخرى متعاقباً دورياً.

وأذكر من طفولتي أن أول رمضان وعيته كان في عز الصيف في شهر أغسطس مثل ما هو في هذه الأيام وكنا نصر على الصيام مثل الكبار ويدرك أولياء أمورنا -خاصة الأمهات- أننا سنعجز عن الاحتمال، ويتعاملن مع الإشكالية بحكمة وتجربة، فلا يمنعننا عن الصيام, ولكن يفسرن لنا أن الله لا يكلف النفس إلا وسعها وأنه يقبل من الأطفال صيام نصف اليوم!! فإذا أحسسنا بشدة العطش وأبيضت شفاهنا وجفت حلوقنا استعدنا قوانا بشيء نتبلغ به دون شعور بالذنب. واعتبر الأمر تجربة نعتاد فيها على الصيام تدريجياً حتى نصل السن الذي يتوجب علينا قضاؤه بكل تفاصيل شروطه والتزاماته. تلك كانت طريقة تربوية صحيحة وأسلوباً إيجابياً.

كان رمضان وقتها موسم هدوء وتقرب من الله وتقارب بين الأهل والجيران يشاركون بعضهم ما يطبخونه من طعام بسيط ويقضون الوقت في المسجد أو تجمعات الأقربين في المنازل بعد الإفطار. لا برامج تلفزيون تشغل الناس ليلاً, ولا نوم ينسيها الإحساس بالصيام نهاراً.

شوّه قصور الفهم رمضان إلى انشغال بالطعام والشراب وسفر ممتدة وسهر لا علاقة له بالتعبد أو التهجد. فأمسى رمضان موسم قتل الوقت بين الأذان والأذان. وحولت الفضائيات رمضان إلى موسم تتنافس فيه المحطات على اجتذاب المتابعين لمتابعة أحداث وهمية تبرعمت في خيال مبدع والقصد أن يجني منها أحدهم دخلاً وفيراً من الإعلانات المصاحبة تربط رمضان في الأذهان بشراء الشراب الأحمر -وقد أثبت علمياً أن الملون الأحمر ضار بالصحة-, والشوكلاتة وعجينة سين للسمبوسة وشوربة شين وقشطة طاء ورز أبو صاد وزيت يا ليت، واتصالات استزين. وكل البرامج تتنافس على استقطاب الإعلانات باجتذاب المشاهدين. وكأن صلة الرحم وزيارة الأقارب وقيمنا الأصيلة لا تتم إلا عبر قائمة المقاضي وفواتير الهاتف.

اليوم رمضان يأتي في أجواء صيف ملتهب اقتصادياً مع تداعيات الأزمة الاقتصادية عالمياً, ومتأجج سياسياً امتداداً لربيع ملتهب ابتدأ في الشتاء ولم يغادر بعد. ومحطات التلفزيون، إلى جانب برامجها المتخيلة التي تهرب بالمشاهدين من حقائق واقعهم إلى عالم بعيد أو دخيل أو غريب معظمها بعيدة عن الواقعية أو التوعية الإيجابية. فالحمد لله على صمود نخبة البرامج الواعية مثل الشقيري و»طاش ما طاش» التي تحمل أيضاً تفاصيل حقيقية منتقاة من اضطرابات تحيط بعالمنا في خارطته العربية وخارطته العالمية.

اللهم احم عبادك من التهابات الطقس الطبيعي والاقتصادي والنفسي والسياسي. وخفف الحرارة علينا من غلاء الأسعار وغليان النفوس وغلو الأفكار والإنشغال عن الجوهر بالقشور. رمضان لا يرتبط بفقدان الصحة بطراً وسهراً أو نكداً وقهراً. كل عام وأنتم من العايدين السعيدين الواعين بأن رمضان هو شهر محو الآثام.

 

حوار حضاري
موسم محو الآثام
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة